إنه واحد من أقذر أحياء الصفيح في العالم ويضم أكواخا ضيقة متلاصقة إلا أن من المدهش أن لا أحد من سكانه يرغب في مغادرته. ويعيش في هذا الحي أكثر من مليون شخص في شبكة مربكة من المساكن الصغيرة التي تغطي كل بوصة من حي "دارافي" البالغ مساحته 240 هكتارا، في مومباي بالهند. وتتوفر الحمامات في واحد بالمئة فقط من هذه المساكن، بينما ينام جميع أفراد الأسرة على الأرض في غرف صندوقية تخلو من الأثاث. ومع ذلك تجد أطباء ومحامين وعاملين في شركات عالمية عملاقة يقطنون في هذا الحي يخالجهم إحساس قوي بالانتماء إلى هذا المجتمع. وعلى الرغم من كثرة المتسولين في شوارع مومباي إلا أنه لاوجود لهم البتة في هذا الحي الذي يضم أكثر من 20,000 صناعة صغيرة، والذي لا مكان فيه لمن لا يعمل. أشهر حي صفيح في العالم يضم 20000 عمل تجاري ولا مكان فيه للمتسولين والعطالى ويشتهر هذا الحي عالميا بأنه الملهم لفيلم "المليونير المتشرد" Slumdog Millionaire حيث تم فيه تصوير العديد من مشاهده. وتعتبر مومباي مدينة المتناقضات حيث يقع حي دارفاري على بعد بضعة أميال من ضواحيها الجنوبية التي يعيش فيها بعض من أغنى أغنياء الهند، بمن فيهم نجوم السينما ورجالات الأعمال. لا مكان للكسالى ويقول رجل الأعمال كريشنا بوجارى الذي ينظم رحلات سياحية للزوار الغربيين إلى الحي انه لا مكان فيه للكسالى والعطالى، ويضيف: "صحيح ان دارفاري حيى فقير ولكنه مكان يعيش فيه كل أصناف البشر الذين يعملون في الفنادق وشركات الطيران ومنهم مدرسون وأطباء ومحامون، كما يأوي الحي أكثر من 50 بالمئة من أفراد قوة شرطة مومباي. هنا يعمل الناس باجتهاد لكسب المال وإسعاد أسرهم." مليون شخص يعيشون في مساحة 240 هكتاراً في أكواخ قذرة لا مراحيض فيها ولا شبكات مياه وتوفر صناعات الفخار ومصانع إعادة التدوير ومدابغ الجلود ومصانع النسيج وظائف لعشرات الآلاف من سكان الحي. وتعتبر إعادة التدوير أكبر صناعة في المنطقة حيث يعمل أكثر من 50,000 شخص في إعادة تدوير البلاستيك، ولدى وصول المواد الصالحة للتدوير من مكب النفايات، يقوم العمال بفرزها وفقا للون والنوع قبل طحنها في شكل رقائق ثم غسلها وتجفيفها وربطها في حزم، ثم يتم صهر الناتج وتحويله إلى حبيبات تمهيدا لاستخدامها في صنع العديد من المنتجات البلاستيكية. ظروف العمل أسوأ من الفقر والعمل هنا شاق للغاية حيث يعمل العامل وقوفا على قدميه طوال 12 ساعة في اليوم لمدة ستة أيام في الأسبوع، ومن العمال من يعمل في العطلة الأسبوعية أيضا. وبما أن الجميع في الحي يعملون ويكدحون في ظروف غير ملائمة إلا أن معايير السلامة في أماكن العمل متدنية للغاية، وكثيرا ما تتسبب الممارسات الخاطئة في إصابات خطيرة وقد تكون قاتلة مما يحرم الأسرة من كاسب قوتها الرئيس، ومن ثم تجد الأسرة نفسها محبوسة في شراك العوز والحرمان. وفي مصانع صهر الحديد، يتعرض العاملون إلى أبخرة كيميائية سامة وحرارة لافحة دون أن تتوفر لهم معدات سلامة مناسبة. وفي هذا الصدد يقول بوجاري: "إذا سألتني عن أسوأ شيء في حي دارافي فإنني سأشير بلا تردد إلى ظروف العمل". وبالنسبة للأطفال الصغار الذين لايعملون، فإن معظمهم يقضي سحابة نهاره متجولا في أزقة الحي أو يمارسون لعبة الكريكيت في ساحات تغطيها القاذورات والنفايات النتنة، وتمكنت منظمة طوعية تسمى "رياليتي غيفز" من تعليم 1700 طفل فقط على مدى السنوات السبع الماضية. الخدمات الصحية.. بقرة مقدسة وليس من المدهش في مثل هذه الظروف أن يتعرض الكثيرون إلى الأمراض، وعلى الرغم من أن الرعاية الطبية في المستشفيات الحكومية بلا مقابل إلا أن الخدمات الصحية الوطنية في البلاد توصف بأنها أشبه ب " البقرة المقدسة"، ذلك أنها مثل البقرة، لايمكن التعرض لها حتى ولو تلوثت بروثها، ورغم فقرهم فإن العديد منهم يلجأون للعيادات الخاصة. وأيضا يكمن جزء من المشكلة في هذا في لارتفاع إيجارات المساكن. فأجرة مسكن ضيق مساحته 25 مترا مربعا تبلغ 2000 روبية (حوالي 120 ريال)، وعادة ما يحشر بين أربعة إلى ستة أشخاص أنفسهم في هذا المسكن الذي تتوفر فيه مساحة صغيرة جدا للاستحمام وأخرى أصغر للطبخ بالإضافة إلى سرير وحيد، وينام معظم أفراد الأسرة على الأرض، وبما أنه لاتتوفر شبكة مياه، فإن السكان يحصلون على حاجتهم من الماء من مجرى مائي مفتوح يشق طريقه متعرجا في الأزقة الضيقة بين الأكواخ الصغيرة. وتتمتع واحد بالمئة فقط من هذه المساكن بمراحيض خاصة بها الأمر الذي يضطر معه بقية السكان إلى استخدام مراحيض عمومية فيها يشترك كل 1000 شخص في استخدام مرحاض واحد يوميا، وهناك عشرات الألوف من السكان ممن يريحون أنفسهم بكل بساطة على قارعة الطريق، ما قد يتسبب في تفشي الأمراض الحياة هنا صعبة، فهناك الكثير من النفايات والكثير الكثير من الناس الذين يعيشون في قيعان الحرمان في منطقة تعتبر فقيرة للغاية حتى بالمقاييس الهندية. مصنع صهر وإعادة تدوير البلاستيك بالحي حي دارافي في مومباي بالهند أسرة في مسكنها بالحي منظر لأحد الأزقة الضيقة بالحي عامل يحمل حزمة ضخمة من أكياس أعيد تدويرها تجميع البلاستيك لصهره وإعادة تدويره النفايات طابع مميز للحي