في كثير من الأحيان قد لا يمر يوم إلا وينسي المرء عملا كان يجب أن يؤديه أو قد لا يتذكر أين وضع اشياء مهمة في المنزل او السيارة، فهذا هو حال كثير منا والغالب أنه كان يتذكر بسهولة في ايام الصبا ما يصعب أن يتذكره عندما يتقدم به العمر، فالانسان مجبول على النسيان وهذا من رحمة الخالق بنا ولكن احيانا يكون النسيان حالة مرضية لدرجة تفقد الشخص الأهلية وتتطلب العلاج، فأهداف المقال هي كيف تبقي ذاكرتك شابة وتحمي نفسك وأهلك من داء الزهايمر الذي يفتك بما يقارب 6 ملايين مسن في الولاياتالمتحدة. رياضة الجسم والعقل: نمط الحياة الصحي مهم وضروري للمحافظة على الذاكرة، فلا بد من تخصيص 30-60 دقيقة في اليوم وان لم يستطع الشخص ان يتم التمرين دفعة واحدة فلا ضير ان يقسمه الى ثلاثة اجزاء في اوقات مختلفة، وما نقصده من تمارين مثل رياضة المشي، والسباحة واستخدام الدراجة ورفع الأثقال الخفيفة، ففي دراسة عملت على 180 مريضا من سن 49 واكبر ممن التزموا ببرنامج رياضي منزلي على مدى 18 شهراً وجد في 77% من المرضى تحسناً في القدرات الذهنية والذاكرة والقدرات الدراسية، فالرياضة وقاية كذلك من الجلطات الدماغية وارتفاع الضغط الشرياني الذي قد يزيد من مشاكل الذاكرة والتركيز. أما من ناحية رياضة العقل هي تكمن في استخدام الدماغ في العمليات الحسابية اليومية من شراء اغراض البقالة او البيع والشراء وان شك فيتأكد من خلال الآلة الحاسبة وهناك بعض الالغاز باستخدام الارقام تقوي التركيز والذاكرة، ففي دراسة عملت على 2832 من الكبار في السن في ولاية بنسلفينيا في الولاياتالمتحدة خضعوا لعملية تدريب ذهنية مكثفة على مدى 10 اسابيع استفادوا كثيرا وفي الخصوص في عمليات الذاكرة اليومية واستمرت الفائدة الى 5 سنوات بعد البرنامج، ولا نغفل الجانب الاجتماعي حيث وجد في دراسات عدة ان من يتمتعون بقدرات اجتماعية عالية ويخالطون الناس بشكل مستمر يخفف عليهم من علامات قل التركيز وخصوصا في مراحل العمر المتقدمة. الغذاء الصحي والذاكرة: الأحماض الدهنية أومغا3: هناك ارتباط وثيق بين ضعف الذاكرة أو الخرف ونقصان المكمل الغذائي أومغا 3 في الغذاء ففي المعهد الوطني لأمراض الزهايمر والخرف خلص التقرير السنوي المصاحب للمؤتمر أن وفرة مكمل الغذاء أومغا 3 الموجود خصوصا في السمك ممكن أن يحمي من أمراض الذاكرة ولكن الفيتامينات الأخرى ومضادات الأكسدة ممكن أن تكون مفيدة ولكن لا يمكن الجزم بذلك ولا ضير أن نسرد بعض الدراسات في ذلك، فوجد الأشخاص الذين يتناولون السمك باستمرار من الممكن أن ترتفع لديهم المواد الفعالة في حمض الدهون الأومغا 3 وذلك قد يحمي من ضمور أجزاء من الدماغ وذلك من خلال فحص الرنين المغناطيسي الذي اجري على المرضى خلال 4 سنوات من المتابعة، اضافة لذلك آثار الحمض الدهني على خفض الكلسترول وآثارة الايجابية على الجهاز الدوري الدموي. فيتامين (ه) ومضادات الأكسدة بعض الدراسات مشجعة لفيتامين (ه) للوقاية من داء الزهايمر ولكن بسبب آثاره الجانبية وارتباطة ببعض السرطانات فكثير من الأطباء يفضل عدم استخدامة ويندرج في ذلك البيتاكاروتين كذلك. حمض الفوليك وفيتامين (ب) اما من ناحية فيتامينات ب (5 و6 و12) فالدراسات اثبتت ان نقصها قد يسرع من عملية فقدان الذاكرة ولكن وجودها بكميات كافية أو التعويض عن طريق المكملات قد لا يحمي من فقدان الذاكرة، ففي دراسة عملت ل 818 مريضا في هولندا ما بين سن 50-70 سنة وجد أن هناك تحسناً في 2 من أصل 5 عوامل للقدرات الذهنية من استخدام حمض الفوليك بمعدل 800 مايكروجرام في اليوم لمدة 3 سنوات. فيتامين (د): هناك ارتباط بسيط بين نقص فيتامين (د) ونقص الذاكرة والدراسات قادمة على اكمال الغذاء بفيتامين (د) ولكن الى الآن ننتظر نتائج ذلك. والظاهر من هذه الدراسات أن الأكل الصحي في وجبات متوازنة يفيد بشكل مجمل وأنه فقط حمض الأومغا 3 له ارتباط بالوقاية من أمراض الذاكرة. الحميات الغذائية: وجد أن هناك ارتباطاً شديداً بين استخدام الدهون المشبعة وأمراض الذاكرة وأن استهلاك الخضار والفواكة بكميات عالية قد يحمي من أمراض الذاكرة، ففي دراسة عملت في ولاية تنسسي في الولاياتالمتحدة ل 1836 امريكيا من أصول يابانية أكثروا من استهلاك الخضار والفواكة وعصيرهما وجد بعد 7-9 سنوات من المتابعة أن أمراض الخرف أقل عندهم ممن لم يستهلكوا نفس الكميات، وبالنسبة لحمية البحر الأبيض المتوسط والمحتوية على الخضار والفواكة والمكسرات وزيت الزيتون والأسماك، وجد في دراسات عدة لمن يستهلكون هذا النوع من الوجبات قلة وجود أمراض الزهايمر والخرف كذلك، وفي دراسة أخرى وجد أن الفراولة والتوت الأزرق واستهلاكه بكميات عالية قد يحافظ على الذاكرة. الأمراض المزمنة والذاكرة: الأمراض المرتبطة بالذاكرة هي عادة مرتبطة بأمراض القلب فارتفاع الدهون (الكليسترول)وكذلك ارتفاع ضغط الدم الشرياني ولا ننسى السكري والتدخين لها ارتباط بالذاكرة ولكنه بسيط، ولا نغفل الجانب النفسي والوراثي كذلك فهناك الاهتمام بالامراض المزمنة والوقاية منها وعلاجها هو أم رمهم جدا لمن يريد ان ينعم بذاكرة الشباب في كل الأعمار والازمان. وفي النهاية نخلص ان استخدام المكملات الغذائية من فيتامينات ومضادات اكسدة لا يوجد عليها دليل طبي قاطع ولكن حمض الاومغا 3 واستهلاكة عن طريق زيادة السمك في الوجبات الغذائية قد يكون نافعاً، والتقليل من الدهون والاكثار من الخضار والفواكه والمكسرات قد تحمي الذاكرة، ولا نغفل رياضة البدن والروح والانخراط في المجتمع وتوطيد الوصل الاجتماعي في تنمية القدرات الذهنية وهو أيضاً من الواجبات الدينية، واستخدام الآلة الحاسبة أمر جيد ولكن تعويد النفس بحساب الاشياء في الذهن والتأكد من ذلك عن طريق الآلة الحاسبة قد يكون تمريناً يومياً للذاكرة لا يتعب صاحبة بتاتا، ولابد من مراجعة الطبيب لمعرفة بوادر داء الزهايمر فقد عرجنا على الوقاية ولكن العلاج مختلف إذا ما رد ابن ادم الى أرذل العمر كما قال سبحانه وتعالى (..... ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئا....) فنسأل الله لكم طولة العمر في طاعته والوقاية خير من العلاج. * قسم طب العائلة