حضر صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية رئيس وفد المملكة إلى اجتماع الدورة 68 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حاملاً ملفات ساخنة تتعلق بقضايا المنطقة التي تغرق في بحر لا شاطئ له. وإذا كان المجتمع الدولي عجز وتخاذل عن الوقوف موقفاً أخلاقياً عادلاً، إلا أن الفيصل لم يمل ولم يتوانَ في خدمة أمته وفي البحث عن حل يحفظ حقوق الشعوب ويقضي على الفوضى والقتل والدمار والمآسي، فقد شكل حضور المملكة في نيويورك حدثاً مهماً في تعزيز المواقف وتوضيح الحقائق واتخاذ إجراءات من شأنها خدمة قضايا العالمين العربي والإسلامي، وكذلك العالم بحفظ الأمن والسلم الدوليين. واجتمع الأمير الفيصل خلال الأيام الماضية مع مسؤولين دوليين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها ال 68، حيث التقى كلاً من الرئيس اللبناني العماد ميشيل سليمان، الرئيس حسن شيخ محمود رئيس جمهورية الصومال، رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف، وزير الخارجية المصري نبيل فهمي، وزير الخارجية الصيني وانغ يي، وزير الخارجية اليوناني إيفانجيلوس فنزيلوس، وزير الخارجية الإثيوبي تادروس أدهانوم، وزير الخارجية الألماني جيدو فيستر فيليه، وزير الخارجية الأفغاني الدكتور زلماي رسول، وزير خارجية المملكة المتحدة وليام هيغ، ووزراء آخرين يمثلون بلداناً مختلفة، هذا بالإضافة الى اجتماع دول مجلس التعاون، وكذلك منظمة التعاون الإسلامي، وأصدقاء اليمن، وأعضاء الائتلاف الوطني السوري، وأصدقاء الشعب السوري، وتم خلال اللقاءات مناقشة العلاقات الثنائية بين المملكة وتلك البلدان، وكذلك وتطورات الأوضاع في تلك البلدان، إضافة إلى القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك والموضوعات المطروحة على جدول أعمال الدورة 68 للجمعية العامة للأمم المتحدة. ومع هذه الاجتماعات والتي بلا شك تبرهن على ما تتمتع به المملكة من سياسة فاعلة على المستوى الدولي، والتي احتلت فيها قضية العرب الأولى الصدارة وهي قضية فلسطين، إلا أن هناك ثلاثة مشاهد برزت فيها المملكة في اجتماعات نيويورك هي الأوضاع في كل من مصر واليمن وسورية. - الوضع في مصر كانت هناك مواقف متباينة وغير واضحة وغير مبررة مما حدث في مصر في 30 يونيو، إلى أن أثبتت الدبلوماسية السعودية والموقف السعودي المتزن أن المملكة لها وجهة نظر صائبة مما يجري في أرض الكنانة. فقد أوضح سمو الأمير سعود الفيصل في وقت سابق بعد لقائه الأخير بالرئيس الفرنسي في باريس ان حقيقه الأمر ان "ما تشهده جمهورية مصر العربية الشقيقه اليوم يعبر عن إرادة 30 مليون مصري في 30 يونيو/ حزيران، معربين عن رغبتهم في اجراء انتخابات رئاسية مبكرة كنتيجة حتمية لتدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وهو الأمر الذي أدى الى اجتماع كافة القيادات والقوى السياسية والاجتماعية للإعلان عن خارطة طريق جديدة تقود مصر لبر الأمان، بعد ان رفضت الرئاسة السابقة الاستجابة لرغبات الملايين من الشعب المصري. وتضمنت خارطة الطريق تعديل الدستور واجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في تواريخ محددة تشارك فيها كافة القوى السياسية". واضاف "ان انتفاضه ثلاثين مليون مصري لا يمكن بأي حال من الأحوال ان توصف بالانقلاب العسكري، اذ إن الانقلابات العسكرية تجري تحت جنح الظلام، كما ان مَنْ تولى سدة الحكم في مصر رئاسة مدنية وبما يتوافق مع الدستور المصري". وبعد هذا التصريح والموقف تغيرت بعض المواقف الدولية بسبب تحرك المملكة، وما حصل في نيويورك تحت قبة الأممالمتحدة في كلمة الرئيس الأمريكي باراك اوباما هو تأكيد لبعد نظر القيادة السعودية ونظرتها للأمور من خلال المصلحة العامة للشعوب ورغباتها، حيث أقر أوباما بأن ما حدث في مصر ليس انقلاباً عسكرياً وإنما هو انحياز من القيادة العامة للقوات المسلحة لمطالب عشرات الملايين الذين نزلوا إلى الشوارع في "30 يونيو". وهو ما سبق وأن أعلنته المملكة وبينته للعالم لضمان استقرار وأمن مصر الشقيقة. - المشهد اليمني شهدت مدينة نيويورك الاجتماع الوزاري السادس لمجموعة أصدقاء اليمن الذي دعت إليه المملكة ونظمته كذلك، بمشاركة رفيعة المستوى لممثلي 37 دولة ومنظمة إقليمية ودولية مانحةواليمن بلد لا يعاني من ضعف التنمية والوضع الاقتصادي فقط، بل تمتد معاناته ليواجه تحديات عدة منها، الوضع السياسي المتمثل في الحوار وتطبيق المبادرة الخليجة وآلياتها التنفيذية، والتحدي الأمني المتمثل في تزايد نشاط تنظيم القاعدة، وسلسلة الاغتيالات ضد قيادات الجيش في البلاد، وحركات أخرى تتمثل في الحراك الجنوبي وجماعة الحوثي المسلحة في شمال البلاد. وإذا كانت الأوضاع في اليمن تؤثر على المملكة بحكم الامتداد الإقليمي، والحدود الطويلة والمعقدة في بعض المناطق بتضاريسها مما يعيق السيطرة عليها من أحد الجانبين أو كليهما، إلا أن تدهور الأوضاع في اليمن بجميع محاورها السياسي والاقتصادي والأمني يمثل تهديداً للأمن والسلم الدوليين، فهو يؤسس لتحرك المجموعات الإرهابية المتطرفة لقيادة عملياتها وقد تصبح اليمن الأرض الخصبة التي ينطلق منها الإرهاب والتطرفومن هذا المنطلق حرصت المملكة والتي تدرك أن الإصلاح الاقتصادي والتنمية يأتيان موازيين للإصلاح السياسي وتحقيق الأمن، على مساعدة اليمن للخروج من أزمته الراهنة بالدعم المادي والمعنوي وحشد التأييد، وهو ما أكده وزير الخارجية اليمني ابو بكر القربي من أن "المملكة هي الداعم الأكبر لليمن، وكان لها دور اساسي في نجاح المؤتمر من خلال الجهود التي بذلتها فيه وهو ما يعكس بجلاء عمق وتميز العلاقات الثنائية التي تربط البلدين الشقيقين". - المشهد الثالث حضور المملكة المؤثر في اجتماع أصدقاء سورية وتأكيد موقفها الثابت من القضية السورية، فقد كان حضور المملكة في الاجتماع فاعلاً وداعماً لتبني مواقف أكثر قوة تجاه آلة القتل والدمار في سورية، فقد طالب صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية رئيس وفد المملكة بتوثيق الاتفاق الأميركي - الروسي حول سورية بقرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع يلزم النظام السوري الذي فقد شرعيته بالالتزام بالاتفاق وعدم استغلاله لكسب المزيد من الوقت والقيام بالمزيد من التنكيل بالشعب السوري مع الإفلات من العقاب. وأبدى سموه في كلمة ألقاها أمام الاجتماع الوزاري لمجموعة أصدقاء الشعب السوري الذي عقد في مقر الأممالمتحدة في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة استغرابه من أن أكثر من مئة ألف قتيل وأكثر من مئة ألف جريح ونحو 7 ملايين مهجر ونازح لم يؤد إلى تحرك المجتمع الدولي. كل هذه المعطيات والأحداث والحراك الدبلوماسي، يؤكد أن صوت المملكة صوت مسموع ووساطتها مطلب ملح في العديد من القضيا لما لها من مكانة وحضور دولي فعال ومؤثر. الأمير سعود وجون كيري خلال لقائهما في باريس (8 سبتمبر) (أ ف ب) سعود الفيصل يصافح وزير الخارجية الكندي جون بيرد خلال لقاء مجموعة أصدقاء الشعب السوري في نيويورك (26 سبتمبر) (رويترز)