وفى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بوعده للمثقفين وأصحاب الفكر في تركيا وتوجه مع وفد كبير إلى مدينة ديار بكر حيث تسكنها أكثرية كردية ساحقة، لكن الاستقبال لم يكن بالمستوى المتوقع. ففي لقائه مع وفد المثقفين وأصحاب الفكر في أنقرة اعترف أردوغان رسميا ولأول مرة بوجود مشكلة كردية في بلاده، كما اعترف بارتكاب الحكومات التركية المتعاقبة أخطاء سياسية وإدارية بحق كثير من المناطق في تركيا من ضمنها المناطق التي تسكنها أغلبية كردية، ووعد بمزيد من الانفتاح والديمقراطية ورفع مستوى المعيشة لكل المواطنين، لكنه شدد أيضا على مكافحة الإرهاب بكل الوسائل، وكذلك على وحدة الأرض والأمة والعلم. وأوضح بأن المسألة الكردية هي مسألة كل مواطن يعيش على أرض تركيا وليست مسألة فئة من الناس. وتوقع المثقفون وأصحاب الفكر الذين التقوا بأردوغان لأكثر من أربع ساعات بأن تصريحات أردوغان هذه ستلقى قبولا كبيرا لدى الأكراد ، وأنه سيستقبل بحشد مليوني. لكن المتوقع لم يتحقق حتى بجزء منه. حيث لم يزد عدد الذين وقفوا يستمعون لخطاب أردوغان على ستمائة، وقد كان عدد قوات الأمن في الساحة يزيد على عدد المستمعين لخطاب أردوغان. وأشار الكتاب في صحفهم الصادرة صباح أمس إلى أن أعضاء الوفد الذي رافق أردوغان في زيارته لديار بكر اختيروا بعناية وكانوا يشكلون أركان حكومته وحزبه. فقد كان بينهم نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الدكتور عبد الله غول ووزير الداخلية عبد القادر أقصو وهو من أبناء هذه المدينة، وكذلك وزير الزراعة الذي هو نائب في البرلمان عن ديار بكر ووزير التربية الوطنية وغيرهم. وقد سئل رئيس بلدية ديار بكر عن سبب هذا الفتور في الاستقبال فأجاب «إننا ننتظر الخطوات الإيجابية التنفيذية من الحكومة، فإذا تحقق شيء منها فسنستقبل بمليون مواطن» وعلق كاتب كان من بين الوفد الذي التقى بأردوغان في أنقرة على إجابة رئيس بلدية ديار بكر بقوله «ليعلم الناس في جنوب شرقي تركيا بأن الموقف المساوم لا يسهل الحل بل يضع أمامه المزيد من العراقيل». وبالرغم من الفتور في الاستقبال واصل أردوغان وعوده بمزيد من الانفتاح والمكاشفة فقال في خطابه بديار بكر «الدولة الكبيرة هي الدولة التي تملك الشجاعة في مواجهة أخطائها. لقد حدثت أخطاء إدارية وسياسية في الماضي لا يمكن إنكارها. وإذا أردنا أن نسمي المشكلة بالكردية، فإنها ليست بمشكلة هذه المنطقة فحسب بل هي مشكلة تركيا، مشكلة الجميع مشكلتي أنا. وسيكون حل هذه المشكلة بمزيد من الديمقراطية ومزيد من الرفاهية ورفع مستوى المعيشة، سيكون الحل ضمن مبدأ الأمة الواحدة والدولة الواحدة والعلم الواحد». لكن خطاب أردوغان لم يرض المعارضة، فقد دعا نائب رئيس المجموعة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري المعارض خلوق قوج إلى الحذر، وأكد على ضرورة أن تواصل الدولة محاربتها للإرهاب، وأبدى تخوفه من أن تعود الأوضاع في تركيا إلى ما كانت عليه في الثمانينيات. أما رئيس حزب الوطن الأم أركان مومجو فقد أشار إلى عدم كفاية معالجة الوضع في تركيا بالتدابير الأمنية، وحذر رئيس الوزراء من الوقوع في مصيدة المنظمة الانفصالية عن طريق الاعتراف بوجود مسألة كردية. وذكر مومجو أردوغان بالتصريح الذي صدر منه في اوسلو في وقت سابق حيث رفض وجود مشكلة اسمها المشكلة الكردية في تركيا. وقال بأن هذه الأخطاء ستكلف تركيا الكثير في المستقبل.