يحظى السجناء والمفرج عنهم وأسرهم باهتمام ورعاية بالغة من وزارة الداخلية، ممثلة بالمديرية العامة للسجون، من خلال التعاون المشترك بينها وبين كافة القطاعات الحكومية، مع وزارة الصحة، ومؤسسات التعليم الفني والتدريب المهني، والمؤسسة العامة لرعاية الشباب، ووزارة التعليم العالي، والشؤون الاجتماعية، ومكاتب العمل، ومكاتب الضمان والجمعيات الخيرية. ومن منطلق إيمان المديرية العامة للسجون بالاحتياجات الفطرية والضرورية للنزلاء؛ عملت على محاولة اشباع هذه الاحتياجات التي تساهم في تعزيز البرامج الاصلاحية للسجناء، حيث شرعت المديرية مؤخراً في تزويد السجون بما يسمى ب"البيت العائلي"، الذي يساعد النزيل على الالتقاء بجميع أفراد أسرته -الزوجة والأبناء- دون سن الرشد بمبنى مخصص، وفي شقة مستقلة، تتوفر فيها جميع الخدمات، وذلك بهدف توثيق العلاقة بين السجين وأسرته، والسعي إلى استمرارها، كما أنّها تلعب دوراً كبيراً في تحسين نفسيات النزلاء، وتعزيز مهاراتهم الاجتماعية، وبالتالي تعديل سلوكياتهم بما يحقق ضماناً فعلياً لعودة عدد من النزلاء أعضاء صالحين وفاعلين في المجتمع. لجنة «تراحم» في زيارة للبيت العائلي زيادة الزيارة وطالبت "غ.ف.القحطاني" -زوجة نزيل- بزيادة فترة الزيارة بالبيت العائلي، مبيّنةً أنّ فكرة المشروع جميلة وهادفة، فقد أتاحت لهم فرصة الالتقاء بالنزيل والاطمئنان عليه لحين عودته إليهم بعد قضاء محكوميته. وتمنت "ف.ع.الشهراني" -زوجة نزيل- أن تُحجز شقق خاصة للقادمين من المناطق البعيدة من خارج المنطقة، حتى لا يضطروا للانتظار إلى فراغ إحدى الشقق في البيت العائلي، لافتةً إلى أنّ هذا المشروع يدل على الاهتمام الذي توليه الدولة للسجناء وأسرهم. يمكن استخدام البيت العائلي لعلاج المساجين نفسياً تجهيز كامل وأوضح اللواء "هادي حسين الصقور" -مدير إدارة سجون منطقة جازان بالإنابة- أنّ البيت العائلي الموجود حالياً بشعبة السجن العام بمدينة جازان يتكون من مبنى مستقل من دورين، وكل دور يشتمل على أربع شقق مفروشة، وكل شقة تتكون من غرفتي نوم، وصالة مؤثثة بشكل كامل، ودورات مياه، إلى جانب صالة معدة للعب الأطفال، وبوفيه مجهز بشكل كامل، وشاشات "تلفزيون"، مضيفاً: "البيت العائلي خاص بالسجناء وعوائلهم الذين ﻻ تنطبق بحقهم الخلوة الشرعية خارج السجن، بحيث تستفيد ثماني عائلات من البيت العائلي في اليوم الواحد، وإدارة السجن بصدد إضافة مبنى آخر يتسع لعدد أكبر من الأسر، وذلك ضمن المشروعات التي سيتم إنشاؤها قريباً". ينتظر النزلاء تمديد فترة «يوم العائلة» وقت الإقامة وكشف اللواء "الصقور" أنّه يتم التنسيق مع السجين وفق آلية يتم فيها تحديد اليوم والتاريخ الذي يحق له احضار عائلته فيه -من خارج المنطقة-، ويبلغ السجين بالموعد قبل وقت كافٍ، وبطريقة تضمن استفادة جميع النزلاء الذين تنطبق بحقهم الشروط، موضحاً أنّ الإفادة من البيت العائلي تشمل النزلاء والنزيلات على حد سواء، وجميع النزلاء من مختلف الجنسيات مسموح لهم بالإفادة من البيت العائلي، والالتقاء بأفراد أسرهم، مبيّناً أنّ النزيلة أو النزيل السعودي يستطيع الاجتماع مع أسرته في البيت العائلي من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الخامسة عصراً، أمّا النزيل غير السعودي يمكنه البقاء مع أسرته أربع ساعات، حيث يمكن لعائلتين غير سعوديتين الإفادة من شقة واحدة في اليوم نفسه، مشيراً إلى أنّ عدد النزلاء المستفيدين من البيت العائلي بشعبة السجن العام بمدينة جازان حوالي (65) نزيلاً ونزيلة. اللواء هادي الصقور رضا النزيل وقال الملازم أول "عمر إبراهيم عشوي" -المشرف على البيت العائلي بشعبة السجن العام في جازان-: "لمسنا من خلال العمل أنّ فكرة مشروع البيت العائلي أثلجت صدور السجناء وأسرهم، خاصةً النزلاء والنزيلات أصحاب المحكوميات الطويلة، الذين لا يمكنهم الخروج أو الانضمام لبرنامج الخلوة الشرعية الخارجية، ولقد حقق البيت العائلي طموح السجناء في الالتقاء بأسرهم وعدم انقطاعهم، فهو يحقق الارتياح للنزيل والنزيلة في جو شبيه بالوضع الأسري الطبيعي، لكل انسان داخل محيط منزله مع أسرته، لذلك فهو يخفف من الضغط النفسي للنزيل، موضحاً أنّه قدّم دراسة حول مشروع البيت العائلي، تم خلالها توزيع استبيان على النزلاء وأسرهم، حيث أظهرت النتائج الارتياح الكبير لهم، مشدداً على أنّ إدارة السجون تسعى لتطوير مشروع البيت العائلي، من خلال نتائج دراسة الشكاوى والمقترحات التي خصص لها صندوق في البيت العائلي، وكلها في سبيل تحقق الراحة والفائدة المثلى من هذا المشروع للنزيل وعائلته. برنامج علاجي وأضاف "علي بن موسى زعلة" -رئيس لجنة السجناء والمفرج عنهم وأسرهم "تراحم" بمنطقة جازان-: "البيت العائلي فكرة رائدة ونقلة نوعية وحضارية في الخدمات المقدمة للسجناء، وهذه الخطوة التي تراعي المتطلبات الإنسانية تستحق الشكر والتقدير لمن خطط لها ونفذها من المسؤولين والمختصين بالإدارة العامة للسجون"، مؤكداً على أنّ تواصل السجين مع المجتمع الخارجي له أثر إيجابي على سلوكه وصلاح أمره، ويأتي ذلك التواصل من خلال الزيارات المستمرة لأقارب وأصدقاء السجين، والتي تحظى بأهمية كبيرة بالنسبة للسجين والزائر على حد سواء، فالزيارة صلة من صلات الرحم والقربى، وعنصر هام من عناصر الترابط الاجتماعي، التي يحث عليها الدين الإسلامي الحنيف، كما أنّ لتلك الزيارات الاجتماعية فاعلية عظيمة في التقليل من تكوين ارتباطات إجرامية جديدة، وسد الطرق أمام تأثير النزعة الإجرامية، لذلك يمنح السجين بعض المميزات والحوافز، التي تربطه بالمجتمع الخارجي وتصلح حاله، وتمنعه من الانزلاق مجدداً في عالم الإجرام. ضرورة ملحة وأشارت "عائشة بنت شاكر الزكري" -رئيسة القسم النسائي في لجنة رعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم "تراحم" بمنطقة جازان- إلى سعادتها بتنفيذ هذا المشروع المهم الذي حقق التماسك والترابط الأسري، وساعد النزلاء على تحمل الضغوط النفسية، والصبر لحين العودة لأسرهم، مبيّنةً أنّ البيت العائلي كان المطلب الأول لأسر النزلاء، وقد حرصت حكومة خادم الحرمين على تلبيته، حيث سمح البيت العائلي داخل الدور الإصلاحية للنزلاء أصحاب المحكوميات الطويلة بمقابلة زوجاتهم وأطفالهم، في جو اسري راعى الخصوصية الكاملة، مطالبةً بالتوسع وإنشاء المزيد من المباني للبيوت العائلية، وذلك لتلبية الحاجة الملحة لدى النزلاء والنزيلات لمقابلة أسرهم.