سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تطوير علاقات الشراكة السعودية - الفرنسية وقضايا المنطقة في صلب قمة روضة خريم.. اليوم اهتمام سعودي بتطوير العلاقات في مجال الصحة وتوقع فتح فرع لمعهد باستور في المملكة قريباً
أن يستقبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز اليوم (الأحد) الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في مقر إقامته بروضة خريم قرب الرياض، فذلك يعد حسب المطلعين على سجل الشراكة الإستراتيجية السعودية الفرنسية التي أطلقت العام 1986 رمزاً لوصول هذه الشراكة إلى مرحلة النضج وإلى وجود رغبة لدى القيادة السياسية السعودية في تكريم هولاند الذي أدرك منذ وصوله إلى السلطة العام 2012 أمرين اثنين في سجل هذه الشراكة هما؛ أن الطرف السعودي حريص جداً على نحو فيه طول نفس على اختبار نوايا قادة البلدان التي أبرمت معها مثل هذه الشراكات. فإن فهموا مغزاها وأدركوا الفلسفة التي تقوم عليها فإنهم يساهمون إلى حد كبير في إشاعة جو من الثقة بين الشريكين، وهو شرط أساسي من شروط توطيد التعاون بين البلدين في مختلف المجالات ذات المصلحة المشتركة. وقد شعرت القيادة السعودية بأن الرئيس الفرنسي أدرك الأمر وتفهمه خلال اللقاء الذي جمعه بالملك عبدالله بن عبد العزيز في جدة في شهر نوفمبر من العام الماضي. ويقول المطلعون على سجل هذه الشراكة إن مستشاري الرئيس الفرنسي يدركون جيدا أن استقبال هولاند من قبل خادم الحرمين في روضة خريم يحمل دلالات خاصة بالنسبة إلى علاقة الثقة بين قيادتي البلدين نظرا للمكانة الخاصة التي لهذا المكان في قلب خادم الحرمين. وأما الأمر المهم الثاني في هذه الشراكة من وجهة نظر القيادة السياسية السعودية فهو ضرورة توظيفها بشكل أساسي لتأهيل الثروات البشرية السعودية وإكسابها مهارات جديدة من خلال السماح لها بالاحتكاك بتجارب البلدان التي اختارت المملكة إقامة شراكات إستراتيجية معها. مصادر فرنسية ل«الرياض»: هولاند سيجدد التأكيد للملك عبدالله على اتخاذ موقف حذر وحازم من التحركات الإيرانية أبعاد الملف السوري المتعددة والحقيقة أن الثقة بين الطرفين السعودي والفرنسي قد انعكست خلال الأشهر الأخيرة من خلال التنسيق بين البلدين في مايخص المواقف والمبادرات المتصلة أساسا بملف الأزمة السورية والذي سيكون محورا أساسيا من محاور محادثات القيادة السعودية مع الرئيس الفرنسي والوفد المرافق له وبخاصة لوران فابيوس وزير الخارجية الذي كثف لقاءاته واتصالاته في الآونة الأخيرة مع نظيره الأمير سعود الفيصل للمساهمة في تحقيق هدفين اثنين هما؛ وقف العنف الدامي الذي يتعرض له الشعب السوري ومساعدته على فتح صفحة جديدة بدون الرئيس السوري الحالي بشار الأسد. وقد وجدت فرنسا لدى المملكة حليفاً قوياً في الدفاع بحزم عن هذين الموقفين في المحافل الدولية وساهمت من منطلق الشريك الإستراتيجي المرجعي في تقديم شروح إلى شركائها في الاتحاد الأوروبي بشكل خاص عن الأسباب التي حملت المملكة على رفض القبول بتولي مقعد في مجلس الأمن الدولي من مقاعد الدول التي ليست لديها العضوية القارة . وكان أداء المجلس الضعيف تجاه مأساة الشعبين السوري والفلسطيني أحد الأسباب الرئيسة في الموقف السعودي. ومن المؤكد أن المراقبين سيتابعون باهتمام كبير ما ستقوله القيادتان السعودية والفرنسية بشأن الموقف الإيراني من الأزمة السورية خلال محادثاتهما اليوم وغدا لاسيما وأن هناك انزعاجا مشتركا لدى القيادتين من وقوف إيران إلى جانب النظام السوري ضد شعبه والزج بلبنان عبر حزب الله في النزاع السوري على نحو أصبح يلحق ضررا كبيرا بمصالح لبنان وبوحدته الترابية وبأمن مواطنيه. وهذا ما يدل عليه مثلا التفجير الذي حصل في بيروت الجمعة الماضي وأودى بحياه عدة أشخاص منهم الوزير السابق محمد شطح أحد المقربين من سعد الحريري رئيس الوزراء اللبناني الأسبق. وقبل سفر هولاند إلى المملكة أكدت مصادر دبلوماسية مطلعة ل»الرياض» أن الرئيس الفرنسي سيجدد التأكيد لخادم الحرمين اليوم حرصه على اتخاذ موقف حذر وحازم من التحركات الإيرانية في الملف السوري وفي منطقة الخليج على نحو من شأنه الإساءة إلى الجيران الخليجيين . وأضافت المصادر أيضاً أن الرئيس الفرنسي سيسعى أيضا مع خادم الحرمين خلال لقائهما اليوم إلى استشراف سبل إعادة الحيوية إلى الملف الفلسطيني المعطل. الاقتصاد والصحة والدفاع ويقول الذين لديهم خبرة بمسار الشراكة الإستراتيجية الفرنسية السعودية إن هذه الزيارة الرسمية التي يقوم بها الرئيس الفرنسي إلى المملكة لمدة يومين والتي يرافقه فيها أربعة وزراء هم وزراء الخارجية والدفاع والنهوض بالقطاع الصناعي والتجارة الخارجية ووفد من رجال الأعمال ومسؤولي الشركات الصناعية الفرنسية الكبرى ستكون فرصة لإبرام عدد من العقود أو استكمال المشاورات بشأنها ومنها مثلا تلك التي تندرج في إطار مساهمة فرنسا في تحديث القوات الدفاعية السعودية. وكانت المملكة في شهر سبتمبر الماضي أعطت لفرنسا الضوء الأخضر لاستكمال مباحثات ومفاوضات بين الجانبين استمرت سنوات لتحديث جزء من القوات البحرية السعودية. والجديد في الشراكة الاستراتيجة الدفاعية بين الطرفين مشاورات تهدف إلى تعزيز قدرات المملكة الدفاعية لتزويد قواتها البحرية بغواصات وبتأهيل ثروات بشرية قادرة على الدفاع عن حدود البلاد بطرق عصرية جوا وبرا وبحرا. ولابد من التذكير هنا بأن القوات الجوية الفرنسية والسعودية تجري منذ سنوات بشكل منتظم مناورات عسكرية مشتركة منها تلك التي حصلت مثلا في جزيرة كورسيكا وفي قاعدة طولون العسكرية. وقد اكتشف الطيارون الفرنسيون مهارات زملائهم السعوديين وأقر كل طرف أنه تعلم من الطرف الآخر في إطار تفعيل الجانب الدفاعي في هذه الشراكة. ولا بأس أن نشير هنا أيضا إلى أن البعد الجديد الذي يرغب البلدان في المضي به قدما في هذه الشراكة هو ذلك الذي يتعلق بالتعاون في مجال الرعاية الصحية والتأهيل والتدريب و تبادل التجارب في هذا القطاع. ويمكن القول إن الزيارة التي أداها وفد سعودي إلى فرنسا يقوده الدكتور عبد الله الربيعة وزير الصحة خلال الأسبوع الأول من شهر نوفمبر الماضي تعد إحدى الصفحات الواعدة في كتاب الشراكة السعودية الفرنسية. فقد استطاع قرابة 350 طبيباً سعودياً استكمال دراستهم في فرنسا منذ العام 2006. واكتشفت فرنسا أن للطبيب السعودي تجارب ومؤهلات تجعله اليوم من أفضل أطباء العالم. ومن ثم فإنها راغبة في تعزيز هذا الجانب في الشراكة بين البلدين خلال زيارة هولاند اليوم وغدا إلى المملكة وخلال معرض الرياض الطبي الذي سيقام في شهر مايو المقبل والذي سيكون الفرنسيون ضيوف الشرف فيه. وعلمت «الرياض» أن اهتمام المملكة المتزايد بتطوير آلية البحث العلمي والطبي المتعلقة بعدة أمراض منها الأمراض المعدية ربما يمهد الطريق قريباً عبر هذه الشراكة لفتح فرع لمعهد باستور في إحدى المدن السعودية يكون أهم مركز في منطقة الخليج برمتها. وتجدر الإشارة إلى أن وفدا من رجال الأعمال السعوديين كان رافق وزير الصحة في زيارته الأخيرة إلى فرنسا وكانت له اتصالات مكثفة سمحت بوضع أرضية واعدة لمشاريع مشتركة لديها علاقة بالخدمات الصحية أو شبه الصحية.