لا أريد أن أذكر قائل هذه الكلمة، فهو أشهر من أن يعرّف، ولكن الزمن أثبت صحتها، وهذه الكلمة هي: «ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة» فلأول مرة تشعر إسرائيل بهزيمتها في لبنان وتنسحب منها وتحتفظ بشريط حدودي، ثم ترغم على الانسحاب من كل أراضي لبنان وتتخلى عن الشريط الحدودي بعد الكفاح المجيد الذي قاده حزب الله الذي ظل حتى الآن شوكة في حلق إسرائيل، وأعلنت أخيراً أنها لا تمانع في التنازل عن مزارع شبعا للبنان مقابل أن ينزع حزب الله سلاحه، ولكن هيهات فسيظل حزب الله يحمل سلاحه إلى أن تتخلى دولة إسرائيل عن عدوانيتها، وتسرح جيشها، ثم جاءت حماس ووجدت القدوة وشنت منذ اثني عشر عاماً حرباً على الجيش الإسرائيلي شبيهة بالحرب التي شنها حزب الله، وقدمت تسعين انتحارياً من خيرة شباب فلسطين شبانا وفتيات في ميدان هذه الحرب، واليوم حين تخرج إسرائيل من قطاع غزة، فهي لا تخرج نتيجة المفاوضات أو نتيجة ضغط أمريكا والمجتمع الدولي، وإنما نتيجة للضحايا والتضحيات التي قدمتها حماس والذين لن ينساهم التاريخ ولا سيما أحمد ياسين والدكتور عبدالعزيز الرنتيسي، وغداً سينسحب الإسرائيليون من الضفة الغربية بنفس الأسلوب الذي أرغمهم على الخروج من لبنان وغزة وهو الكفاح المسلح، ولن ينفعهم السور الذي بنوه فسيلقى مصير السور الذي سبقه في الوجود وهو سور برلين، بل إن السور سيضعهم في سجن لا يستطيعون أن يهربوا منه، وستنهال عليهم النيران من تحتهم ومن فوقهم إلى أن يدركوا أن خلاصهم الوحيد هو في السلام الدائم مع الفلسطينيين، وهو ما ادركه أعظم قائد حربي في تاريخهم وهو اسحق رابين، ولهذا قتلوه، ولكنهم لن يستطيعوا أن يقتلوا كل الذين ورثوا فكره وعزموا على تطبيقه، وهو أعظم قائد حربي لأنه ادرك أن إسرائيل لن تستطيع أن تنتصر على الفدائيين، وهذا ما أدركه الأمريكان الآن لا سيما وأنهم قد تعرضوا لأربعمائة عملية انتحارية حتى الآن، كما أن شعبية بوش هبطت إلى 34٪ وهي قريبة من نفس النسبة التي هبطت إليها شعبية جونسون أثناء حرب فيتنام (32٪) الشيء الوحيد الذي يعوقهم الآن عن الانسحاب هو العثور على طريقة تحفظ ماء وجههم وهم ينسحبون.