سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أبو مازن: الشراكة في صنع السلام لا تتم في ظل الإملاءات والاغتيالات وهدم المنازل الرئيس الفلسطيني الجديد أدى اليمين الدستورية مؤكداً على التمسك ب «وصية أبو عمار»
مهتديا بخطاب )ابو عمار( الاخير والذي بات يعرف بالوصية، لخص خليفته محمود عباس (ابو مازن) برنامج عمله المستقبلي على رأس السلطة الفلسطينية، مجددا التمسك بالثوابت الوطنية والالتزام بخيار السلام العادل القائم على التفاوض، الى جانب مواصلة مسيرة الاصلاح لترسيخ اسس الديمقراطية والقانون في المجتمع. جاء ذلك خلال خطاب شامل ألقاه عباس امام المجلس التشريعي عقب ادائه اليمين الدستورية وتنصيبه رسميا رئيسا ثانيا للسلطة الوطنية الفلسطينية، الى جانب موقعه على رأس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وذلك في جلسة خاصة عقدها المجلس التشريعي في مقر الرئاسة المقاطعة برام الله. وبدأت الجلسة بتقديم روحي فتوح الرئيس المؤقت للسلطة استقالته من منصبه، تمهيدا لعودته الى موقعه الرئيسي في رئاسة المجلس التشريعي حيث اعاد رئيس المجلس المؤقت حسن خريشة له هذه العهدة، ليعود هو الآخر نائبا اول لرئيس المجلس التشريعي كما كان عليه الامر قبل رحيل الرئيس ياسر عرفات. وعقب ذلك دعي عباس الى المنصة حيث ادى اليمين الدستورية ليصبح بذلك رئيسا رسميا للسلطة الفلسطينية، ومن ثم ألقى خطابا مطولا لخص فيه برنامج عمله المستقبلي على الصعيدين السياسي والداخلي، مجددا العهد للشعب الفلسطيني على تنفيذ البرنامج الذي انتخبه على اساسه، ولمواصلة السير على الدرب حتى تحقيق الاهداف الوطنية. وقال عباس في خطابه: إن التحدي الأكبر، والمهمة الأساسية أمامنا هي مهمة التحرر الوطني، وإنهاء الاحتلال عن أرضنا وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف والتوصل إلى حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين على أساس قرارات الشرعية الدولية وأولها القرار 194 ومبادرة السلام العربية الصادرة عن قمة بيروت. وجدد الالتزام بالنهج الذي اتخذته منظمة التحرير خياراً استراتيجياً، وهو خيار السلام العادل الذي يمكن التوصل إليه بالتفاوض من أجل انتزاع حقوقنا الوطنية. كما اكد الالتزام بالشق المتعلق بالجانب الفلسطيني في خارطة الطريق، وطالب إسرائيل أن تنفذ ما عليها. ووجه دعوة الى الجانب الاسرائيلي شعبا وقيادة قائلا : نحن شعبان كتب علينا أن نعيش جنباً إلى جنب وأن نتقاسم الحياة على هذه الأرض، والبديل الوحيد عن السلام هو استمرار الاحتلال والصراع. فلنبدأ في تطبيق خارطة الطريق، وبالتوازي لنبدأ في بحث قضايا الوضع الدائم كي ننهي إلى الأبد الصراع التاريخي بيننا وبينكم. واضاف: إن يدنا ممدودة للشريك الإسرائيلي للمساهمة في صنع السلام. ولكن الشراكة ليست بالأقوال و إنما بالأفعال، بل بإنهاء الاغتيالات والحصار والاعتقالات ومصادرة الأراضي والاستيطان والجدار الفاصل وتدمير المنازل. إن الشراكة لا يمكن أن تتم في ظل الإملاءات، وإن السلام لن يتحقق أبداً عن طريق حلول جزئية أو مؤقتة، بل من خلال العمل سوياً نحو التوصل إلى حل نهائي ودائم يعالج كافة القضايا العالقة ويفتح صفحة جديدة على أساس دولتين جارتين واعلن ابو مازن ان السلطة تسعى للوصول الى وقف متبادل لاطلاق النار لإنهاء دوامة العنف. وطالب العالم وجميع الأطراف المعنية وخاصة اللجنة الرباعية الدولية بالقيام بدورها المباشر في رعاية تنفيذ خارطة الطريق، وأن لا يكرر الأخطاء السابقة التي عطلت العديد من المبادرات والجهود الايجابية في الماضي. كما طالب المجتمع الدولي باتخاذ الإجراءات الضرورية لتنفيذ قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي التي اعتبرت بناء جدار الفصل العنصري أمرا غير شرعي ودعت إلى إزالته. وتحدث عباس طويلا عن الوضع الداخلي ومواصلة مسيرة الاصلاح، معتبرا ان إنهاء الاحتلال كان وسيبقى أول أولويات العمل الوطني، ولكنه ليس الأولوية الوحيدة. وقال ان الخطوة الأولى نحو بناء مجتمعنا تكمن في إرساء سيادة القانون، وعندها فقط سيتمتع المواطن بالأمن والأمان والعيش الكريم. عندها فقط سيتم التطوير الحقيقي لمؤسساتنا الحكومية ولنظامنا السياسي، وعندها فقط ستتحقق التنمية ويعم الرخاء الاقتصادي ونتقدم على جميع الصعد الاجتماعية والثقافية والصحية وغيرها. واضاف : إن سيادة القانون تتمثل بوجود سلطة واحدة، وسلاح شرعي واحد، في إطار من التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة. وان احدا لا يملك الحق في تجاوز إرادة الشعب وأخذ القانون بيده وتطبيق أجندته الخاصة، حتى الديموقراطية والقانون هما الطريق الوحيد لمعالجة شؤون حياتنا الداخلية بمختلف جوانبها. كما تحدث عن إصلاح وتطوير القضاء، والمؤسسات الأمنية والحكومية، واستمرار تطوير النظامين المالي والاقتصادي وإرساء آلية جدية للتعاون بين القطاع العام والقطاع الخاص وقال انها تمثل أولويات لتمكين السلطة الوطنية من أداء دورها في خدمة مصالح شعبنا الفلسطيني، وهي واجب وطني لإرساء أسس الدولة الفلسطينية التي نصبو إليها. وحرص عباس في نهاية خطابه ان يؤكد حرصه على رعاية عائلات الشهداء الجرحى والمصابين الذين لحقت بهم إعاقات، وكل الذين تضرروا بسبب انتهاكات الاحتلال من هدم منازل وتدمير مزروعات ومختلف أشكال العقوبات الجماعية. وكذلك الأسرى والمعتقلون مؤكداً لهم أن قضيتهم سوف تبقى في مقدمة الجهود، وايلاء المناضلين المطاردين والمبعدين اهتماما كبيرا من اجل استيعابهم وتأمين مستقبلهم. وفي كلمته، تحدث فتوح عن المرحلة السابقة وقال انه بذل كل ما بوسعه من أجل القيام بعمله بأفضل وجه، وعلى تكريس كل الجهد من أجل صيانة المفهوم الدستوري للمهمة، وفي إطارها الشرعي والقانوني مبتعداً عن كل القضايا الأخرى التي يمكن أن تؤثر سلباً على مسار العمل أثناء هذه الفترة الدقيقة. وخاطب الرئيس الجديد قائلا: إن المهام الملقاة على كاهلكم ليست بالسهلة، بل هي صعبة وشاقة وكبيرة، ولكن أنتم على قدر تحمل هذه الأمانة والمسؤولية، ومن اليوم يبدأ مشواركم في قيادة الشعب الفلسطيني، الذي يعلق عليكم الآمال الكبيرة في تحقيق أحلامه وطموحاته. وتوجه الرئيس الجديد واركان القيادة الى ضريح الرئيس عرفات حيث وضعوا اكليلا من الزهور وتلوا الفاتحة على روحه.