صدر عن كرسي الدكتور عبدالعزيز المانع لدراسات اللغة العربية وآدابها، سلسلة جديدة من الإصدارات التي جاء أولها بعنوان: "تمثل اللغة العربية من خلال التواصل الشفهي وتقييمه" من تاليف الدكتور الجمعي ابو العراس، وذلك في أربع وعشرين ومئة من القطع المتوسط، التي تناولت هذا التمثل من خلال البعد الشفهي وتمثيله. وقد جاء الإصدار من منظر مرتكزه ما نشهده من تركيز الأمم المختلفة على تعليم لغتها بمقدار مهم في حياتها، لأنها تعتبر اللغة سر بقائها، ولأن اللغة العربية تعرضت لمشكلات حالت بينها وبين روادها وطلابها في الاكتساب، ما حال دون قيام حضارة عربية معاصرة رائدة على غرار ما كان الأسلاف، ونظرا لشح المناهج والتأليف فيها وفي طرائق تدريسها بما يتماشى والعصر ومتطلبات الطالب وميوله، كان من الضروري التزام إصلاح تعليم اللغة العربية، إصلاحا شاملا، ولأن الغاية من تدريس العربية هو تكوين مواطن يحسن اللغة معرفة وتواصلا، من دون الوقوع في عوائق التواصل باللغة العربية القياسية التي تتمثل في الفصحى المعاصرة. ونظرا إلى أن التواصل الشفهي عد قطب الرحى في اكتساب اللغة، واعتبرت كذلك المساقات الأخرى خادمة لها، وغايتها هو الوصول إلى ذلك اتقانا وممارسة صائبة وسلوكا لفظيا حضاريا، فقد جاء الكتاب من هذا المنظور وعبر هذه المسافات يركز في البحث في مساق التواصل الشفهي مسلكا اساسيا في تعليم اللغة. كما هدف المؤلف من إصداره إلى تشخيص تدريس التواصل الشفهي وتقويمه، قصد تقديم مقترحات ترقى باللغة العربية إلى مصاف اللغات الحية المساهمة في تكوين الأجيال والحضارة، انطلاقا من تجربة المملكة، إذ يصف الباحث أن تعليم التعبير الشفهي هو الشغل الشاغل لكل الفئات التعليمية، إذ تناولته كثير من الدراسات المعاصرة بالتساؤل والبحث، وهو ما تبنته وزارات التربية في العالم والمؤسسات التربوية الدولية ومجالسها البحثية والعلمية، فالعالم التربوي مدعو بكل ما أوتي من شجاعة وقوة لئلا يتوقف عن إعادة طرح مسائل التعبير الشفهي، لكونه أمرا ضروريا، ما يجعلنا أمام وضع خطير آلت إليه العربية التي ظلت حبيسة الصف الدراسي ليس إلا، وذلك في أقصى الحدود، وفي ظل تفاقم سيطرة العاميات الآلية إلى القارب الخطير إلى الذوبان في اللغات الأجنبية مدعوون إلى طرح السؤال التالي: ماذا سنفعل تجاه هذا الوضع؟ هل سنقف متفرجين واللغة العربية تبتلع؟ اما الإصدار الثاني الذي جاء ضمن إصدارت الكرسي فقد حمل عنوان "الازدواجية اللغوية في العربية ومقارباتها العربية والاستشراقية" من تأليف الدكتور عبدالمنعم جدامي، في خمس واربعين ومئة صفحة من القطع المتوسط التي تناول فيها المؤلف عددا من الموضوعات التي جاءت على النحو التالي: مفهوم مصطلح الازدواجية اللغوية وتاريخه في اللسانيات الاجتماعية، تلاه مبحث عن تصورات الباحثين للواقع اللغوي العربي الحديث، ليقدم المؤلف بعده موضوعا استعرض فيه تصورات الباحثين للواقع اللغوي القديم. كما تضمن الكتاب مبحثا بعنوان (نموذج استشراقي معاصر: فرضية المستشرق الأسباني فيدريكو كورينتي في تاريخ الازدواجية اللغوية) حيث أعقب هذا الموضوع مبحث قدم فيه المؤلف عرضا تحليليا لفرضية كورينتي في تاريخ الازدواجية اللغوية العربية، ليعقب هذا الموضوع بتقديم تصور ختامي لما قدمه جدامي في إصداره. وقد سعى المؤلف من خلال الكتاب إلى تحقيق جملة من الهداف التي تضمنتها مباحث الإصدار التي جاء منها تحديد مفهوم الازداوجية اللغوية وتبيان مدى انطباقه على أضاع العربية في مراحلها التاريخية، إلى جانب ما حرص عليه المؤلف من تحقيق تقديم مسح لجملة الآراء الرئيسة ووجهات النظر القائمة في مرافئ العربية ومراحلها التاريخية والأدبيات الخاصة بظاهرة الازدواجية اللغوية، إضافة إلى تحقيق هدف ثالث تمثل في عرض وتحليل نقدي لنموذج مهم من النماذج الاستشراقية التي أسهمت في دراسة قضية الازدواجية اللغوية في العربية، التي قصد منها المؤلف إلى تقديم عرضه التحليلي من خلال دراسات المستشرق الأسباني المعاصر كورينتي، وصولا إلى هدف رابع سعى إليه جدامي إلى تقديم إسهام علمي في دراسة قضية "الازدواجية اللغوية في العربية" من خلال محاولة الاستفادة من التراث اللغوي العربي، الذي يمكن أن يقدم أدلة ومفاتيح يستشهد بها في معالجة القضية. يقول جدامي في سياق رؤيته التي سعى من خلالها إلى تحقيق هذه الأهداف: لاحظت ان البحث في معالجات مراحل ظاهرة الازدواجية اللغوية، وذلك بعد أن أصبح البحث في مراحل هذه الظاهرة مقصورا، أو يكاد، على المستشرقين فقط، ومن ثم فإنني في هذا البحث أعطيت تركيزا خاصا على تحليل فرضية المستشرق كورنتي، لما تضمنته من رؤية أثارت حولها جدلا مهما، ومثمرا في دوائر الاستشراق حول القضية التي نحن بصددها في هذا البحث، وأنوه هنا بانني في ثنايا هذا التحليل قمت بتقويم كل فرضية على ضوء المنظورات الأخرى للموضوع نفسه، محاولا الاستفادة من التراث اللغوي العربي، كلما وجدت أنه يمكن أن أقدم أدلة ومفاتيح يستشهد بها في هذا المضمار. وضمن سلسة إصدارات الكرسي للمجموعة التي أصدرها الكرسي مؤخرا، جاء الكتاب الثالث من الإصدارات بعنوان "راهن الدراسات النقدية في الوطن العربي" من تأليف إبراهيم خليل، الذي استعرض في كتابه جملة من الموضوعات في هذا السياق البحثي، حيث بدأ المؤلف بمقدمة عرض فيها إلى أن النقد في هذا المجال البحثي في الماضي البعيد اقتصر على ملاحظ خاطفة، وعبارات مقتضبة، تنم على الاستحسان تارة، أو على الاستهجان أخرى، من غير إسهاب ولا تفصيل، لا في التفسير، ولا في التأويل، أو التعليل، ونظر إلى هذا الضرب من النقد الذوقي باعتباره نقدا عجولا، شرعا، عابرا، لا يؤبه به كثيرا. ويمضي المؤلف في حديثه عبر هذه الرؤية مردفا قوله: العصر الذي تلا عصر التدوين، في الآداب العربية القديمة، شهد ظهور المؤلفات التي تصنف فيها الأشعار وفق مستواها الفني، وحظها من المعاني المبتكرة والصيغ اللفظية المستجدة، وتندرج في هذا السياق تلك الكتب التي مزج فيها مؤلفوها بين الأخبار، ورواية الأشعار، وموازنة الشعراء بعضهم ببعض، وتحسين ما يحسن من الشعر لفظا، أو معنى، على ما لا يحسن، مع ضبط المعايير التي تعزى إليها جودة الشعر، أو تلك التي يتماز بها الشعر الصحيح من الشعر المنحول، والزائف. ومن المضوعات التي قدمها الكتاب نطالع الموضوعات التالية: بوادر النهوض، الديوان والنقد، نقاد ومناهج، النقد الإيديولوجي، نقاد نفسيون، التحليل النفساني، نفسية أبي نواس، التفسير النفسي للأدب، النقد الشكلي، نظرية الشكل، النقد والأسطورة، أسطوريات، النقد المقارن، ثورة النقد، الأسلوبيات، البنيويات، السرديات، السيمائيات، التلقي والتأويل، النقد الثقافي، النقد النسوي، رؤية العالم، التحيز ضد الذكورة، التي يصفها المؤلف بأن ثمة شيء غريب لابد من لفت النظر إليه في الرواية النسوية، الذي يتمثل في تحيز الكاتبة ضد الذكورة. أما الإصدار الرابع من إصدارات كرسي الدكتور عبدالعزيز المانع لدراسات اللغة العربية وآدابها، فقد ألفه الدكتور حافظ إسماعيلي، بعنوان "من قضايا اللغة العربية في اتجاهات البحث اللساني الحديث" متضمنا في ثناياه العديد من الموضوعات اللسانية الحديثة عبر اتجاهاتها المختلفة، وذلك في تسع وثلاثين ومئة صفحة من القطع الموسط. يقول اسماعيلي عن منهجه العلمي في دراسة اتجاهات البحث اللساني الحديث: سلكنا في هذا العمل منهجا وصفيا تحليليا خالصا فرضته طبيعة المعالجة، فقد عرضنا لأهم قضايا اللغة العربية في اتجاهات البحث اللساني الحديث، ونقصد بهذا الاتجاه: الاتجاه الوصفي/ البنيوي، والاتجاه التويليدي، والاتجاه الوظيفي/ التداولي، وهي الاتجاهات التي حظيت وتحظى بالنصيب الأوفى من التداول، من دون ان يعني هذا الاجتزاء التقليل من أهمية الاتجاهات الأخرى (السانيات النسبية/ اللسانيات التوليفية/ اللسانيات الخليلية/ اللسانيات الاجتماعية/ اللسانيات الحاسوبية/ اللسانيات النفسية/ اللسانيات القانونية/ استمولوجيا اللسانيات، وغيرها من اللسانيات. وقد حوى الكتاب جملة من الموضوعات التي تناغمت في دراسة هذه الاتجاهات اللسانية التي جاء منها: الوصفيون وقضايا نقد التراث اللغوي العربي وتجديده، قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوصفية: القضايا الصوتية، القضايا الصرفية، قضايا دلالية، قضايا نحوية، أقسام الكلام، نظرية الإعراب والعوامل.. وصولا إلى خلاصة واستنتاجات هذه الجوانب من اللسانيات الوصفية. كما تناول الباحث جوانب مختلفة من قضايا اللغة العربية في اللسانيات التوليدية، التي استعرض عبرها التوليديون والتراث اللغوي العربي، قضايا اللغة العربية في الكتابة التوليدية العربية، الكتابة التوليدية التيسرية، الدراسات الصوتية، الدراسات الدلالية، الدراسات التركيبية، الكتابة التوليدية التطبيقية، التي قدم خلالها اسماعيلي جملة من القضايا البحثية. وضمن إصدارات الكرسي في جانب التحقيق صدر كتاب بعنوان: (رسائل العصيدي) لأبي سعد محمد بن أحمد بن محمد الكاتب المتوفى سنة 433ه التي درسها وحققها الدكتور إحسان ذنون الثامري، عضو هيئة الدريس بجامعة العلوم الإسلامية بالأردن، حيث تضمن الإصدار أربع وخمس مئتي صفحة من القطع الكبير، التي تتبع خلالها الباحث دراسة وتحقيق رسائل أبي سعيد الكاتب.