بدأت المحطة الفضائية الفلسطينية تبث برامجها تحت عنوان: «الجلاء والتحرير»لتواكب تحرير غزة وجلاء الإسرائيليين عن الأراضي المحررة في غزة.. والجلاء والتحرير أعادتنا إلى أجواء حرب 56م وحرب 73م عندما اعتبرت تلك الحربين بصالح العرب وجلاء عن الأراضي وفشل العدوان... ومن خلال محطة التلفزيون الفلسطينية فإن هناك شيئا ما يلفت الأنظار أحدها مذيع فلسطيني أشيب الرأس وعلى وجهه تجاعيد بفعل السن والهم والترحال. فبالتأكيد إنه من جيل نكسة 67م أو يسبق هذا التاريخ ربما جيل النكبة 48م. فكان يتحدث والابتسامة على وجهه يتحدث بإشراقة وأمل يتراقص في ثناياه الفرح ويردد بشيء من الاعتزاز والفخر عبارة الجلاء والتحرير.. ورغم أن ضيوف هذا المذيع المخضرم الذي عاش النكبة والنكسة والانتفاضة يتحدثون بنوع من التوجس والخوف ان يحدث أي حادث يعطل مسيرة الانسحاب الإسرائيلي إلا أن المذيع الأشيب يقاطع ويداخل الضيوف بالابتسام والثقة والأمل. أما المشهد الثاني فهو مشهد تمثيلي للجيش الإسرائيلي حيث أحد الجنود يمسح على رؤوس بعض المستوطنين ويطلب منهم مغادرة المستوطنات وهوممسك بأيديهم بلطف وحنيِّة وهم يودعون المستوطنات قبل إخلائها .والسماح للبعض بالتظاهر وإظهار الحزن والفراق رغم أنهم جاءوا إلى المستوطنات وهم على يقين أنهم سيغادرونها يوماً من الأيام وأن وجودهم كان إجرائياً فقط لتمرير مراحل سياسية. أما المشهد الثالث فهو مجموعة من القوات الفلسطينية تبني خيمتها في أراضٍ محررة في غزة وتنصب علمها الفلسطيني بألوانه الأربعة ،لكن هذه الخيمة وهذه المرة لم تكن خيمة لاجئين وخيمة نازحين وخيمة تشريد بل خيمة دولة واستقرار وتحرير، فالخيمة التي كان يناجيها شاعر فلسطين محمود درويش في قصائده كان منها: «بيروت خيمتنا». أصبحت خيمة حقيقية، خيمة وطن وبقاء.. الأسر الفلسطينية التي عاشت التشرد والتيه لأكثر من (55) عاماً بدأت رحلة الرحيل بخيمة تنصبها لها المنظمات العالمية وهيئات الإغاثة توزع عليهم الخيام والغذاء والملابس على الحدود وفي مخميات الدول المجاورة بدأت في نصب خيمة العودة . فلسطين في هذا اليوم يوم التحرير تتنفس هواء البحر الجديد تتنفس هواء شواطئ غزة ورائحة أجساد الشهداء والأسرى وأيادي شباب غزة تلك الأطراف المخضبة بحجارة الانتفاضة.. فلسطين اليوم كما كان يتمناها ياسر عرفات - يرحمه الله - موطئ القدم للوقوف الحر بدون الحراس الإسرائيليين والمجندين الإسرائيليين.. غزة التي تمنى أحد قيادات إسرائيل - إسحق رابين - أن يستيقظ ذات صباح وقد ابتلعها البحر.. غزة اليوم حرة بأهلها وناسها بلا مخيمات وجنود احتلال ولا تجريف أشجار ولا هدم بيوت.. [email protected]