أمس الضحى عديت في رأس مزموم تومي بي الارياح شرقٍ وشامي ماكر حرارٍ ما يوكر به البوم كود العقاب الصيرمي والقطامي أبكي هلي يا ناس مانيب مليوم وأظن من يبكي هله ما يلامي ماهو على غروٍ من الدق ماشوم على الشيوخ متيهين الجهامي من طاوع الثنتين يصبر على اللوم يصبر على فرقى الأهل والعمامي هذي مرابط خيلهم دايم الدوم حقب العيون مروبعات الهوامي يركب عليهن باللقا كل شغموم من ربعي اللي ما وطوا بالملامي علمي بهم شدوا من الواد أبو دوم مستجنبين مطيرات العسامي وخلاف ذا يا راكبٍ فوق منسوم يقطع قراريص الرسن والخطامي ملفاك عمي ناقل الغيظ والزوم زيزوم قومٍ كالجراد التهامي ودوا سلامي عد ما فات من يوم بكتاب مني يا الوجيه الكرامي بسجلةٍ صفحه من الحبر مرشوم لم العمام أنهيت غاية كلامي لكم أشتكي من ضيم الأيام وهموم ومثلك لعين اللي شكى له يحامي الشاعر : لا نعلم من اسمه إلا ما تناقله الرواة بأنه مسعود مملوك ابن هذال ولم أطلع على نصوص أخرى للشاعر ويرجح لدي أن زمن الشاعر في أواخر القرن الثاني عشر الهجري. مناسبة النص: جاء عند منديل الفهيد في حديثه عن قبيلة عنزه وشيوخهم آل هذال"أن منازلهم كانت بالحناكية قرب المدينةالمنورة ثم ارتحلوا عنها..وكان مسعود قد تزوج امرأة من الحاضرة واقتنى غنماً،وعندما شد أعمامه حادرين اضطر إلى الجلوس مع زوجته والغنم لأنها لا تسير مع الإبل"وفي النص دلالات على سبب البقاء وعلى صحة مكان بقائه عندما يذكر الوادي أبو دوم وهو وادي الحناكية والتي تشتهر بشجر الدوم ،ويبدو أنها تغيرت الأحوال على الشاعر وقست عليه الظروف فأرسل طالباً مساعدتهم. منديل الفهيد دراسة النص: تتعدد روايات هذا النص ويخلط بينها وبين نصوص أخرى وهنا اعتمدت على ما جاء عند منديل الفهيد في كتاب من آدابنا الشعبية في الجزيرة العربية الجزء الأول، وقد بدأ قصيدته واصفاً حالته في ضحى اليوم السابق حيث اعتلى مرتفعاً لا يعتليه سوى جوارح الطيور من العقبان والصقور وقد استغرق في البكاء ليس على فتاة جميلة تضع الوشم على جسدها وإنما يبكي أعمامه الذين رحلوا وهم الشيوخ الذين يختارون المراعي الجيدة لإبلهم غير مبالين بالأعداء، ويلوم نفسه متحسراً على تخلفه عنهم بسبب زوجته وغنمه، وقد بقي في أطلال منازلهم متذكراً مرابط الخيل الأصيلة التي يمتطي صهواتها فرسان شجعان وأن آخر عهده بهم حينما غادروا الوادي الذي تنبت فيه أشجار الدوم ويقصد الحناكية، وقد سارت الإبل وبجانبها الفرسان على خيولهم لحمايتها، ثم يوصي نجاباً بأن يقصد شيخهم ويبلغه السلام ويوصل له رسالة يشتكي فيها من ضيق ذات اليد وتقلبات الدنيا. تأثر الشعراء وتشابه النصوص: كنت منذ أسبوعين في حوار مع الإعلامي القطري الكبير حمد محسن النعيمي في برنامج (أثير القصيد) وقد تطرقنا إلى تأثر الشعراء ببعضهم وتشابه نصوص الشعراء وأحب أن أوضح أن هناك فرقاً بين هذا وذاك فالتأثر يكون بمجاراة قصيدة شاعر أو إعادة صياغة أبياتها ولو في نص مختلف القافية والبحر كما بيناه في مقال سابق بينما التشابه يكون في اتفاق النصوص في البحر والقافية فقط،وغالباً يكون لكل نص سياق معنوي لا يتشابه مع سياق النص الآخر وإنما التشابه فقط في البحر والقافية فالبحور والقوافي ليست حصر على شاعر دون آخر ولا يؤخذ فيها بمعيار الأسبقية في النظم فيقال لكل من تلاه متأثراً به، وبين يدينا اليوم أنموذج نص يتشابه مع عدد من نصوص شعراء كبار ولكن يختلفون في مواضعيهم ومن ذلك قصيدة للشاعر محمد العبد الله القاضي في الحكم والعظة والتي منها: افكرت بالدنيا وفيضت مكتوم ما حان في ليحان صدري وحامي أفكر ولي بابكار الأفكار مفهوم قلبٍ شوى جاشه لهيب الغرامي يخفق خفوق سبوق طيرٍ يبا الحوم يرف من جاشي رفيف الحمامي وكذلك قصيدة صايد الزعيلي التي يرد فيها على بصري الوضيحي ومطلعها: يا هيه يا اللي راكبينٍ على كوم اخذن ولا نبغي لكن العلامي وكذلك قصيدة محمد بن هويدي في الأمير محمد بن عبد الله الرشيد والتي منها: يذكر من الشنبل لحوران ماسوم حميه من حايل بعيد المرامي حرٍ نزع من قصر برزان ملحوم مخالبه بالصيد درعٍ دوامي شيخٍ يصل القوم صلٍ على القوم يجمع غثير الماطلي والقتامي فيلاحظ أن كل نص له موضوع مختلف عن الآخر ومع ذلك فإن الرواة يخلطون في بعض الأبيات بينها ولكننا لا نقول بأن هؤلاء الشعراء قد قالوا نصوصهم متأثرين بنص مسعود الذي تقدمهم في الزمن.