تبدأ القصة من عتب الكبار على من يملكون مؤسسات وشركات، وأن عليهم أن يوظفوا أبناء العائلة العاطلين عن العمل عوضاً عن توظيف أبناء الناس، وتنتهي في الغالب بتوظيف شاب لا يملك خبرة، وقد لا يملك مؤهلاً في صورة هي أقرب إلى التكافل الاجتماعي أكثر منها عملية اقتصادية وإدارية. وإن كانت القصة قد تذهب إلى أبعد من ذلك، فقد يفرح بعض أصحاب تلك المؤسسات الصغيرة باستغلال أسماء أولئك الأقارب من أجل دعم ملف مؤسسته في مسألة التوطين ويعطيهم مقابل ذلك مبالغ زهيدة، إلا أنه في نهاية المطاف هناك دائماً موظف ووظيفة. تشير مصادر سوق العمل أن توظيف الأقارب عملية متداولة على نطاق واسع، إلا أن نتائجها الوظيفية على المنشأة والموظف ليست مشجعة، كما أنها تنتهي سريعاً في غالب الحالات. وقد رصدت الجهات الحكومية تجاوزات وسلبيات واستغلالا فيما يبدو في حالات توظيف أقارب، مما حدا بصندوق تنمية الموارد البشرية «هدف» منع 80 في المائة من المؤسسات الفردية في المملكة التي يدعمها، والتي تعمد إلى توظيف الأقارب بشكل نهائي تفعيلا لقرار حكومي يهدف إلى إيقاف التلاعب من قبل هذه المؤسسات بموردها المالي حسب الصندوق. وتبرز المعضلة في توظيف الأقارب كونها توظف من لا تنطبق عليه شروط الوظيفة، كما أن ذلك الموظف في الغالب لا يستفيد خبرة عملية خلال مدة خدمته في تلك المنشأة كون الغالبية العظمى ممن يتم توظيفهم من الأقارب لا يمارسون أعمالاً حقيقية في منشآت أقاربهم. خبير الموارد البشرية عدنان المزروع قال إنه يرى من واقع تجربته في مجال الموارد البشرية والتي تزيد عن الثلاثين عاماً أن توظيف الأقارب تجربة غير مجدية، ولا تحقق نفعاً للمنشأة ولا للموظف في غالب الحالات. وأكد المزروع أن صاحب الجدارة هو الأولى بالوظيفة في أي منشأة إذا ما أرادت تلك المنشأة أن يكون لديها فريق عمل منتج، مبيناً أن توظيف الأقارب يتعارض مع هذا الاتجاه. وشدد على أن الحالات التي شاهدها في مجال الموارد البشرية لا تخرج عن كونها حالات مجاملة يتم من خلالها توظيف شخص ربما ليس جاداً، أو ليس مؤهلاً بسبب المجاملات والضغوط الاجتماعية، مما يفقد ذلك الموظف أي دور حقيقي في المنشأة، وبالتالي يجرده من أي خبرات قد يكتسبها من وظيفته تلك. وقال المزروع إن أبرز سلبيات توظيف الأقارب في المؤسسات الخاصة أنها تنمي في الشاب التقاعس وعدم الجدية في العمل كونه قريب صاحب المؤسسة، كما أنها تفقد المؤسسة وظيفة كان بالإمكان أن يكون فيها موظف منتج. وحذر المزروع من استغلال الموظفين الأقارب من خلال توظيفهم ودفع رواتب ضعيفة لهم وهم في بيوتهم من أجل تحسين سلوك تلك المؤسسات في ملف التوطين. وبين المزروع أن نسبة الأقارب الموظفين الجادين والذين يعملون بالتزام ويتم تعاملهم كبقية الموظفين لا تتجاوز ال10% فقط في سوق العمل.