عجز الاتحاديون عن تسجيل لاعبيهم الجدد بسبب المطالبات المالية والشكاوى التي تقدم بها عدد من اللاعبين ووكيل الأعمال سلطان البلوي على النادي لدى لجنة الاحتراف بالاتحاد السعودي لكرة القدم، ووجد المدرب الأسباني بينات نفسه مضطراً لخوض أول مباراتين في دوري "جميل" السعودي للمحترفين من دون أولئك اللاعبين الذين اعتمد عليهم في فترة الإعداد بمافيهم الرباعي الأجنبي، وربما يعود المأزق الاتحادي وغيره من الاندية حتى فترة التسجيل الشتوية إذا لم تتمكن الإدارة من إغلاق ملفات الشكاوى عليها سواء بتسديد المبالغ للأطراف الأخرى أو إقناعهم بجدولة مستحقاتهم مرة اخرى. نظام «اليويفا» المالي نجح في أوروبا وتطبيقه محلياً سيخدم الرياضة تأثر الاتحاد من قرار لجنة الاحتراف الشجاع والجريء الذي يحسب للجنة برئاسة الدكتور عبدالله البرقان التي طبقت النظام في هذا الموسم على جميع الأندية بخلاف ماكانت عليه في المواسم الماضية عندما استثنت في ذلك الوقت بعض الأندية ومكنتها من تسجيل اللاعبين على الرغم من أن أروقة اللجنة تعج بالشكاوى عليها، ولعل الاتحاد بات يدفع ضريبة تلك الاستثناءات والتي وقع ضحيتها رئيس النادي محمد الفائز كونها استحقاقات مالية مستحقة للاعبين منذ عهد الإدارات السابقة. مشكلة الاتحاد وإن تجاوزتها الإدارة ستظل عالقة في "العميد" وغيره من الأندية، وربما نرى في الاعوام المقبلة أكثر من ناد يعاني من ذات الأزمة، فالاتحاديون دقوا ناقوس الخطر ووجهوا رسالة للمسؤولين عن رياضتنا وقبلهم مسيري الأندية مفادها أن الأوضاع المادية باتت صعبة للغاية وتحتاج إلى تدخل من صناع القرار حتى تتجاوز الأندية التضخم المالي الموجود في الوسط الرياضي السعودي، فإن كان الاتحاد الذي يحظى بشعبية جماهيرية جارفة ويمتلك أعضاء شرف بالجملة ولديه مصادر دخل عدة سواء تلك التي تتعلق بجوال النادي أو مبيعات التذاكر أو النقل التلفزيوني أو مبيعات متجر النادي وقفت إدارته عاجزة عن تدعيم خزينته بالملايين فكيف سيكون الحال بالنسبة للأندية الأخرى خصوصاً تلك التي عجزت عن إيجاد راع رسمي لها أو أنها لا تملك جماهيرية؟ في أوروبا استحدث الاتحاد الأوروبي (اليويفا) قبل اعوام عدة نظاماً مالياً يهدف إلى إزالة نظام الاندية المعتمدة على الديون، وأطلقت عليه "قوانين اللعب المالي النظيف"، وتحدث السكرتير العام لليويفا جياني انفانتينو لوسائل الإعلام إذ أشار إلى أن الشرارة الاولى لتطبيق هذا النظام هو اكتشاف "اليويفا" أن ديون الاندية الكبرى قد وصلت مليار يورو وهو رقم مخيف وكان سيؤدي لكارثة لا محالة. الفريدي انتقل الى الاتحاد بأكثر من 30 مليون ريال.. والنادي يعاني من ازمة مالية في عام 2011م طُبق النظام فعلاً وحقق نجاحاً كبيراً إذ تقلصت خسائر الأندية الأوروبية للمرة الأولى منذ اعوام عدة وبمقدار 600 مليون يورو (797 مليون دولار) أو بنسبة 32 في المائة عن عام 2010م، كما أن نسبة النمو في العائدات أصبحت أكبر أيضا من نسبة النمو في الرواتب، كانت هنالك صرامة في تطبيق القرار إذ توعد رئيس الاتحاد الأوروبي بلاتيني الأندية بتطبيق العقوبات على من يخترقه وذلك بالحرمان من المشاركات الأوروبية حتى لو كان النادي المخالف هو برشلونة أو ريال مدريد أو مانشستر يونايتد وغيرها من الأندية الكبيرة، نادي ملقة الأسباني وبسبب مخالفته نظام اليويفا المالي حُرم من المشاركة في المسابقات الأوروبية بسبب ديونه الكبيرة. وفقا ل"إنفانتينو" فقد تراجعت المستحقات المتأخرة على الأندية من 57 مليون يورو في عام 2011م إلى 30 مليون يورو في 2012م ثم إلى تسعة ملايين يورو حالياً وذلك بفضل العقوبات التي تفرض على الأندية التي تنتهك قواعد اللعب المالي النظيف. لدينا في السعودية تجاوزت الصفقات حد المعقول إذ أصبحت الأندية توقع عقوداً بعشرات الملايين وهو ما أدخلها في نفق الديون المظلم، وبات اللاعب الذي يتنافس عليه أكثر من ناد يوقع عقداً ضخماً قد يفوق قيمته الفنية، وعلى الرغم من زعم الأندية تطبيق ميثاق الشرف إلا أن أرقام الصفقات التي أبرمت في الاعوام الأخيرة تؤكد بأن الحقيقة خلاف ذلك، فالإدارة الاتحادية مثلاً وقعت في الموسم الماضي مع لاعب الوسط أحمد الفريدي بأكثر من 30 مليون ريال وهو الرقم الذي يفوق إمكانيات الخزينة الاتحادية وما يؤكد ذلك أن الإدارة دفعت ثمن ذلك غالياً من خلال الشكاوى التي سجلت على النادي في لجنة الاحتراف ومنعته من تسجيل لاعبيه في هذا الموسم. معظم الأندية السعودية تعتمد على تبرعات الشرفيين اعتمادا شبه كلي، كما أن هنالك أندية تنتعش خزينتها بالملايين التي يقدمها الرئيس إلا أنه يسجلها على النادي ك "ديون" يطالب بها بعد رحيله من كرسي الرئاسة وهو الأمر الذي يورط الرئيس الجديد، نادينا كثيراً ب"الخصخصة" وشكلت الرئاسة العامة لرعاية الشباب لجنة مسؤولة عنها مازالت تمارس عملها ودراستها للمشروع إلا أنه من الواضح أن التطبيق سيأخذ وقتاً طويلاً إذا ما أُقر فعلاً، وعليه فإن المسؤولين عن الرياضة السعودية تنتظرهم مهمة ليست سهلة لحماية الأندية من بعض إداراتها التي لا تفكر كثيراً في مستقبل النادي بقدر تفكيرها اللحظي وتحقيق مجد شخصي دون النظر لأي مشاكل مالية محتملة في المستقبل ودليل ذلك تسجيل بعض رؤساء الأندية ملايينهم ضمن الديون وهو الأمر الذي يؤكد بأن ذلك الرئيس سعى إلى خدمة نفسه فقط دون أن يفكر في النادي ولا جماهيره، فلا مانع أن يستفيد اتحاد القدم من نظام "قوانين اللعب المالي النظيف" المطبق في أوروبا ويحاول أن يعتمد نظاماً شبيه به يتناسب مع أوضاع الأندية السعودية.