تناول برنامج الثامنة هموم المعلمات المعينات في هجر بعيدة عن مساكنهن، في ظل وسائل نقل غير آمنة، وقال مقدم البرنامج داود الشريان: أتحدى إذا ابنة مسؤول بوزارة التربية والتعليم تعينت خارج الرياض. بعد ذلك أعلنت وزارة التربية والتعليم عن توجيه وزير التربية والتعليم الأمير خالد الفيصل بالتحقيق فيما عرضه البرنامج من معلومات عن تعيين المعلمات وآلية حركة النقل. والحقيقة أن النقطتين الجوهريتين اللتين تطرق لهما البرنامج، وهما المخاطر المتعلقة بالعمل معلماً أو معلمة في مدرسة بعيدة عن مقر السكن، وتعيين بنات المسؤولين قرب مساكنهن، لا تحتاج تحقيقاً، فهي واقع معاش يعرفه الجميع، ويشكر لداود والمسؤولين عن البرنامج إثارتها، مهما اختلفنا على أسلوب البرنامج، أو صراخه الانتقائي، فتلك قضية أخرى. لتأكيد النقطة الأولى، أشير إلى دراسة قام بها فريق بحثي بجامعة الملك عبدالعزيز نشرت عنها الصحف أول أمس، وملخصها: ((نحو 57% من قتلى الحوادث المرورية هم من منسوبي التعليم، يشكل المعلمون والمعلمات 35% منهم، بينما 22% منهم من الطلاب، وأرجعت الدراسة ارتفاع نسبة منسوبي التعليم بين ضحايا الحوادث المرورية، إلى اضطرار المعلمين والمعلمات إلى التنقل لمسافات طويلة للوصول إلى مواقع عملهم في المناطق النائية، ما يتطلب سلوك طرق وعرة وغير آمنة)) كما تنشر الصحف باستمرار صوراً مخجلة لباصات مهترئة تنقل معلمات إحدى أغنى دول العالم إلى مقار عملهن. النقطة الثانية وهي "الواسطة" و"الشفاعة" في التعيين فلا تحتاج إثباتاً ولا تحقيقاً، فتلك خصوصيتنا، ولا يمكن حجب الشمس بغربال، وكلنا كمتابعين للمشهد، مع الأستاذ داود نتحدى أن يوجد مسؤول كبير في الدولة، أو في وزارة التربية والتعليم لا يتم تعيين ابنته قرب مسكنه، إلا في حالات استثنائية تؤكد القاعدة. ومع ما سبق فإن التفاعل السريع من وزارة التربية والتعليم مع ما طرح إعلامياً هو أمر جديد محمود، والتحقيق في الموضوع إن كان يستهدف إثبات وجود النقطتين المشار لهما أعلاه كما أوحت بعض العناوين الصحفية، أو فتح ملفات قديمة، وتعيينات سابقة، وكيف تمت، فهو في ظني هدر للجهد والوقت لا فائدة ترجى منه، ولكن من المؤمل أن يؤدي هذا التفاعل، مع هذا الملف المهم، إلى نتائج عملية ملموسة على أرض الواقع لوقف التجاوزات والشفاعات في التعيينات مستقبلاً، كما يأمل جميع من يعايش ويشعر بمخاطر وتخلف النقل المدرسي بكافة صوره، من سمو الوزير الشاعر، ومعالي وزير المالية والجهات ذات العلاقة، الشعور بمعاناتهم ، و"تنفيذ" حلول سريعة لإزالة تلك المخاطر، ووقف ذلك التخلف.