في برنامج "حديث الناس" المباشر من إذاعة الرياض قبل أسبوع كان موضوع الحلقة يدور حول ما خلّفته السيول مؤخراً من أضرار في بعض مناطق ومدن ومحافظات بلادنا. كاتب هذه السطور كان أحد ضيوف البرنامج قلت رؤيتي حول سبب تكرار ذات المشاكل كلما هطل مطر أو سال شعيب. لا معنى لتكرار ما قلته في الإذاعة ولكنّي سأحاول إكمال فكرة قلتها هناك على عجل وأجدها فرصة للتركيز عليها هنا في الجريدة. (مقاول الباطن) الذي ربما يكون تقليعة محليّة كخصوصيتنا السعودية. لا أعتقد بأنه قد تم تنفيذ مشروع واحد في بلادنا من قبل المقاول الرئيس الذي رسا عليه العقد ووقعه مع الجهة المستفيدة. حتى الشركات العملاقة الثلاث أو الأربع المعروفة بتنفيذ مشاريعنا الكبرى تعتمد على مقاول أو أكثر من الباطن. نعم نُدرك أن هناك أعمالاً جانبية غير مؤثرة في بُنية أيّ المشروع يمكن إسناد تنفيذها لمقاول متخصص مثل الحفر أو الردم أو النقل أو الحراسات وغيرها ولكن أن توقّع شركة مع الجهة المستفيدة ثم تُسلّم كامل الأعمال لمقاول من الباطن بسعرٍ يقل كثيراً عن قيمة المشروع الأصلي وتقبض هي السمين لمجرّد استخدام الاسم فهذا هو الدمار والفشل المتوقّع. تخيّلوا كيف يضمر حجم فيل ليصبح فأراً..!! الفيل هو المشروع وقت التوقيع وحين يبدأ التنفيذ يتسلّم مقاول الباطن ذلك الفيل وقد أصبح بقرة ثم باطن آخر فيتضاءل إلى تيس وهكذا حتى تتم إجراءات تسليمه وقد أصبح بحجم فأر مذعور..! السؤال هنا أين استشاري المشروع وأين الإدارات الهندسية في الجهات الحكومية صاحبة تلك المشاريع؟ أين المهندسون والمراقبون عمّا يجري؟؟ كيف يقبلون وجود باطن ثم باطن وباطن لا يعرفون كيف أتوا؟؟ كيف وكيف وكيف. تلك الأسئلة يُفترض طرحها من قبل الجهات الرقابية ومنها هيئة مكافحة الفساد. أمران لا ثالث لهما لنجاح المشاريع. أولهما إلغاء نظام الأخذ بأقل الأسعار في المناقصات الحكومية فالجودة وتدني الأسعار لا يمكن وضعهما في سلّة واحدة. ثانيهما إلزام الشركة أو المؤسسة الموقعة بالتنفيذ بذاتها في الموقع وليس من خلف المكاتب مع المتابعة الدقيقة من قبل المراقبين غير المنتسبين لأي طرف في المشروع وسلامتكم من الغرق.