مؤشر يبعث على الارتياح أن تكون المملكة الأقل عربياً في نسبة الفقر، والعاشرة عالمياً في تدني نسبة الفقراء، متقدمة في ذلك حتى على دول مجلس التعاون، الأعلى بعضها في نصيب الفرد من الدخل السنوي بتلك الدول، فمن تقديرات نسبة الفقر في المملكة، وفقاً لعدد المستفيدين من برنامج الضمان الاجتماعي، إلى إجمالي عدد المواطنين في المملكة، بلغت تلك النسبة 12.7%، حسب بيانات عام 2012م، حيث وصل عدد السعوديين المستفيدين من برنامج الضمان الاجتماعي 2.52 مليون مواطن، منهم 822 ألف مستفيد أساسي، ونحو 1.69 مليون مستفيد مرافق، بنسبة 1: 2 ويمنح نظام هذا البرنامج المستفيد الأساسي مبلغ 862 ريالا شهرياً، تعادل ستة أضعاف معيار البنك الدولي لخط الفقر، وللمستفيد المرافق 284 ريالا شهرياً، تعادل ضعف ذلك المعيار، إلا أن ذلك المؤشر وإن كان يمنحنا بعض الرضا عن الجهود التي تبذل لمكافحة الفقر، فهو ينبغي ألا يجعلنا ننسى أن نسبة المستفيدين من برنامج الضمان الاجتماعي إلى إجمالي عدد المواطنين في المملكة كانت قبل ثماني سنوات فقط تبلغ 6.5 %، أي أننا لو تمكنا على الأقل من الاحتفاظ بتلك النسبة إلى اليوم، لكان ترتيبنا الخامس على مستوى العالم، في تدني نسبة الفقراء. ارتفاع تلك النسبة، يُعزى كما يشير الخبر عن هذا الموضوع، إلى نمو معدل المستفيدين المرافقين إلى المستفيدين الأساسيين بمقدار الضعف، بعد قرار زيادة عدد الحد الأعلى للمرافقين من 8 إلى 15 مرافقا قبل عامين، وهو وإن كان واحداً من العوامل التي ساهمت في زيادة تلك النسبة، إلا أن العامل الآخر الذي لا يقل عنه أهمية، إن لم يكن أكثر تأثيراً، هو النمو في عدد المستفيدين الأساسيين أنفسهم، الذي بلا شك أن زيادة أعدادهم تأتي نتيجة اتساع الهوة بين تكاليف المعيشة ومستوى الدخل، وبالذات ما يستقطع من ذلك الدخل المتواضع لغرض السكن، الذي يكون مستأجراً بطبيعة الحال، وغالباً ما يلتهم أكثر من ثلث ذلك الدخل، وبالتالي اعتباره أكبر عبء مالي يؤثر في تلبية احتياجات الأسر الأساسية الأخرى، من غذاء وكساء وصحة وتعليم ونحوها ومن ثم ازدياد حاجتهم لأن يشملوا ببرنامج الضمان الاجتماعي. نشوء برنامج الضمان الاجتماعي في المملكة، منذ نحو خمسين عاماً، جاء لتنظيم مساعدة الفئات الفقيرة والمحتاجة من الأسر والأفراد، ورعايتهم ضد العوز والحاجة، وتوفير الحد الأدنى من العيش الكريم لهم، الذي يجنبهم ذل المسألة ويحفظ كرامتهم، لذا يعد من أهم ما يجب تنظيمه في هذا الإطار، هو تيسير حصول الأسر التي يرعاها برنامج الضمان الاجتماعي على السكن، ليس تملكاً حتى نكون واقعيين، وإنما على الأقل انتفاعاً، بمقابل أو غير مقابل، وفقاً لظروف تلك الأسر الاقتصادية، فهو العامل الأساسي في تراجع نسبة الفقراء، والأهم في القضاء على الفقر بالمملكة. إن وجود عدد كبير من الأسر التي يرعاها برنامج الضمان الاجتماعي، ويمكن من خلال تيسير حصول البعض منها على مسكن بمساعدة حكومية، أن تتحسن ظروفهم الاقتصادية ويتخلوا عن شمولهم بهذا البرنامج، لصالح أسر أخرى أشد عوزاً، لهو البديل الأكثر تأهيلاً وفق معايير اجتماعية واقتصادية لأن تستهل به برامج الدعم الحكومي في مجال الإسكان..