سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
د.السند: الملك عبدالله ألجم أفواه المأجورين للنيل من مواقف المملكة في مواجهة الإرهاب والتطرف «القرار الملكي» ينطلق من مقاصد الشريعة في حفظ الأمة وسد لذرائع المناهج الوافدة
أكد معالي "أ.د.عبدالرحمن بن عبدالله السند" -مدير الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة- على أن أمر خادم الحرمين الشريفين القاضي بعقوبة كل من شارك في أعمال قتالية خارج المملكة بأي صورة كانت، وكل من انتمى للتيارات أو الجماعات؛ ينطلق من مقاصد الشريعة في حفظ الأمة وبعدها عن الفرقة، وقراراً مؤسساً على قواعد الشريعة لحفظ الضروريات والضمانات وكيانات المجتمع، مضيفاً أن الأمر يسهم في منع الشباب المغرر بهم من الانخراط في الأعمال القتالية التي حُرضوا للقيام بها والذهاب إلى مواطنها، موضحاً أن ولي أمر المسلمين هو من يقرر الدعوى للجهاد والقتال، وليس فئة من الناس، أو بعض دعاة الفتن والتحريض. ولي أمر المسلمين هو من يقرر الجهاد وليس فئة من الناس أو بعض دعاة الفتن والتحريض وقال في حديثه ل"الرياض": جاء الأمر الملكي تجاوباً من خادم الحرمين الشريفين -أيده الله- في معاناة كثير من الأسر التي وقع أبناؤها ضحية للأفكار المنحرفة التي يغذيها دعاة الإرهاب والتحريض، فقد استغل أرباب الفكر المنحرف الحاقد طيبة هذا الشعب وتعاطفه مع قضايا المسلمين لتأجيج الشباب وتحريضهم للوقوع في براثن الإرهاب ومواطن الفتن، مبيناً أن الأمر الملكي ألجم الأفواه التي تتشدق بالنيل من مواقف المملكة من الإرهاب، أو التشكيك في صدق نواياها، وهي ألسن مأجورة تسعى لصرف المملكة عن مناصرة الحق ونصرة المظلومين بإثارة هذه التهم الخالية من أي دليل، وفيما يلي نص الحوار: إعلان العقوبة حماية للشباب المغرر بهم وتوعية للمجتمع من خطر الجماعات المضللة حفظ الأمة * بداية كيف تقرأون مضامين الأمر الملكي وأبعاده الفكرية والدينية؟ - لقد أسعدنا وأثلج صدورنا صدور الأمر الملكي من لدن خادم الحرمين الشريفين -وفقه الله- القاضي بعقوبة كل من شارك في أعمال قتالية خارج المملكة بأي صورة كانت، وكذلك من انتمى للتيارات أو الجماعات -وما في حكمها- الدينية أو الفكرية المتطرفة أو المصنفة كمنظمات إرهابية داخلياً أو إقليمياً أو دولياً، أو تأييدها أو تبني فكرها أو منهجها بأي صورة كانت، أو الإفصاح عن التعاطف معها بأي وسيلة كانت، أو تقديم أي من أشكال الدعم المادي أو المعنوي لها، أو التحريض على شيء من ذلك أو التشجيع عليه أو الترويج له بالقول أو الكتابة بأي طريقة، وقد جاءت العقوبات الواردة في نص الأمر الملكي انطلاقاً من مقاصد الشريعة في حفظ الأمة وبعدها عن الفرقة، وتأسيساً على قواعد الشريعة لحفظ الضروريات والضمانات والحفاظ على كيانات المجتمع، إضافةً إلى واجب ولي الأمر نحو سد الذرائع المفضية لاستهداف منهجنا الشرعي، من قبل المناهج الوافدة. مواطن الفتن * أصداء جميلة رافقت هذا الأمر من قبل الذين اكتووا بنيران المحرضين للقتال، تعليقكم؟ - جاء الأمر الملكي تجاوباً من قائد هذه البلاد -أيده الله- لمعاناة كثير من الأسر التي وقع أبناؤها ضحية للأفكار المنحرفة التي يغذيها دعاة الإرهاب والتحريض، فقد استغل أرباب الفكر المنحرف الحاقد طيبة هذا الشعب وتعاطفه مع قضايا المسلمين لتأجيج الشباب وتحريضهم للوقوع في براثن الإرهاب ومواطن الفتن، فحرفت مقاصدهم إلى الإساءة للإسلام والمسلمين، فأصبحوا وقوداً لتلك الفتن، ولا ريب أن هذا الأمر سوف يسهم في منع الشباب المغرر بهم من الانخراط في الأعمال القتالية التي حرضوا لفعلها والذهاب إلى مواطنها. *ثار لغطٌ كثير حول موقف المملكة من التصدي للإرهاب، وحاولت جهات خارجية الإساءة والتشكيك بموقف بلادنا، ماذا تقولون عن ذلك؟ - ألجم هذا الأمرالحكيم والشجاع الأفواه التي تتشدق بالنيل من مواقف المملكة من الإرهاب، أو التشكيك في صدق نواياها، وهي ألسن مأجورة تسعى لصرف المملكة عن مناصرة الحق ونصرة المظلومين بإثارة هذه التهم الخالية من أي دليل. حفظ النظام * كيف وجدتم توقيت صدور القرار وانسجامه مع مقاصد الشريعة؟ - من واجبات ولي الأمر أن يحفظ الأمن والنظام، وأن يأمر بالأنظمة التي تكون سبباً في أن يعيش الناس في أمن وأمان ورغد عيش واستقرار، وذلك من خلال حفظ الحقوق ومنع التعدي على الآخرين، وهذا ما يسمى بالسياسة الشرعية، وهي حق مشروع لولي الأمر من أجل تحقيق المصالح الكبرى للبلاد والعباد، وهي من المصالح المرسلة التي جاءت بها شريعتنا الغرّاء وهي واجبة الالتزام؛ أي إن الأفراد والمجتمع عموماً يجب عليهم أن يلتزموا بها، وذلك لأن طاعة ولي الأمر واجبة بنص كتاب الله تعالى وسنّة نبيه صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ" -النساء 59-، وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَطَاعَ الأمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ عَصَى الأمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي". ونحمد الله أن وفق خادم الحرمين لإصدار مثل هذا الأمر الصارم الذي قطع الطريق على دعاة الفتن والتحريض الذين ما فتئوا في تهييج الشباب وتعبئتهم بالأفكار المنحرفة وعقد الانتماءات لجماعاتهم الإرهابية الضالة. الموقف من الجهاد * ماذا عن فريضة الجهاد؟، ومن المخول بإعلانها؟ - من الأمور المهمة جداً وجوب التقيد بما قرره ولي الأمر من أوامر وأنظمة ولوائح هي في مصلحة الجميع، فالدعوى للجهاد والقتال من يقررها ويدعو الناس إليها هو ولي أمر المسلمين، وليس فئة من الناس أو بعض دعاة الفتن والتحريض، وهو ما قرره أئمة المسلمين، قال الإمام "النووي" -رحمه الله- عند شرحه لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "وإذا استنفرتم فانفروا"، معناه إذا دعاكم السلطان إلى غزوٍ فاذهبوا، ومفهوم الحديث إن لم يستنفركم الإمام فلا نفير، وقال الإمام "الحسن البصري" -رحمه الله-: "أربعة من أمر الإسلام إلى السلطان؛ الحكم، والفيء، والجهاد، والجمعة"، وقال "عبدالله بن الإمام أحمد" -رحمهما الله-: "سمعتُ أبي يقول: إذا أذن الإمامُ، القومُ يأتيها النفير فلا بأس أن يخرجوا، قلتُ لأبي: فإن خرجوا بغير إذن الإمام؟، قال: لا، إلاّ أن يأذن الإمام، إلاّ أن يكون يفاجئهم أمرٌ مِن العدو ولا يُمكِنُهم أن يستأذنوا الإمام فأرجو أن يكون ذلك دفعاً مِن المسلمين"، وقال "أبو داود": قلتُ ل"أحمد": إذا قال الإمامُ: لا يغزُوَنَّ أحَدٌ مِن أهلِ عينِ زِرْبةَ؟، قال: فلا يغزونَّ أحدٌ منها"، فالقتال من صلاحيات الإمام، فإذا استنفر الإمام الناس للقتال وَجَبَ على كل من أطاق حمل السلاح، قال في "المُغني": "وأمرُ الجهاد موكولٌ إلى الإمام واجتهاده، ويلزم الرعية طاعته فيما يراه مِن ذلك"، وقال العلاّمة الحجّاوي -رحمه الله-: "ولا يجوز الغزو إلاّ بإذنه"، وقال العلامة الشيخ "محمد بن صالح العثيمين" -رحمه الله- معلقاً: "أي: لا يجوز غزو الجيش إلاّ بإذن الإمام مهما كان الأمر، لأن المُخاطب بالغزو والجهاد هم ولاة الأمور، وليس أفراد الناس"، وقال بعض أئمة الدعوة النجدية -رحمهم الله- في بعض رسائلهم: "وأما الجهاد فهو موكولٌ إلى نظر الإمام، وعليه أن ينظر ما هو الأصلح للإسلام والمسلمين، على حسب ما تقتضيه الشريعة"، وقال الشيخ "سعد بن محمد بن عتيق" -رحمه الله-: "ومما انتحله بعضُ هؤلاء الجهلة المغرورين الاستخفاف بولاية المسلمين، والتساهل بمخالفة إمام المسلمين، والخروج عن طاعته، والافتيات عليه بالغزو وغيره، وهذا من الجهل والسعي في الأرض بالفساد بمكان، يَعرفُ ذلك كلُّ ذي عقل وإيمان"، وجاء في "الدرر السنية" "والمسلم إذا عصى ولي الأمر، وسار إلى بلاد الكفار، وقد نهى عن ذلك، فلولي الأمر تعزيره، وردع أمثاله بما يراه أبلغ له في العقوبة"، وسُئل فضيلة الشيخ "صالح الفوزان" -حفظه الله- السؤال التالي: ما حكم الذهاب إلى الجهاد دون إذن ولي الأمر مع أنه يُغفرُ للمجاهدِ من أول قطرة مِن دمه، وهل يكون شهيداً؟، فأجاب: "إذا عصى ولي الأمر، وعصى والديه وذهب فإنه لا يكون مُجاهداً بل يكون عاصياً". عقوبة المخالفين * ماذا عن إيجابية الأمر الملكي في محاصرة الفكر المنحرف، وعقوبة من انتسب إليه؟ - إن من محاسن الأمر الملكي الموفق محاصرة الفكر المنحرف، ودحض دعاته والقضاء على محاضنه؛ وذلك من خلال منع ومعاقبة كل من انتمى ووالى ودعم الجماعات والتيارات المنحرفة الحاقدة على ديننا وبلادنا والمفسدة لأمننا وأماننا، قال شيخ الإسلام "ابن تيميّة" -رحمه الله- فيمن يوالي بعض فرق أهل البدع والزيغ، وهي قاعدة عامة في جميع أصحاب الفكر المنحرف. ويجب عقوبة كل من انتسب إلى تلك الجماعات، أو ذب عنهم، أو أثنى عليهم، أو عظم كتبهم، أو عرف بمساندتهم ومعاونتهم، أو كره الكلام فيهم، أو أخذ يعتذر لهم بأن هذا الكلام لا يدري ما هو، أو من قال إنه صنف هذا الكتاب، وأمثال هذه المعاذير، التي لا يقولها إلاّ جاهل، أو منافق، بل تجب عقوبة كل من عرف حالهم، ولم يعاون على القيام عليهم، فإن القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات؛ لأنهم أفسدوا العقول والأديان، وهم يسعون في الأرض فساداً، ويصدون عن سبيل الله، قال العلامة "الشاطبي" -رحمه الله-: "إن توقير صاحب البدعة مظنّة لمفسدتين تعودان على الإسلام بالهدم، إحداهما: التفات الجهال والعامة إلى ذلك التوقير، فيعتقدون في المبتدع أنّه أفضل الناس، وأن ما هو عليه خير مما عليه غيره، فيؤدي ذلك إلى اتباعه على بدعته دون اتباع أهل السنّة على سنّتهم، والثانية: أنّه إذا وُقِّرَ من أجل بدعته صار ذلك كالحادي المحرض له على إنشاء الابتداع في كل شيء، وعلى كل حال فتحيا البدع وتموت السنن، وهو هدم الإسلام بعينه".