طُلب من الأمير الشاعر خالد بن سعود الكبير في أحد لقاءاته إبداء رأيه في مسألة التشكيك في شاعرية أصحاب الوجاهة الاجتماعية والأثرياء ومدى قُدرتهم على نظم الشعر، فكان رده صريحاً ومنطقياً وقال: بأن مثل هذا التشكيك طبيعي وغير مُستغرب سواء كان التشكيك في مواهبهم الشعرية أو في المواهب الأخرى التي يمتلكونها، وذكر أن هذا الأمر –أي التشكيك- موجود منذ القدم حين شُكك في شاعرية امرئ القيس وغيره من شعراء العرب وتمت نسبة أشعارهم إلى الجن، ولكن الإنسان وإن تمكن من غش الناس لفترة محدودة فلن يستطيع مواصلة غشهم إلى نهاية حياته، وأكد أن أهل الشعر قادرون على تمييز أسلوب الشاعر الحقيقي من غيره. إضافة إلى مسألة التشكيك في مواهب أصحاب الوجاهة والمال نجد بأن هناك فئة من الناس مُصابة بمرض الشك في كُل شيء دون توضيح أي سبب مُقنع لشكها، ورُبما استخدمت الشك كوسيلة لمحاولة إثبات الذات والقدرة على التفكير والتحليل، مع أن بعض الشك شكٌ عقيم وينطبق عليه وصف مصطفى الرافعي لطريقة طه حسين في تشكيكه بصحة الشعر الجاهلي حين وصف ذلك الشك بأنه: "لا يُثبت الحقيقة الخيالية، ولا يترك الحقيقة الثابتة"، وقد طال الشك في ساحة الشعر الشعبي شعراء ليسوا من أصحاب الوجاهة أو المال أيضاً، إذ استُخدم التشكيك في مواقف معينة كسلاح لإزاحة الخصوم والتقليل من شأنهم، ومن الحالات التي أتذكرها ما جرى في أثناء وبعد مسابقة شاعر المليون حين حاول البعض التشكيك بشاعرية بعض الشعراء الذين كان لهم حضور مُميز وإشاعة أن هناك من ساعدهم أو كتب لهم بعض القصائد، ومن الشعراء الذين شُكك بشاعريتهم أيضاً الشاعر ناصر الفراعنة حين أشاع بعض المُشككين كذباً وافتراءً بأن قصيدته الشهيرة (ناقتي يا ناقتي) منسوخة من قصيدة فصيحة، ومع أنها كانت شكوك أو أكاذيب لا تستند إلى أي دلائل أو إثباتات إلا أنها وجدت من يحلو لهم إشاعتها ووجدت كذلك من يُصدق بها. حتى الشعراء الكبار وأصحاب المواهب العظيمة لم يسلموا من التشكيك في قدراتهم، فقد قرأت لأحدهم رأياً ينفي فيه إمكانية نظم الشاعر الكبير سعد بن جدلان لقصيدته التي يقول في مطلعها: (ألا يا الله يااللي تحت هيبة سلطنتك أسلمت)، أما الدليل الوحيد الذي يمتلكه في نفيه فهو اختلاف أسلوب صياغتها عن أسلوب ابن جدلان المعهود بحسب رؤيته، وأعتقد أن مثل هذا الدليل –إن صح أن يُسمى دليلاً- أوهى من خيوط العنكبوت ولا يُمكن أن يُقنع أحداً، لأن المُبدع قادر على التجريب والخروج من دائرة المألوف الضيقة. أخيراً يقول المبدع عبدالله الجزلاني: يوم أقدّم خطوتيني واتراجع أعرف إن الدرب موحش واتردّد أعتقد ما به نهايه للمواجع والمواجع كل يومين إتجدّد