يرى خبراء الطاقة في فرنسا أن الاتفاق الذي أبرمته فرنسا قبل أيام مع منغوليا لإنتاج اليورانيوم في منجمين يعدان الأهم في صحراء جوبي منعرج حاسم في السياسة الطاقوية الفرنسية الذرية، ويقولون إن هذا الاتفاق يسمح لفرنسا بقطع خطوات كبيرة في مجال تنويع مصادر التزود بالوقود لتشغيل مفاعلاتها النووية التي تلبي قرابة ثلاثة أرباع حاجات البلاد من الطاقة الكهربائية، وهو أيضا إجراء يسهل على فرنسا مواجهة الضغوط التي تمارس عليها حاليا من قبل النيجر لمراجعة الشروط المالية التي تتحكم حتى الآن في التعاون بين البلدين لإنتاج اليورانيوم في منطقة أرليت الواقعة في الشمال المالي. والملاحظ أن الاتفاق الأخير الذي أبرم في "أولان باتور" عاصمة منغوليا أبرمته ثلاث شركات إحداها فرنسية والأخرى منغولية والثالثة يابانية وهي "إيريفا" و"مون أتوم" و"ميتسوبيتشي كوربوريشن"، وتجد الدول الثلاث التي أبرمت شركاتها اتفاق الشراكة الإستراتيجي هذا فيه منافع كثيرة من بينها بالنسبة إلى منغوليا توصلها إلى تنويع شركائها لا سيما باتجاه كسب شركاء أوروبيين منهم فرنسا وألمانيا والإفلات بالتالي من ضغوط شريكيها الأساسيين أي الصين الشعبية وروسيا اللذين لديها معهما حدود مشتركة، وأما اليابان فإنها تجد في هذه الشراكة وسيلة ناجعة من وسائل السياسة الجديدة التي ترغب في وضعها في مجال الاعتماد على الطاقة النووية بعد كارثة فوكوشيما التي جدت في شهر مارس من العام قبل الماضي. وأما فرنسا فإنها ستستغل هذا الاتفاق مثلا لتعزيز مخزونها من اليورانيوم لا سيما في وقت تشهد فيه أسعار هذه المادة الأساسية لتشغيل مفاعلاتها النووية ركودا بل تدنيا، فالرطل الواحد من أوكسيد اليورانيوم يقارب سعره اليوم 40 دولارا أي نصف ما كان عليه قبل كارثة فوكوشيما، بل إن أسعار اليورانيوم انخفضت إلى الربع عما كانت عليه قبل خمس سنوات لعدة أسباب منها أن كثيرا من البلدان الصناعية وذات الاقتصادات الناشئة والنامية لا تزال تتساءل حتى الآن عن جدوى إطلاق مفاعلات نووية بهدف إنتاج الطاقة. وبالإضافة إلى كون الاتفاق يخفف على فرنسا الضغوط الممارسة عليها من قبل النجير لمراجعة شروط تعاون الطرفين في مجال إنتاج اليورانيوم في أراضي النيجر، فإنه يسمح للفرنسيين بالتخفيف من وطأة بعض الخيارات التي أقروها لتنويع مصادر الاعتماد على شركاء خارجيين للتزود بالوقود النووي، فقد تأكد لهم مثلا أن إقدامهم على شراء شركة "أورانيم" الكندية لإنتاج اليورانيوم في بعض بلدان جنوب القارة الأفريقية خيار غير مصيب لأن هذا اليورانيوم ضعيف التخصيب، أما يورانيوم صحراء منغوليا فإنه غير ذلك ولديه تقريبا مواصفات يورانيوم النيجر، وبالإمكان خفض كلفة إنتاجه عبر تفتيته في مناجمه وضخه كما يضخ النفط والغاز.