تُعد المطلقات والأرامل أكثر فئات المجتمع حاجة إلى الاهتمام والرعاية وتحقيق مطالبهم، إلاّ أنه حتى هذه اللحظة لم يتم تعيين جهة رسمية خاصة بشؤونهن، على الرغم من وجود الضمان الاجتماعي وكذلك جمعية الشقائق النسائية بجدة، حيث لا زال الأمل يحدوهن بإيجاد جمعية تختص بكافة أمورهن، في ظل تزايد أعدادهن وقضاياهن. مجلس الإدارة يضم ممثلي وزارات «الاجتماعية، العدل، العمل، الداخلية، التربية، الصحة»، وحقوق الإنسان.. وفروعها في جميع المناطق إن ما نلمسه من مواجهة المطلقات والأرامل لظروف صعبة يتطلب إيجاد "لجنة وطنية" تهتم بالقضايا الخاصة بهن كالنفقة والحضانة، وكذلك إيجاد وظائف يستطعن من خلالها توفير "لقمة العيش" لأسرهن، إضافةً إلى تقديم خدمات معنوية ومادية واستشارية ودورات تأهيلية متعددة، تصب جميعها في خدمة هذه الشرائح. وكشفت دراسة أعدتها وزارة التخطيط خلال العام 1431ه أن حالات الطلاق في المملكة ارتفعت خلال الأعوام السابقة بنسبة (20%)، حيث وصلت في المملكة إلى أكثر من (30) ألف حالة خلال عام 2012م، لتبلغ (82) حالة في اليوم، بمعدل ثلاث حالات طلاق في الساعة الواحدة، وهو ما يُحتم وجود إستراتيجية لمساعدة المطلقات على مواجهة المشكلات المترتبة على ذلك، من خلال استحداث جمعية بمشاركة عدة جهات حكومية وأهلية ومؤسسات المجتمع المدني تعمل على التأهيل الاجتماعي والنفسي والاقتصادي لهؤلاء النساء بما يتفق مع قدراتهن وإمكاناتهن البدنية والنفسية. عمل المرأة المطلقة يخفف من معاناتها ويمنحها المزيد من الاستقلالية أساليب إبداعية وقال "محمد الثبيتي" -مختص اجتماعي-: إن إنشاء جمعية خاصة للمطلقات والأرامل يجب أن تأخذ في الاعتبار المنظور المؤسسي الذي يبتعد عن الفردية والاجتهاد، بالقدر الذي ينبغي أن ترتكز جُل أعمالها ونشاطاتها على الأساليب الإبداعية التي تجعل من هذه الفئة عضوات فاعلات يشعرن بكيانهن المستقل، ودورهن في الحياة، وأنهن لسن عالة على مجتمعهن بل عونًا له، مضيفاً أن أكثرهن يواجهن ضغوطاً نفسية واجتماعية، وكذلك عدم وجود فرصة عمل تتلاءم مع وضعهن وإمكاناتهن، مشيراً إلى أنه بالنظر إلى حقوقهن نضمن لهن حياة كريمة تقيهن ذل السؤال وسطوة النظرة وألم الفراق. د.عوض الردادي لجنة وطنية وشدّد "د.عوض الردادي" -وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية الأسبق- على أهمية وجود جمعية وطنية يكون مجلس إداراتها من الجهات ذات العلاقة، مثل وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة العدل والعمل، وكذلك الداخلية وحقوق الإنسان والتربية والتعليم والصحة، على أن يكون لإدارتها فروع في مناطق المملكة بالتنسيق مع الجمعيات القائمة بالمناطق ولجان إصلاح البين والمحاكم والجمعيات الخيرية، بشأن القضايا الخاصة بالمطلقات والأرامل كالنفقة والحضانة والتنسيق بينها والمحاكم، إلى جانب إيجاد فرص للعمل في القطاع الخاص وحمايتهن من التعسف سواء في أماكن العمل من ناحية قبول الراتب القليل أو زيادة وقت العمل، مبيناً أن الجمعية الوطنية لها الحق في الاستعانة بالجهات الحكومية لتعطي الأولوية للمرأة بالنقل من عملها إلى منطقة أخرى في حال الطلاق أو الترمل، وفي النواحي الصحية بحيث تمنح بطاقات خاصة بها للدخول للمستشفيات الكبيرة ويكون لهم الأولوية في كافة المناطق، مع عمل أقسام خاصة بالجهات والدوائر التي قد تحتاجها لاستخراج بعض الأوراق الخاصة بها. د.إبراهيم الزبن متابعة البرامج وأكد "د.الردادي" على أن المرأة لا تحتاج إلى مساعدة الضعيف، فالمرأة قوية ولابد من النظر إليها كالرجل من حيث الكفاءة، مضيفاً أن هناك ظروفاً معينة تحتاج لمن يقف معها ويدلها، حيث تحتاج إلى مساعدة خاصة داخل الدوائر الحكومية، مبيناً أن التنسيق بين الجهات يُساعد المرأة على أداء شؤونها، خاصةً من الناحية الشمولية من حيث أبنائها وتنقلاتها وحمايتها من التعسف من قبل أهلها وإخوانها، لافتاً إلى أنه متى ما تبلورت هذه الأفكار ووجدت هذه الجمعية فهي ستحل جزءا كبيرا من مشاكل المطلقات والأرامل، موضحاً أنه من خلال اللجنة يمكن تقديم خدمات معنوية ومادية واستشارية ودورات تأهيلية متعددة، تصب جميعها في خدمة هذه الشرائح، بل وستكون لجنة إشرافية تنفيذية تتابع البرامج وكذلك الحماية من الطلاق والخلافات. جوانب وقائية وتحدث "د.إبراهيم بن محمد الزبن" -أستاذ علم الاجتماع بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- قائلاً: يُعد الطلاق ظاهرة اجتماعية لها أبعادها المختلفة وأسبابها الاجتماعية والنفسية والاقتصادية، مضيفاً: "تشير الإحصاءات المنشورة أن معدلات هذه الظاهرة تتجه إلى الارتفاع، مما يجعلنا بحاجة إلى إستراتيجية ملائمة لمواجهتها تهتم بالجوانب الوقائية والعلاجية"، مبيناً أن الطلاق في معناه لغة الإطلاق ورفع القيد مطلقاً سواء كان هذا القيد حسياً أو معنوياً أو هو رفع قيد النكاح، أو هو انفصال الزوجين عن بعضهم البعض عند استحالة استمرار الحياة المشتركة بينهما، ذاكراً أنه تختلف مدة الانفصال حسب درجة الطلاق الذي يبدأ بطلقة واحدة وهو البينونة الصغرى ويصل إلى ثلاث طلقات وهو البينونة الكبرى، لافتاً إلى أن دراسة أعدتها وزارة التخطيط خلال العام 1431ه تبين أن حالات الطلاق في المملكة قد ارتفعت خلال الأعوام السابقة بنسبة (20%) وفقاً لبيانات صادرة عن وزارة العدل، بأن حالات الطلاق في المملكة ارتفعت إلى أكثر من (30) ألف حالة خلال عام 2012م، لتبلغ (82) حالة في اليوم، بمعدل ثلاث حالات طلاق في الساعة الواحدة. عائل وحيد وأوضح "د.الزبن" أن تقارير حديثة أكدت ارتفاع نسبة الطَّلاق إلى أكثر من (35%)، خاصةً بين من تتراوح أعمارهم بين العشرين والثلاثين عاماً، حيث بلغت نسبة الطَّلاق في مكةالمكرمة لعام 1433ه (39.08%)، وهي أعلى نسبة في مناطق المملكة، في حين بلغت النسبة في العاصمة الرياض (26.42%)، وفي المنطقة الشرقية لم تزد على (12.75%)، مبيناً أن أكثر من (60%) من حالات الزواج في المملكة تنتهي في عامها الأول، مشيراً إلى أنه كشفت بعض الدراسات العلمية عن خطورة هذه الظاهرة على الفرد والمجتمع، فقد أوضحت دراسة صادرة عن مركز الخليج للدراسات الإستراتيجية أن للطلاق تداعياته على المرأة حيث تعاني الزوجة من ضغط نفسي قوي بعد الانفصال، نتيجة ظروف الطلاق، وبسبب وجود الأبناء، حيث تتحول المطلقة إلى عائل وحيد، فضلاً عن موقف أسرتها من عملية الطلاق وصعوبة زواجها مرة أخرى إذا كانت فوق سن الأربعين. آثار مُدمرة وكشف "د.الزبن" أن تلك الدراسة أوضحت وجود آثار مدمرة لا تقتصر على الزوجة فقط، بل يتأثر الرجل أيضاً، حيث يعاني من أمراض جسدية ومشكلات نفسية بعد الطلاق مقارنة بحالاتهم قبل وقوعه، مضيفاً أن الرجل غالباً ما يجد نفسه وحيداً نتيجة طبيعة العلاقات الاجتماعية التي تتسم غالباً بالسطحية، مبيناً أنه يتأثر الأطفال أيضاً نتيجة انهيار العلاقة الزوجية، حيث يؤثر سلباً على عملية تنشئتهم النفسية، ويفقدون الشعور بالأمان، ولا يحصلون على حاجاتهم الطبيعية من الشعور بالراحة والاستقرار والطمأنينة، التي هي عصب عملية التنشئة النفسية والاجتماعية للطفل، مُشدداً على أهمية وجود إستراتيجية لمساعدة المطلقات في المجتمع على مواجهة المشكلات المترتبة على الطلاق، وذلك من خلال استحداث جمعية بمشاركة عدة جهات حكومية وأهلية ومؤسسات المجتمع المدني كالجمعيات الخيرية، تعمل على التأهيل الاجتماعي والنفسي والاقتصادي لهؤلاء النساء، بما يتفق مع قدراتهن وإمكاناتهن البدنية والنفسية. رؤية واضحة وأكد "د.الزبن" على أهمية أن تتوافق أعمال الجمعية مع حاجة المجتمع ومتطلباته سواء للنساء المطلقات أو القائمين عليها، وذلك لرفع المستوى الاجتماعي والاقتصادي للمرأة المطلقة وفق التشريعات والأنظمة، مضيفاً أنه ينبغي أن يكون لدى هذه الجمعية رؤية ورسالة واضحة تنص على التالي: "نعمل معاً لتكون المرأة المطلقة ذات قدرات متميزة ورائدة ومعتمدة في ذلك على إمكاناتها الخاصة"، مُشدداً على أهمية الإفادة من البرامج التأهيلية الملائمة وعلى الدعم المجتمعي المؤسساتي الحكومي والأهلي، مقترحاً أن تكون الأهداف العامة للجمعية أن تسعى إلى توفير الدعم الاجتماعي والنفسي والاقتصادي والقانوني للنساء المطلقات من خلال المؤسسات الاجتماعية المتعددة في المجتمع، ويكون ذلك عن طريق عدة مجالات ووسائل، ومنها؛ إنشاء قواعد بيانات لخصائص المطلقات، والعمل على التطوير المستمر لأوضاعهن المختلفة، وكذلك دراسة فرص العمل المتاحة للمطلقات بعد تدريبهن وتعليمهن على مختلف المهن التي يرغبن بها، إضافةً إلى فتح الفرص للمتدربات من خلال برامج التوظيف. تحسين الدخل وشدّد "د.الزبن" على أهمية تشجيع النساء المطلقات على الالتحاق بهذه البرامج حتى يتعلمن المهارات اللازمة التي تجعل المجتمع يتقبلهن، وهذا بدوره يساعد هؤلاء النساء وأسرهن على تحسين مستوى دخولهن الاقتصادية، مما يسهم في نشر قيمة التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع التي حث عليها ديننا الإسلامي الحنيف، ويكون لذلك مردود ايجابي عليهن وعلى أسرهن باعتبارهن مواطنات لهن حقوق وعليهن مسؤوليات نحو المجتمع، مضيفاً أنه يُفضل أن تعمل الجمعية من خلال إدارة متخصصة تشمل طاقماً من العاملين المختصين وفقاً لاحتياجاتها المختلفة، وهذه الإدارة ينبغي أن تتضمن مشرفين إداريين وفنيين وقانونيين ومتخصصين اجتماعين ونفسيين، مبيناً أنه ينبغي تمكين بعض المطلقات من المشاركة في الجمعية على أن يتوفر لديهن الرغبة والقدرة والحد الأدنى من التعليم والخبرة في المجالات المختلفة المتعلقة بطبيعة العمل.