رفع النمو السكاني في المملكة الذي بلغ 3% الطلب للافرد على الماء بنسبة بلغت 9% سنويا، وحذر متخصص في قطاع المياه من تحديات مقبلة تعوق التوسع في توفير المياه. وقال الدكتور خالد العثمان القاضي المتخصص في قطاعي المياه والكهرباء: ان هناك تطبيقات لاستخدام المياه العذبة والمالحة لإنتاج الطاقة الكهربائية من خلال محطات ضخ وتخزين المياه في سدود على المرتفعات في أوقات انخفاض الأحمال والاستفادة منها لتشغيل المولدات الهيدروليكية وانتاج الكهرباء في اوقات الذروة. ولفت الدكتور القاضي إلى أن الماء أصبح شحيحاً في معظم مناطق المملكة بسبب تغير طباعنا الاستهلاكية اضافة الى الاستخدام الجائر في مجال الزراعة خلال الخمسة وثلاثين سنة الماضية مما نتج عنه ان غارت العيون التي كانت تتدفق من على سطح الارض منذ آلاف السنين في بعض المناطق، ونزول مستوى الماء الصالح للشرب الى مستويات سحيقة لا يمكن الوصول اليها إلا بمعدات حفر خاصة، وحتى نتمكن من توفير الماء بكميات تفي باحتياجات المواطن اليومية والتي تقدر بحوالي 7 ملايين متر مكعب في اليوم الواحد يتم تحلية مياه البحر، حيث تبلغ كمية المياه المحلاة حوالي 60% من إجمالي كمية مياه الشرب علماً بأن استخراج المياه تقدر ب 3.75 ريال للمتر المكعب باستخدام النفط المدعوم من الدولة بسعر4 دولارات للبرميل بينما يباع المتر المكعب من المياه للمواطن بسعر زهيد يصل الى 12 هللة. هذا من ناحية ومن الناحية الاخرى فان تكلفة استخراجه من خلال الطاقة النظيفة (الطاقة الشمسية وطاقة الرياح) يقدر بحوالي 7.5 ريال. وشدد القاضي: ان الحاجة المتنامية للفرد للماء أصبحت اكثر الحاحاً من السابق حيث وصلت نسبة نمو الطلب على الماء الى حوالي 9% سنويا، لاسباب عدة منها النمو السكاني الذي بلغ 3% حيث وصل عدد سكان المملكة 29.994.272 نسمة حسب تقارير مصلحة الاحصاءات العامة والمعلومات لعام 2013 م، واتساع الرقعة الزراعية التي تعتبر المستهلك الأول للمياه حيث يقدر استهلاك الزراعة بحوالي 84 % من اجمالي استهلاك المياه بالمملكة، وبالرغم من انخفاض معدل سقوط الامطار السنوية الى ما يقارب 112 ملم إلا ان المملكة حرصت في خططها الماضية على الزراعة بهدف تحقيق الامن الغذائي وتنويع القاعدة الاقتصادية في بيئتنا الصحراوية وقد بلغ الطلب على الماء للأغراض البلدية الى قرابة 2500 مليون متر مكعب والصناعية ال850 مليون متر مكعب كما فاقت التقديرات للاستخدامات الزراعية ال17500 مليون متر مكعب لعام 2012 م. وأظهرت الدراسات التي اجرتها وزارة التخطيط ان الاحتياطيات المائية تقدر ب338كيلو مترا مكعبا ويصل مجموع المياه الجوفية المتجددة الى حوالي 2 كيلومتر مكعب سنوي فقط، وبالمقابل فان الاستهلاك الزراعي حسب رصد منظمة الاغذية والزراعة (الفاو) بين (1980-2006 م) وصل الى (21 كيلومتر مكعب)، وهنا يظهر الخلل الحاد بين التغذية والاستهلاك لهذه الخزانات الطبيعية التي جمعت من خلال تكوين (الساق) حيث كان يتغذى من جهة شمال المملكة وجنوب الاردن في العصر المطير الذي استمر خلال اربعة ألاف سنة انذاك وبقي هذا المخزون خلال آلاف السنين مخزونا استراتيجيا للمنطقة. وبين القاضي: لذلك فان الدولة تعمل على البحث عن حلول مناسبة للموائمة بين مشاريعها التنموية واحتياجات المواطن من جهة والموارد الطبيعية من جهة أخرى لتحقيق التوازن بين المواطن والبيئة وقد قامت الدولة بعدة خطوات، منها التحول عن زراعة القمح بوقف الدعم في عام (2016)، كما دعت المستثمرين السعوديين في القطاع الزراعي إلى نقل استثماراتهم إلى الخارج حيث يوجد وفرة للمصادر المائية.. ومن ما سبق يتضح لنا ان هناك تحديات كبيرة، يضاف اليها تحديات البنية التحتية للصرف الصحي وتأثير مياه الصرف على الموارد الطبيعية، وإمكانية الاستفادة من هذا الماء الذي يعتبر في كثير من الدول رافداً اقتصادياً يمكن اعادة استخدامه حسب نوع ودرجة المعالجة، فعلى سبيل المثال أولت ولاية كاليفورنيا الامريكية اهتماما بالغا لهذه المصادر المهدرة في كثير من البلدان، وعملت على معالجة مياه الصرف الصحي وإعادة حقنه في باطن الارض لاستخدامه مرة اخرى عند الحاجة. وأشار القاضي إلى أن هناك تطبيقات لاستخدام المياه العذبة والمالحة لإنتاج الطاقة الكهربائية من خلال محطات ضخ وتخزين المياه في سدود على المرتفعات في أوقات انخفاض الأحمال والاستفادة منها لتشغيل المولدات الهيدروليكية وانتاج الكهرباء في اوقات الذروة، وفي هذا المجال لا بد من دراسة جدوى إقامة احواض لتجميع مياه الصرف الصحي (المياه الرمادية) في المناطق التي تمتاز بوجود مرتفعات لوضع مساقط مائية ومعالجتها بطريقة مناسبة لاستخدامها في إنتاج الكهرباء في أوقات الذروة لتخفيف العبء على منظومتنا الكهربائية والاستفادة منها في استخدامات اخرى صناعية مثلا والنظر قي امكانية تشكيل مناطق خضراء حول المدن القريبة لما له من مردود بيئي وسياحي وجمالي جيد والحد من استخدام المياه الجوفية في زمن وفرة الميزانيات الضخمة واختتم الدكتور خالد القاضي تصريحه بالقول: إن المواطن هو هدف التنمية ووسيلته مما يملي على المسؤولين بالدولة الاخذ بالاعتبار للمتغيرات السكانية وإيلاء اهمية كبرى في رسم الخطط التنموية والبحث عن افضل السبل للرقي بمعيشة الفرد ومنافعه واستدامة لموارده التي ينتفع بها والأجيال القادمة من بعده.