نظم البنك الأهلي بجدة مؤخراً الندوة السنوية السادسة بعنوان "مستقبل العمل المصرفي الإسلامي" بمشاركة مجموعة بارزة من العلماء والمتخصصين في الصناعة المصرفية الإسلامية، الندوة استمرت يومين ونوقش خلالها أحد أهم موضوعات الصيرفة الإسلامية وهو "الالتزامات والمعاوضة عليها في الشريعة الإسلامية". وأشار عبدالرزاق الخريجي نائب الرئيس التنفيذي ورئيس المجموعة الشرعية بالبنك الذي افتتح الندوة إلى أن المصرفية الإسلامية لم تعُدْ قاصرةً على العالمِين العربي والإسلامي فحسب بل تعدت ذلك إلى النطاق الدولي، وأن ما قدمته من أدوات ومنتجات شكلت إضافة نوعية للصناعة المصرفية". وأوضح أن الدين الإسلامي ثري بالأصولِ والقواعدِ التي يمكن أن تبنى عليها الصناعة المصرفية التي تسعى للوفاء باحتياجات العملاء سواء للتمويل أو للخدمات المصرفية بأشكالها المختلفة. وأكد الخريجي على أن المصرفيةِ الإسلامية استطاعت أن تحققَ إنجازاتٍ كبيرة جعلها تنافس المصرفيةَ التقليدية بقوة، مشيرا إلى أنَّ حجم أصول المصرفية الإسلاميةِ في 2013م بلغ نحو 1.8 تريليون دولار، بعد أن كان 1.2 تريليون دولار في عام 2012م، ومن المتوقعِ أن يصلَ إلى 2 تريليون دولار خلال عام 2014م، كما أن حجمَ الصكوكِ المصدرةِ في عام 2012م بلغ نحو 140 مليار دولار، ومن المتوقعِ أن يرتفع حجمَ الطلبِ على الصكوكِ خلال عام 2015م ليصل إلى نحو 600 مليار دولار. وذكر الخريجي أن هناك تحديات عديدة تواجه المصرفية تشمل توفير الأطر القانونية والنظامية اللازمة لعمل المصارف الإسلامية، وتحديد المخاطر التي تنشأ نتيجة تطبيق المنتجات المصرفية الإسلامية، وكيفية إدارتها وفق مناهج علمية تراعي الضوابط الشرعية، وتطوير رأس المال البشري من علماء شرعيين وممارسين للصناعة، وتثقيف العملاء وزيادة وعيهم بمتطلبات المصرفية الإسلامية، وتطوير أنظمة محاسبية متوافقة مع الضوابط الشرعية لصيغ المصرفية الإسلامية. وأضاف أن إدارة البنك خصصت قدراً كبيراً من اهتمامِها لدعمِ العمل الشرعي بالبنك؛ حيث جرى تحويلُ الدائرة المسئولة عن العمل المصرفي الإسلامي في البنك ضمن الهيكلِ الإداري الجديد إلى مجموعةٍ باسم المجموعة الشرعية، واعتمدت لها الكوادرَ البشرية اللازمة لتتمكن من القيام بواجبها على الوجهِ الأكمل. من جانبه قال الشيخ عبدالله المنيع رئيس الهيئة الشرعية للمصرفية الإسلامية في البنك الأهلي أن الإلتزامات والمعاوضة عليها في الشريعة الإسلامية يشكل أحدَ ركائزِ العمل المصرفي والمالي الحديث، ويواجه تطبيقه عدة مشكلات وتساؤلات شرعية. وقد انتهت الندوة إلى عدة توصيات أهمها الالتزام هو إيجاب الشخص على نفسه أمراً جائزاً شرعا فيه مصلحة للغير إما بالقيام بعمل أو بالامتناع عنه، وحقيقة الإلتزام أنه منفعة موصوفة في ذمة الملتزم للملتزَم له، ولا بد لاعتباره شرعا من توافر عناصر المالية فيه، وهي أن تكون فيه منفعة مقصودة يتعلق بها غرض صحيح محصل لمصلحة أو دارىء لمفسدة، وأن تكون المنفعة مشروعة في حالة السعة والاختيار، وأن تكون المنفعة لها قيمة مالية في عرف الناس. ومن التوصيات أيضا قرار الفقهاء أن ما توافرت فيه العناصر المالية المذكورة أعلاه فإنه تجوز المعاوضة عليه بشرطين هما أن يكون مقدور الوفاء بهمن قبل الملتزم، وأن لا يترتب على المعاوضة عليه محظور شرعي كالربا والقمار والغرر. كما تضمنت التوصيات أن تختلف المعاوضة عن الإلتزام عن تصرفات أخرى ذكرها الفقهاء ترد على الالتزام، مثل الاعتياض، والصلح، والإسقاط، وأوصت الندوة أيضا بتخصيص ندوة لبحث ودراسة الصور والحالات التطبيقية للالتزامات في العمل المصرفي والأسواق المالية.