بعد صلاة العصر كالعادة من كل يوم يتوجه الجميع إلى مجلس البلدة للبيع والشراء وتجاذب أطراف الحديث في شتى مجالات الحياة؛ فهاهو "أبو علي" يتساءل خلال الحديث مع بعض الحضور عن وقت دخول الوسم (الوسمي)؛ فينبري له "أبو عبدالرحمن" مجيباً أنه قد تبقى ستة أيام على دخول (الوسم)، فيما يرد آخرون بأن الوسم سيدخل غداً.. ولا يزال الجدل على أشده حتى يظهر "أبو ابراهيم" وكلمته هي الفصل في ذلك، حيث ينتهي إليه علم الفلك في بلدته، بل في كل محيطها من القرى؛ فهو من أشهر المهتمين بدخول مواسم السنة والضابطين للتاريخ وله معرفة ودراية بالنجوم؛ فيجيب الجميع بأن بعد غدٍ سوف يدخل الوسم فعليهم أن يستعدوا إلى ذلك. نحن الآن في «عقرب الدم» ثم «الدسم» ويستمران 26 يوماً ثم يحين موعد «الحميم» لمدة شهر قبل دخول فصل الصيف وقد يتبادر الى الذهن سؤال عن تهافت الناس على أخبار دخول مواسم السنة؟ وكيف أصبحت محور حديثهم في كل جلسة وحين؟، ولعل الجواب هو ارتباط إنسان هذه الأرض منذ القدم بمطالع النجوم والنظر فيها ومعرفة منازلها، وذلك لارتباطها بحياتهم اليومية في الليل والنهار، فهم يعرفون من خلالها دخول فصول السنة ووقت نزول الأمطار، ووقت البرد والحر، ومن خلال حساب النجوم يعرف أهل القرى والفلاحون متى يحرثون أراضيهم، ومتى يبذرون استعدادا لنزول المطر، و"أهل البر" يعرفون مواسم الرعي والسفر، و"أهل البحر" يعرفون مواسم الصيد، ومن أجل ذلك فقد نبغ عدد من الهواة في تتبع مسار النجوم ودخول الفصول ومعرفة الأنواء وصاروا مراجع للناس في معرفة دخول فصول السنة، ومن أهم الأشياء التي برعوا فيها هي بناء (شاخص) في المساجد لمعرفة دخول صلاتي الظهر والعصر عن طريق مسير ظلال الشمس، حيث سهّل على الناس معرفة وقت صلاتي الظهر والعصر ومن ثم الصلاة في وقتها، كما أن بعض البلدات قد تم بناء (مزولة) لمعرفة دخول فصول السنة كالتي في محافظة العلا على سبيل المثال، أو مرصد فلكي لمعرفة دخول الشهور العربية كمرصد (كحيلة)، وهو عبارة عن صخرة تقع في بلاد ثقيف جنوب محافظة الطائف والتي كانت تستخدم منذ خمسمائة عام، حيث يعتبر أول وأقدم مرصد فلكي أثري بالمملكة. ننتظر برد العجوز «بيّاع الخبل عباته» ويستمر لمدة 29 يوماً ثم «الذرعان» مع نهاية الربيع يليها «الكنّة» ويختفي معها «الثريا» جدل أزلي! في كل عام وفي انتظار دخول أحد فصول السنة الأربعة لابد من أن تسمع الاختلاف بين الناس وحتى الفلكيين أنفسهم؛ ففي بداية دخول كل فصل كفصل الشتاء مثلاً الذي يستقبل فيه الناس موسم هطول الأمطار التي هي مصدر سعادة واستبشار.. ويبدو أنه ليس هناك تاريخ معين رغم أن تاريخ دخول الفصول الأربعة وخروجها مثبت بالتاريخ الميلادي إلاّ أنك كثيراً ما تسمع وخصوصاً من كبار السن كلمة (لا يهمونك وحسابهم).. في إشارة إلى عدم اقتناعهم بما يسمعون من الفلكيين أو ممن يدعي علم الفلك وما أكثرهم!.. وما يجعلهم يقولون تلك العبارة هو أن هناك من يثقون في حساباته الفلكية وإن كان من العوام.. وما أكثر هؤلاء الذين ينتشرون في كل بلدة وقرية ويثق الناس في حساباتهم.. ولكن ما الذي يجعل الناس تتهافت في تلقي خبر دخول فصول السنة؟؛ إنها الحاجة الماسة التي فرضتها ظروف الحياة وقساوة العيش لأناس يعتمدون بعد الله اعتماداً كلياً على أنفسهم في زراعتهم ورعي مواشيهم وجلب الماء إلى بيوتهم وإتقان مبانيهم وفي حلهم وترحالهم أيضاً؛ لذا تجد جل حديث الناس عن دخول المواسم خلال السنة لارتباطها الوثيق بحياتهم، ولعل السبب في ذلك تفاوت دخول الأشهر الميلادية والهجرية وبُعد المواقع في البلدان واختلاف درجات الطول والعرض والقرب والبعد من مدار السرطان والجدي وغيرها من العوامل، ولكن رغم ثبوت دخول مواسم الفصول الأربعة في التاريخ الميلادي إلاّ أن هناك خلافاً سنوياً بين الفلكيين المختصين أنفسهم مما جعل الكثير من العوام لا يثق إلاّ بحسابات الفلكيين المحليين الذين لهم باع طويل وتجربة على مرّ السنين والذين أخذوها بالفراسة والتجارب. الفلكي «راشد الخلاوي» مرجع الفلكيين وحساباته أذهلت من جاء بعده.. وشعره وثّق التفاصيل دراية.. وعلم بالتجربة حفظ لنا التاريخ العديد من المواقف التي تنم عن وجود أناس مهتمين بالحساب وعلوم الفلك، وقد سئل أحد المهتمين بعلوم الفلك والنجوم عن بداية دخول نجم العقارب فقال له بأنه يوم غد قبل غروب الشمس فاستغرب من دقة تحديده للوقت وصارحه بأنه يبدو مستغرباً له من دقة تحديد الوقت، فقال له كدليل على ذلك خذ عود شجرة في صباح الغد ثم اكسره فستجده يابساً وقبل الغروب في اليوم نفسه خذ عود شجرة ثم حاول أن تكسره فلن تستطيع؛ لأن الماء قد جرى فيه، وبالفعل فعل ما طلبه منه فصار كما يقول تماماً فزال تعجبه وزاد ثقة فيه وفي علمه، وفي قصة أخرى فإن هذا الرجل بعينه لمّا خرج من صلاة الفجر في يوم التاسع والعشرين من رمضان والناس يشاهدون الهلال قال بأن غداً سيكون عيداً ولن يكمل الشهر ثلاثين يوماً وبالفعل صار غداً عيداً فقد شاهد الناس الهلال. معرفة النجوم ليس من السهل على أي إنسان أن يجيد معرفة دخول فصول السنة بالدقة المطلوبة ومعرفة دخول الشهور الهجرية والتنبؤ بمواسم هطول الأمطار وهبوب الرياح إلاّ إذا كان له خبرة ودراية بمواقع النجوم وتواريخ ظهورها واختفائها، وكذلك معرفة منازل القمر وطريقة احتساب أيام الفصول والأنواء، وقلّة من الناس تجيد ذلك عن طريقة اكتسابها بالخبرة والدراية ومجالسة المهتمين وكذلك بالقراءة في الكتب التي تُعنى بذلك. ولعل من أبرز من برع في هذا المجال وصار مرجعاً للكثير من المهتمين إلى يومنا هذا هو الفلكي الشاعر "راشد الخلاوي" الذي ترك إرثا كبيراً من العلوم والمعارف لا زال ينهل منها الجميع على رغم وفاته من مئات السنين، وقد ساعد في حفظ ارثه العلمي توثيقه بالقصائد التي ذكرها وبدأها غالباً بمقولته المشهورة (يقول الخلاوي والخلاوي راشد) التي أزاحت عنها فرصة السرقة أو الضياع، ومن أشهر قصائده في علوم الفلك قوله: قال الخلاوي والخلاوي راشد عمر الفتى عقب الشباب يشيب حسبت انا الأيام بالعد كلها ولا كل من عد الحساب يصيب حساب الفلك بنجم الثريا مركب يحرص له الفلاح والطبيب فيلا صرت بحساب الثريا جاهل ترى لها بين النجوم رقيب الى غابت الثريا تبين رقيبها ويلا اطلعت ترى الرقيب يغيب ولا قارن القمر الثريا بحادي بعد احد عشر عقب القران تغيب وسبع وسبع عد له بعد غيبته هذيك هي الكنه تكون مصيب ومن بعدها تطلع وبها القيظ يبتدي وتاتي بروق ولا يسيل شعيب ويلا مضى خمس وعشرين ليله ثقل القنا من فوق كل عسيب وتطلع لك الجوزا وهي حنة الجمل وتاتي هبايب والسموم لهيب والى مضى خمس وعشرين ليله يطلع لك المرزم كقلب الذيب والى مضى خمس وعشرين ليله يطلع سهيل مكذب الحسيب والى مضى خمس وعشرين ليله تلقا الجوازي طردهن تعيب تلقا الجوازي ما تناظر مقيله ليله نهار وتجتلد وتليب والى مضى خمس وعشرين ليله لا تامن الما صيبه صبيب كبار السن أكثر دراية بدخول فصول السنة ومتغيرات الطقس منازل القمر يوجد العديد من المهتمين بعلوم الفلك، خاصة من المتابعين لمنازل القمر ومعرفة دخول الأشهر الهجرية والبعض منهم قد بُنى له مرصداً في بيته أو مزرعته بتابع منازل القمر، وخصوصاً لمعرفة دخول شهر رمضان أو لرؤية هلال العيد، وكذلك شهر ذي الحجة، وقد برع العديد منهم واستطاع بالفعل الرؤية وتسجيل شهادته متحدياً بذلك المراصد الفلكية الدقيقة و"التلسكوبات" ومن أشهر هؤلاء من منطقة سدير. التوقيت الزوالي.. والغروبي كان الناس فيما مضى يعتمدون في توقيتهم على التوقيت الغروبي؛ فيبدأ اليوم بغروب الشمس، وذكر صاحب كتاب (مواقيت الأنواء والنجوم) لمؤلفه الأستاذ "محمد القباني" أن هناك اختلافين جذريين بين التقويم الهجري القمري والتقويم الميلادي الشمسي، حيث إن اليوم في التقويم الهجري الإسلامي الذي يسمى أحياناً بالتوقيت الغروبي يبدأ زمنياً بعد غروب الشمس رأساً أي أن اليوم في التقويم الهجري يبدأ بالليل وليس بالنهار، والشهر في التقويم الهجري يبدأ زمنياً بظهور الهلال من جهة الغرب وبعد غروب شمس ذلك اليوم؛ أي أن اليوم والشهر وحدتان زمنيتان طبيعيتان استخدم لتحديدهما ظاهرتان طبيعيتان، والحقيقة بأن الشرع الإسلامي قد أيده لحديث (صوموا لرؤيته)، وتقريباً في اللحظة نفسها في التقويم الميلادي الغربي، والسائد في جميع الدول وبتقسيم معين لخطوط الطول يبدأ اليوم الساعة (12,00) عند منتصف الليل وهذا هو التوقيت الزوالي أما الشهر فيبدأ بعد تراكم أيام محدودة. رحلة البحث عن الفقع بالقرب من رفحاء «أرشيف الرياض» البعول.. وبذرة الست من المتابعين لدخول فصول السنة المزارعين الذين يعتمدون في زراعتهم على هطول الأمطار وتسمى هذه الطريقة من الزراعة ب(البعول)، وتبدأ عملية زراعة (البعول) في الرياض والفياض القريبة من البلدان في أغلب مدن وقرى نجد، وعدد من مناطق المملكة في بداية (الوسم) الأمر الذي يتطلب معرفة دخول الوسم بدقة لبدء موسم الأمطار. ويكون لدى المهتمين بزراعة (البعول) الدراية التامة ببدء وقت (الوسم)؛ لذا تجد من يريد الزراعة قد أعد العدة لذلك مسبقاً، فما أن تبدأ أمطار (الوسم) في الهطول إلاّ ويذهب على وجه السرعة باختيار قطعة من الرياض أو الفياض وحرثها بواسطة الحيوانات للمقتدرين كالجمال والثيران، ومن لم يتيسر له استخدام الحيوانات في الحراثة يحرث بنفسه الأرض بواسطة (المسحاة)، فتجد الروضة الواحدة يشترك فيها عشرة أشخاص إلى العشرين بحسب حجمها واتساعها، كما أن مساحة كل شخص تعتمد على ما لديه من بذور؛ فالبعض يكون لديه صاع والآخر صاعان وأكثر وهكذا، وبعد عملية البذر تتابع السماء وتهطل الأمطار، وتكون زيادة المحصول مرهونة بكمية الأمطار، فكلما زاد هطول الأمطار زادت كمية المحصول وزادت من جودته، لذا قد يجني من يبذر صاعاً خمسة أصواع إلى عشرة وعشرين وثلاثين كحد أعلى، أما اذا قلّت كمية الأمطار فقد لا يزيد إنتاج الصاع عن صاعين، أما إذا استمر الجدب ولم تسقط الأمطار فقد لا يخرج أي محصول وتكون الخسارة على صاحبها وخيمة فيعود من زراعة (البعول) وهو يجر أذيال الخيبة. أكلات الشتاء تترك أثراً في النفوس أكثر من الصيف ومن المواسم التي ينتظرها المزارعون هو موسم بذرة (الست) وهي ستة أيام.. ثلاثة أيام من آخر الشبط وأول ثلاثة أيام من العقرب الأولى، وتعد هذه الأيام بالذات وقتاً مناسباً لزراعة أي شيء تقريباً، كما يهمهم طلوع نجم سهيل الذي يقولون فيه (انتبه لسهيل، ياللبيب إذا زاد الماء بالقليب) والانتظار إلى طلوعة كي يبثّوا البذور الموسمية وغرس الفسائل ونزع الشتائل ويجدّون التمور كي لا يأتها المطر. ومن فوائد اهتمام الناس بدخول فصول السنة انتظار دخول الوسمي لاستقبال مطره النافع؛ فإذا ماسقط المطر في الوسمي عد هواة جمع (الفقع) من الزبيدي والخلاسي سبعين يوماً ومن ثم خرجوا لجمعه للتلذذ بأكله وبمغامرة البحث عنه. فصول السنة بالميلادي من المعلوم أن فصول السنة عددها أربعة فصول وتاريخ بداية ونهاية ثابتة لا تتغيّر؛ ففصل الخريف يبدأ يوم7 يونيو وينتهي يوم6 سبتمبر وفيه من البروج الميزان والعقرب والقوس، وفصل الشتاء يبدأ بوم 7 سبتمبر وينتهي يوم 6 ديسمبر وفيه من البروج الجدي والدلو والحوت، وفصل الربيع يبدأ بوم 7 ديسمبر وينتهي يوم7 مارس وفيه من البروج الحمل والثور والجوزاء، وفصل الصيف يبدأ يوم 8 مارس وينتهي يوم6 يونيو وفيه من البروج السرطان والأسد والسنبلة. وصف القدماء برع القدماء في وصف فصول السنة وأبدعوا في ذلك، حيث بيّنوا مدة كل فصل بأيامه ولياليه، وبينوا الحالة الجوية فيه من البرودة والحرارة، كما بيّنوا ما يستحسن العمل به من عادات أو زراعة أو تحذير من أمراض وآفات، وذلك من خلال عبارات قليلة وقصيرة، ولكنها تعني في طياتها معلومات ومعاني كبيرة وكما يقولون بالعامية (الأول ما خلى للتالي شيء)، أي قد كفاه عناء البحث وسبقه بتوثيق تجاربه التي أثبتت جدواها وفعالياتها، ومن أقوالهم في فصول السنة ووصفها مايلي: فصل الشتاء ويبدأ ب(المربعانية) أو الأربعينية باللهجة الدارجة باعتبار أن مدتها 40 يوماً ونجومها عددها ثلاثة فالنجم الأول من نجوم المربعانية (الاكليل)، وعدد أيامه 13 يوماً تقول العرب (إذا طلع الإكليل هاجت الفحول وشمرت الذيول وتخوفت السيول)، والنجم الثاني من نجوم المربعانيه (القلب) وعدد أيامه 13 يوماً فيه أطول ليلة وأقصر نهار في السنة، ويقولون (إذا طلع القلب امتنع العذب، وصار أهل البوادي في كرب)، والنجم الثالث من نجوم المربعانيه (الشولة) وعدد أيامه 13 يوماً وهو آخر المربعانية، وكان يقولون (إذا طلعت الشولة، طال الليل طوله، واشدت على العائل العولة)، وبدخول موسم المربعانيه يكون فصل الشتاء قد دخل فعلاً ويتمثل ذلك بهبوب ريح شمالية باردة وارتداء الملابس الشتوية الثقيلة، يأتي بعدها (الشبط) وهي موسم البرد الرطب غير الجاف وعدد أيامه 26 يوماً ولعل كلمة الشبط مأخوذة من الشهر شباط، والنجم الأول من نجوم الشبط (النعائم) أو باللهجة العامية (النعايم)، وعدد أيامه 13 يوماً، ويقولون (إذا طلعت النعائم ابيضت البهائم من الصقيع الدائم، وقصر النهار للصائم، وكبرت العمائم وايقظ البرد النائم، وطال الليل للقائم)، ولا يزرع فيه شيء من شدة البرد، وهو الطالع الرابع من طوالع الشتاء، والنجم الثاني من نجوم الشبط (البلدة) وعدد أيامه 13 يوماً ويقولون (إذا طلعت البلدة، حممت الجعدة، واكلت القشدة، واخذت الشيخ الرعدة، وقيل للبرد اهده)، وفي الشبط تزداد برودة الجو والصقيع، حيث تصل درجة الحرارة إلى أدنى حالاتها. وتأتي بعد الشبط (العقارب) وعدد أيامها 39 يوماً تقريباً وعدد نجومها ثلاثة فيقولون: العقرب الأولى (سم) والثانية (دم) والثالثة (دسم)، والعقرب الأولى وتسمى (سعد الذابح)، وعدد أيامها 13 يوماً ويقولون (إذا طلع سعد الذابح، حمى أهله النابح، ونفع أهله الرايح، وتصبح السارح، وظهر في الحي الأنافح)، والعقرب الثانية الدم (سعد بلع) وعدد أيامها 13 يوماً تقول العرب (إذا طلع بلع اقتحم الربع، ولحق أهله الهبع، وصيد المرع، وصار في الارض لمع)، وتقول العامة (إذا طلع الحوت البرد يموت)، والعقرب الثالثة (سعد السعود) وعدد أيامها 13 يوماً ويقولون (إذا طلع سعد السعود، لانت الجلود، وذاب كل جلمود، واخضر كل عود، وانتشر كل مصرود). وبعد العقارب يدخل (الحميم) (29) يوماً ويسمى أيضاً برد العجوز أو -بيّاع الخبل عباتة- وهو موسم ربيعي، حيث تزدهر المزروعات وسمي "برد العجوز" لمقولة أن العجوز جزّت صوف غنمها اعتقاداً منها بذهاب البرد وعاد البرد وقتل الغنم. ثم (الذرعان)، والذرعان نجوم في السماء يعرفها عرب البادية وهو نهاية موسم الربيع، ثم تدخل (الكنّه) وهي (39) يوماً وفيها اختفاء نجم (الثريا) وهو بداية موسم الحر واحتباس الهواء، بعد ذلك تدخل الثريا (13) يوماً وهو موسم هبوب رياح البوارح وهي رياح شمالية غربية جافة تثير الغبار وقد تعصف أحياناً إلاّ أنها رياح رتيبة ليس فيها شيء من عنصر المفاجأة؛ فهي تبدأ أول النهار ومع حرارة الشمس يتصاعد الغبار ثم يترسب مع هدأة الليل وهكذا كل يوم، يأني بعدها (التويبع) وعدد أيامه 13 يوماً، وهو أيضاً موسم الهواء الحار الجاف اللافح، وسمي التويبع لأنه يتبع نجم الثريا (يسير خلفها)، والعرب قديما يسمونه (الدبران) لاستدباره للثريا، يقول الشاعر: يدب على آثارها دبرانها فلا هومسبوقٍ ولا هو لاحق ومن المقالات المشهورة فيه (ما ذكر وادي بالتويبع سال)، وبعده تأتي الجوزاء الأولى (13) يوماً تهب فيها رياح السموم وهي من البوارح، ثم الجوزاء الثانية (13) يوماً تهدأ فيها ريح البوارح والسموم، ثم المرزم (13) يوماً يشتد فيه سطوع الشمس وارتفاع الحرارة مع هدوء الريح، وأخيراً الكليبين (13) يوماً وهو آخر مواسم السنة السهيلية -رطوبة في الجو مع إرتفاع في درجة الحرارة-. حساب (قران)! وطريقة حساب الأمطار وظهور العشب والفقع وهو ما يسمى (القران)، كما يقوله الناس قديماً من بداية سقوط الأمطار فى الوسم حتى نهاية فصل الربيع هى كما يلى: (قران تاسع): برد لاسع "بداية المربعانية" برد شديد و(قران سابع): مجيع وشابع "بداية الشبط" وخروج المربعانية واخضرار الأرض، يشبع الحلال قليلاً و(قران خامس): ربيع طامس "بداية دخول فصل الربيع" ووفرة العشب وازدهار الأرض وتشبع الإبل و(قران ثالث): ربيع ذالف "نهاية فصل الربيع" اصفرار العشب وذهاب الربيع أصرم العود و(قران حادى): على الماء ترادى "دخول فصل الصيف" وحاجة الإبل والغنم إلى المياه بوفرة وفى نهاية الربيع ودخول الصيف، ويرجع أهل البادية إلى ديارهم بالقرب من (العدود) المياه ويسمى عند أهلنا قديماً (نقض الجزو) ومع بدء علامات البرد قالوا عنه: (قران حادي برد بادي) أي: إذا اقترنت الثرياء مع القمر في الحادي عشر من الشهر العربي فإن ذلك دليل ابتداء البرد وقدومه ويقولون: (قران تاسع برده لاسع) أي: إذا كان اقترانها في اليوم التاسع من الشهر العربي فإن البرد قد اشتد على الأرض (بداية المربعانية) برد شديد. نزهة برية عام 1400ه في أواخر فصل الربيع