قال وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي بن إبراهيم النعيمي أمس أن سوق النفط العالمية تنعم بتوازن جيد بين العرض والطلب، وأن المملكة مستعدة لضخ الإمدادات اللازمة لتلبية الطلب أيا كان حجمها. وسجل إنتاج النفط السعودي مستويات قياسية مرتفعة في أغسطس مع تعزيز المملكة إنتاجها للمرة الثانية في عامين للتعويض عن تعطل الإمدادات من منتجين آخرين، وجاءت تعليقات النعيمي بعد أن سعت منظمة أوبك أمس الأول إلى طمأنة المستهلكين إلى توفر إمدادات كافية للتعويض عن هبوط في إنتاج النفط الليبي. لدى قارة آسيا إمكانيات حقيقية واعدة في مجالي النفط والغاز الصخري وأبلغ النعيمي مؤتمر الصناعة للطاقة في سول أن العوامل الأساسية لسوق النفط جيدة، وأن السوق متوازنة بشكل جيد، مؤكدا أن المملكة مستعدة وقادرة على تلبية أي طلب. وعلى الرغم من تزايد الإنتاج السعودي فإن أسعار خام القياس الدولي مزيج برنت قفزت فوق 117 دولارا للبرميل في أوآخر أغسطس بسبب التوقف الفعلي لإنتاج النفط الليبي واحتمال عمل عسكري أمريكي ضد سوريا. وسجل خام برنت أمس 111.67 دولار للبرميل إذ انخفض هذا الأسبوع مع تراجع احتمالات الضربة الأمريكية لسوريا لكن السوق لا تزال متقلبة بسبب المخاوف من اخفاق الجهود الدبلوماسية الرامية لتجنب العمل العسكري. وقال النعيمي إن مضاربات مرتبطة بالأحداث السياسية الدولية تقود أسعار النفط للارتفاع وليس أي نقص في المعروض. وكان النعيمي قد شارك أمس في اجتماع المائدة المستديرة الخامس لوزراء الطاقة في آسيا بمشاركة إحدى وعشرين دولة آسيوية مستهلكة ومنتجة للبترول، وثلاث منظمات عالمية للبترول والطاقة (أوبك، الوكالة الدولية للطاقة، والأمانة العامة لمنتدى الطاقة) في العاصمة الكورية سول، وعقدت الجلسة الأولى بعنوان (النمو في آسيا ومستقبل الطاقة) برئاسة وزير التجارة والصناعة والطاقة الكوري يون سانق جيك. وقد ألقى وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي بن إبراهيم النعيمي كلمة بعنوان (النمو في آسيا وتوقعات الطاقة) قال فيها إن هذا الاجتماع يعد فرصة حيوية للدول الآسيوية للعمل على تعزيز الحوار بين الدول المنتجة للنفط والدول المستهلكة في هذه القارة المترامية الأطراف، وهو ما يجعل هذا الاجتماع بحق اجتماعًا عالميًا بالغ الأهمية. وأوضح أن المملكة أقامت بصفة خاصة علاقات وثيقة في مجال الطاقة مع الدول الآسيوية خلال العقود الماضية، مستندة في ذلك على قيم الثقة والصداقة التي تجمع بينها وبين هذه الدول، سواء على الصعيد التجاري أو على الصعيد الشخصي. وأضاف النعيمي "إنه لمن دواعي غبطتي وسروري أن أعود مرة أخرى إلى زيارة هذا البلد العظيم، الذي زرته للمرة الأولى في عام 1990، وقد زرته عدة مرات منذ ذلك الحين، وفي العام التالي 1991 تم توقيع اتفاقية مشروع مشترك بين البلدين، وإنشاء شركة (إس أويل) التي تعتبر من أكثر المشاريع المشتركة نجاحا". وركز النعيمي في حديثه على ثلاثة نقاط هامة تلخصت في الدور الحيوي الذي تضطلع به آسيا في شؤون الطاقة العالمية، والمسائل المتعلقة بقطاع الطاقة في الوقت الراهن، وعما يحمله لنا المستقبل في هذا المجال. وبيّن أن الجميع يعلم الأهمية القصوى التي تحتلها قارة آسيا على خارطة الاقتصاد العالمي، وخاصة فيما يتعلق بقطاعي التجارة والطاقة، فقد قدمت هذه القارة إسهامات فاعلة في مجال استدامة النمو الاقتصادي العالمي خلال الأعوام القليلة الماضية، كما إن كثيرًا من اقتصادات هذه القارة لا تزال تحمل مؤشرات إيجابية على استمرار عجلة النمو الاقتصادي في المستقبل. وجنبًا إلى جنب مع هذا النمو يستمر الطلب على الطاقة في زيادته المعهودة، ويُعزى سبب هذه الزيادة في قارة آسيا تحديدًا إلى زيادة السكان، وتوجه هذه الدول إلى مزيد من مظاهر التحضُّر والمدنية، وزيادة مستويات الدخل، وإذا ما أردنا للأعمال والأنشطة التجارية الجديدة أن تنمو وتزدهر، فلا بدَّ من توفير الطاقة اللازمة لذلك، وبالمثل إذا ما أردنا لمعايير الحياة الكريمة أن تعلو وترتقي، فلا بدَّ من توفير الطاقة اللازمة لذلك أيضًا وهذا أمرٌ طبيعي ومتوقع، ولكن ومع أن هذه المسائل تشكِّل في حدِّ ذاتها تحديات جسيمة لواضعي الخطط والسياسات في هذه الدول، إلا أنها توفر فرصًا عظيمة لعقد الشراكات وإقامة المشاريع المشتركة بين الجهات والأطراف المعنية، مضيفا "لهذا فقد أقامت المملكة عددًا من العلاقات التجارية الراسخة مع العديد من الدول الآسيوية، والتي تستند في كثير منها على قطاع الطاقة، إلى جانب العديد من القطاعات الصناعية الأخرى". كما أدَّت المملكة أيضًا دورها بكلِّ ثقة واقتدار فيما يتعلق بكونها مورِّدًا ثابتًا وموثوقًا للطاقة في قارة آسيا، بل كانت ولا تزال أكبر مورِّد للطاقة للدول الآسيوية على مدى عقود من الزمن، وإنني لعلى يقين راسخ بأن هذا الوضع سيستمر لمدة طويلة في المستقبل. واستكمل النعيمي كلمته حول المسائل المتعلقة بقطاع الطاقة في الوقت الراهن قائلاً "قبل كلِّ شيء، أرجو أن تأذنوا لي في التعريج قليلاً على المستويات الحالية التي تشهدها أسعار البترول بوضوح تام، ودون أيِّ مواربة، تلعب العوامل السياسية أي العوامل الجيوسياسية كما درجنا على تسميتها، إلى جانب المضاربات المتعلقة بتلك العوامل، دورًا محوريًا في التأثير على أسعار البترول، ولكن وكشهادة أقدمها للتاريخ تبقى أساسيات السوق النفطية مثالية إلى حدٍّ كبير، فالأسواق متوازنة إلى حدٍّ بعيد، والمخزونات البترولية التجارية في وضع مناسب، واسمحوا لي أن أكرر تعهد المملكة، والمنتجين الآخرين، بأننا سنكون دائمًا على أهبة الاستعداد لتلبية أيِّ زيادات في الطلب على الطاقة". وأضاف النعيمي "الأمر الآخر الذي يستقطب الأنظار في هذه الأيام، هو بزوغ نجم النفط والغاز الصخري، والتأثير الناجم عنهما، وفي الوقت الذي تتصدر فيه الولاياتالمتحدةالأمريكية ركب السائرين في هذا المشهد، إلا أن لدى قارة آسيا إمكانيات حقيقية واعدة في هذا المجال، وإننا نرحب بهذه التطورات ونحتفي بها، ونتمنى للجميع التوفيق، وكما أكدتُ سابقًا في العديد من المناسبات، أرى أن هذه الاحتياطيات الجديدة تضيف مزيدًا من التوازن والاستقرار في الأسواق العالمية، فالطلب المتزايد على الطاقة من قارة آسيا يتطلب إمدادات متزايدة من هذا المورد الحيوي، ومن أيِّ جهة كانت، وسيبقى التزام المملكة نحو قارة آسيا ثابتًا لا يتزعزع". وذكر النعيمي أن الأمر الثالث الذي تواجهه جميع دول العالم هو الاستثمار في البنية التحتية للطاقة، فعلى الرغم من أن التنقيب عن موارد جديدة واستخراجها يُعَدُّ أمرًا قائمًا بذاته، فإن توفيره للشعوب والقطاعات الصناعية المختلفة يتطلب خططًا طويلة الأمد واستثمارات هائلة، وفي نهاية المطاف يبقى استقرار الأسعار أمرًا بالغ الأهمية في هذا الشأن، وهذا ما يجعل المنتدى الدولي للطاقة يضطلع بهذا الدور الحيوي، وهو ما يدعوني أيضًا لدعوة جميع دول آسيا لمساندة الأعمال والأنشطة التي يقوم بها المنتدى من خلال المساعدة في إضفاء مزيدٍ من الشفافية على أعمالنا وتحركاتنا. وطرح النعيمي تساؤلاً حول ما الذي يحمله لنا المستقبل؟، مفيدا بالقول أنه بطبيعة الحال، لا أستطيع التنبؤ بما يخفيه المستقبل في طياته بأيِّ حالٍ من الأحوال، ومع ذلك فإن آفاق النمو الاقتصادي العالمي تبدو إيجابية، ولا يسعني في هذا المقام إلا أن أقرر أن هذا التقدم في الإمكانيات يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالتطورات المتعلقة بزيادة نطاق إمدادات الطاقة. وشدد النعيمي على أنه لا بد أن يكون لواضعي الخطط والسياسات والشركات العاملة في قطاع الطاقة نظرة بعيدة الأمد تقدِّم التنمية الاقتصادية والارتقاء بمعايير الحياة الكريمة للشعوب على النظرة القصيرة الأمد المتعلقة بتحقيق الأرباح المادية، وأرجو أن تضع جميع التطورات الجديدة في اعتبارها أهمية حماية البيئة وصيانتها لأجيال المستقبل، مضيفا "أتمنى أن تتمكن جميع مكوِّنات قطاع الطاقة من العمل مع بعضها البعض بوتيرة متزايدة وإيقاع متنامٍ من أجل ضمان الشفافية المطلقة فيما يتعلق بأسعار الطاقة، وهو الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى المساعدة في تحقيق استقرار أكبر في هذا المجال". وأكد النعيمي بأن المملكة ستستمر في تلبية جميع طلبات البترول التي ترد إليها من عملائها، وستبقى في ذات الوقت شريكًا موثوقًا يُعتمد عليه في قارة آسيا.