الغش يمكن اختصار معناه في سطور قليلة: فهو عبارة عن خلط أو استبدال مواد أصلية مرتفعة القيمة والثمن جديدة بمواد منخفضة الجودة والقيمة فاسدة بغرض زيادة الوزن أو تخفيض التكاليف على الجهة المنشأة أو المصنعة لمنتج ما. لقد ذمّ الله عزّ وجلّ الغش وأهله في القرآن وتوعدهم بالويل، ويُفهم ذلك من قوله تعالى: (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينْ. الّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُون. وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ)[المطففين:1-3]. وكذلك حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من الغش وتوعّد فاعله، « ليس منا من غشنا» [رواه مسلم]. منذ صدر الاسلام وحتى وقتنا الحاضر قد بدأ انتشار الغش في العالم فاصبح يزداد يوم بعد يوم بمرور الزمن ويسري في دول العالم سريان النار في الهشيم فاصبحت نسبته في العالم تصل من خمسة الى عشرة بالمئة علما بان المبالغ المستحصلة من الغش، ونصيب المملكة من هذا الغش تصل في العام الواحد إلى اربعة مليارات دولار سنويا. فهذا الغش يدخل في: قطع غيار السيارات والاطارات، العطور والبخور، المصوغات النسائية والكماليات، وحليب الاطفال والادوية (علما بأن نسبة الغش فيها تصل الى 50%) ونسبة المتوفين من هذه الادوية ما يعادل الوفاة من امراض الملاريا والسل والسرطان وامراض الايدز وتجار شرطة الادوية تحولوا الى عصابات خطيرة وتتسرب هذه الادوية المجهولة المصدر الى العالم وخصوصا الدول الخليجية عن طريق المنافذ البرية والمنافذ البحرية وعن طريق المطارات فنريد من منظمة الصحة العالمية ومن وزارات الصحة في دول الخليج العربي والعالم العربي والاسلامي بل دول العالم وضع حزام امني مشدد ورقابة يقظة مدعومة بمهارات وكفاءات متخصصة وتقنيات متطورة لكشف هذا الوباء الخطير والسيطرة على تسربه كما ينبغي ويتوجب على وزارات الصحة في دول الخليج العربي والعالم العربي والاسلامي ان تقوم بتصنيع الدواء لتكون هي المصنعة وهي المستهلكة كما يراد من جميع الدول ان تشدد الرقابة بوضع الكفاءات المتخصصة والتقنيات المتطورة على حدودها البرية والبحرية والجوية وعلى جميع المطارات والجمارك. الاجهزة الكهربائية، الادوات الرياضية، الساعات والاكسسوارات، المواد الغذائية والمشروبات، الحديد والاسمنت ومواد البناء بجميع انواعها والخرسانات الاسمنتية. بعض الأراضي المباعة تكون مدفونة اومزودجة الصكوك او صكوكها مضروبة ولايعلم بذلك المشتري. الغش في مدة انتاج الصلاحية بتغيير مدة التواريخ، تقليد للماركات العالمية (من جميع مستلزماتها). وهناك فوق الارصفة، وعلى الطرقات، وتحت الكباري مواد غذائية منها (عصيرات، وبسكويت، وملابس داخلية) تباع بأقل الاسعار، واصبح المستهلك (المسكين) ضحية للاثنين: ضحية للغش (الواسع، والشامل).. وضحية للتلاعب في الاسعار التي لم تجد من يوقفها عند حدها.. وما نقره وتنشره صحفنا المحلية من أخبار عن مصادرة أدوية ومستحضرات عشبية محظورة ومسمومة ومسرطنة وقاتلة، ومصادرة أطنان من الأغذية والمشروبات والحلويات الفاسدة، ومصادرة مواد وألوان مسرطنة تستخدم في صناعة الحلويات والأغذية، وتسويق مواد استهلاكية وألعاب وألوان مصنوعة من مواد مسرطنة ومواد مشعة وبأسعار زهيدة جداً، والقبض على وايتات تسقي المزارع بمياه المجاري، ورمي النفايات الطبية والصناعية في الأودية والبحار والانهار وقرب المزارع، والقبض على عمالة مريضة متخلفة تعمل في مطاعم ومخابز ومعامل وأغذية ومصانع وتعبئة مياه، واستخدام مبيدات زراعية محظورة أو بطريقة غير سليمة، وانتشار قطع غيار سيارات مقلدة أدت إلى حوادث مميتة. إن الفوضى الشاملة التي نعيشها نتيجة لعدم تفعيل الأنظمة وعدم وجود عقوبات صارمة وحاسمة فيها وتساهل الجهات المختصة في تطبيقها وفي متابعة ومحاسبة مراقبيها مع قلة عددهم على تقصيرهم وتغاضيهم عن رصدها بحسن نية (أو غيرها) واقترح تعديل جميع أنظمة العقوبات ووضع عقوبات رادعة وصارمة وحاسمة لأي جريمة أو مخالفة وتحديد حد أدنى رادع لها يزيد على الأرباح المتحققة عنها ومنع مرتكبيها من مزاولة أي نشاط تجاري نهائياً لتحقيق الانضباط في جميع المجالات وفرض الهيبة الحقيقية التي تقاس بمدى التزام واحترام الجميع للأنظمة والأجهزة الرقابية المختلفة. وان لايسمح بدخول أي منتج الا بعد اختبار صلاحيته.. وعلى سبيل المثال حينما أثيرت أنباء ماضية عن تزايد وفيات الاطفال والاصابات العديدة من جراء تناول الحليب الملوث وخبر وصوله للاسواق أثار مخاوف المواطنين في المملكة من وصول الحليب الملوث وتداوله في الاسواق خصوصاً ان اغلب الدول الاوروبية اعلنت تنفيذ احتياطات كبيرة لمنع وصول المنتج الملوث الى اراضيها فيما لم تعلن وزارة الصحة وزارة التجارة وهيئة الغذاء والدواء وهيئة وجمعية حقوق الانسان وحماية وجمعية المستهلك وصحة البيئة في المملكة اي تحرك لها بهذا الصدد. وقدرت الإحصاءات حجم خسائر الاقتصاد السعودي من الغش في مجال العلامات التجارية والسلع المزيفة ب(4 بلايين ريال) سنوياً. فإلى متى نظل وتظل الجهات المعنية تحديداً والجهات الأخرى كوزارة الصحة ومجلس الشورى ووزارة البلديات والشؤون القروية وهيئة الغذاء والدواء وهيئة وجمعية حقوق الانسان وحماية وجمعية المستهلك وصحة البيئة غارقة في صمتها وتساهلها أمام هذه المنتجات المهددة للسلامة والصحة؟ وإلى متى يظل المجال مفتوحاً أمام البعض من المؤسسات والشركات للمتاجرة بسلامة المواطن وصحته وابتزازه، وان تشجع الرقابة الاجتماعية وترصد لتلك الرقابة المكافآت والشهادات التقديرية على أعمالها. ومطالبة المتلاعبين والمتهاونين قضائيا لاخذ التعويضات منهم نتيجة الاضرار التي تنشأ من اي اهمال او غش او تقصير او تلاعب بصحة المواطن وسلامته. فمحاربة الغش بجميع اشكاله منهج شرعي ومطلب اقتصادي ومطلب وقائي وإنا لمنتظرون..