فلينم هانئاً المجلس البلديّ (بيض الصعو) فليس العنوان يعنيه. الناس في بعض مناطق بلادنا تُسمي عامل النظافة ب(البلدي) نسبة إلى البلدية التي وظّفته لهذه المهمة قبل أن تتسلم الشركات - اللي تسوى واللي ما تسوى- هذه المهمة من البلدية بعقودٍ تسيل لها اللعاب ما عدا لُعاب العامل ذلك المسكين الذي ينتظر مستحقاته الضئيلة بالأشهر لهذا فهو يعيش على صدقات المُحسنين. لو سألنا وهذا من باب الاستغراب وليس الاستفسار لماذا يوجد عامل النظافة أصلاً، وماذا كان نتاج وجوده؟ لوجب استحضار أكثر من صورة سلبية. شيء طبيعي أن يوجد من يُزيل ما تُخلّفه قوى الطبيعة أو يجمع ما في حاويات الزبالة ولكن أن يوجد من يتعقّب تحركاتنا كي يلتقط نفايات تسببنا نحن فيها فهذا هو العيب وربي. أكثر شيء يؤلمني حين أمرّ صباحاً في طريقي بجانب الحدائق أو المتنزهات العامّة وأجد عُمّال النظافة وهم يجمعون نفايات من كانوا فيها ليلة البارحة. أكياس بلاستيكية، مناديل ورق، بقايا طعام، كأسات ورقية، حفائظ أطفال، قشور فصفص وفستق وكشمش ..الخ مع أن حاويات الزبالة مزروعة في كل شبر بالمكان. طيّب لماذا؟ لأننا تعودنا نساءً ورجالاً، صغاراً وكباراً وجود ذلك العامل الذي أتي من بلاده لكي يمارس هذه المهنة فلماذا التعب. نحن نوسّخ وهو ينظّف هكذا بكل بساطة...!! هذا المفهوم القاصر هو الذي أوصل إلى تلك السلبية الساذجة. اعلموا أيها السيدات والسادة بأنه لا يوجد في مدارس التعليم في اليابان المُدهشة من الروضة وحتى الجامعة شيء اسمه عامل أو عاملة نظافة. فقط معلمون وتلامذة. - طيب من ينظّف؟ - ينظّف إيش ؟ - الفصول والممرات والساحات ودورات المياه والمعامل والمسرح وقاعات تعليم الموسيقى. - ينظفها التلاميذ بأنفسهم ويتساوى في ذلك ابن رئيس الوزراء مع ابن سائق التاكسي. ولهذا ينشأ الطفل الياباني وهو مصدر للنظافة لا مُنتج للنفايات كما هو عند بعض الناس. سمعت بأن إحدى محافظات بلادنا قد غيّرت مُسمى عامل النظافة إلى صديق البيئة وهذا أمر جيّد نظرياً في الرفع من منزلة هذا الإنسان وإلغاء النظرة الدونيّة إليه من البعض للأسف الشديد. لكن بالمقابل ما الذي سيتغيّر؟ من وجهة نظري الشخصيّة وأتمنى أن أكون مُخطئاً. سيستمر الناس في ترك نفاياتهم خلفهم أينما كانوا ليجمعها هذا الصديق، وسيُلقي الشباب بعلب المشروبات الغازية والعصائر والبيرة (الخالية من الكحول بالطبع) على قارعة الطرق، وستتأخر الشركات في دفع مستحقات عامل النظافة.. عفواً أقصد صديق البيئة وهكذا. إن اختلاف التسميات فقط لا يُغير من السلبيات.