على طريقة (Good cop/bad cop ) التي تستخدم للحصول على المعلومات من المتهمين والمشتبه بهم، تعرضت لموقفين متشابهين في دبي والعاصمة الرياض. فقبل أسبوعين كنت في طريقي إلى المملكة لعقد دورات تدريبية لطلاب الإعلام في جامعة جازان، وعند موظف الجوازات في مطار دبي كان السؤال الذي لم أتوقعه:" دخلت بالجواز وإلا البطاقة"؟ في الحقيقة لم أكن أملك الإجابة لكثرة تنقلي بين الإمارات والسعودية ولكني أحمل جواز السفر فأين المشكلة؟ المشكلة .. كما يقول الموظف بأنه عند دخول أي مواطن خليجي بالهوية الوطنية فإن عليه الخروج بها حتى لو كان يحمل جوازه الأصلي وبدونها لا يمكنه الخروج. وبعد نقاش وإصرار وإلحاح حولني الموظف إلى مكتب الجوازات الذي كان يعج بالموظفين وكان السؤال ذاته، أين البطاقة؟ ياجماعة الخير أنا أعمل وأقيم في الدولة، وعندي جوازي السعودي، وبطاقة الهوية الإماراتية التي تثبت إقامتي، وبطاقة العمل، ورخصة القيادة، وكرت العائلة، والتأمين الطبي، ومحفظة مليئة بالبطاقات البنكية وكل ذلك لا يكفي؟ بوجه خالٍ من التعابير رد الموظف "لا.. عليك إحضار البطاقة لتسافر" كانت الإجابة صادمة خاصة بأن الموعد المقرر لإقلاع الطائرة قد اقترب، ولولا تدخل أحد الموظفين للمساعدة لعدت خائباً أجر خلفي حقائبي وزوجة لم تستطع إخفاء امتعاضها مما يجري. السؤال تكرر لدى وصولي إلى مطار الملك خالد الدولي ولكن بصيغة أخرى خرجت بالجواز والا البطاقة" ؟ كنت أملك الإجابة هذه المرة على هذا السؤال، وعدة أسئلة أخرى متوقعة .. بالبطاقة، التي نسيتها في بيتي، في دبي، حيث أعمل، وأقيم. الإجابة كانت كافية لتحويلي إلى مكتب الجوازات بالمطار الذي دخلته وأنا مرتاح نسبياً لأني في وطني ومهما حصل لن يطلب مني الموظف العودة إلى دبي لإحضار البطاقة . فكان الحوار بيني وبين الموظف المسؤول وعدة موظفين آخرين تصادف وجودهم أو مرورهم كالشكل التالي: بطاقتك وين؟ نسيتها في بيتي في دبي؟ نسيتها وإلا ضاعت؟ لا نسيتها؟ موظف آخر: ممكن مرهونة. أنا: كان رهنت الجواز أكثر قيمة. وفي ظل هذا الجدل تذكرت حكمة تقول ان "مذيع الأخبار هو الشخص الوحيد الذي تتأكد زوجته أنه ذهب إلى عمله "فحاولت استخدام هذه المقولة لصالحي فقلت بأني أعمل في قناة معروفة وانه بكبسة زر يستطيع المرء معرفة هويتي والسبب من زيارتي وأنه من غير المعقول أن أعرض سمعتي للإساءة برهن البطاقة. رد أحد الموظفين بلهجة لاتخلو من السخرية: إيش يعني؟ فيما لطف آخر الجو بالقول: أنا ما أعرف إلا بتال القوس! أخفيت غضبي من تهكم الأول وقلت: بتال زميلي وصديقي الروح بالروح، على أمل أن تساهم شهرة بتال في تسريع الإجراءات لكي أتمكن من اللحاق برحلتي الداخلية خاصة وأن موظف الخطوط السعودية كان يقف خارج المكتب لمساعدتي بعد تأخر رحلة دبي – الرياض، وزوجتي هي الأخرى بانتظاري في صالة استلام الحقائب. وبعد شد وجذب انتهى بي الحال إلى أن أضع كل الإثباتات التي أملكها على طاولة مكتب الجوازات، وأن أكتب تعهداً أو إثباتاً يفيد بنسياني للبطاقة وذلك إثر اتصال هاتفي مع مدير الجوازات في المطار للخروج من هذا المأزق. عدّت الأمور على خير وخرجت من المكتب وأنا أعاهد نفسي على تدبيس بطاقة الهوية بالجواز، أو ألا استخدمها في سفري مرة أخرى، كما أن هذا الموقف جعلني أفكر بجدية في الانتقال إلى القسم الرياضي لعلي أصبح مشهوراً مثل "بتال". في الأخير .. أتمنى ألا نشعر بالقهر عندما نعلم أنه في الوقت الذي يتنقل فيه مايقرب من نصف مليار أوروبي بين ستٍ وعشرين دوله بدون أي إثبات أو هوية لازلنا نسأل بعضنا بعضا "بطاقتك وين"؟