كنت قد أشرت في مقال أول أمس السبت أن الملك عبدالله بن عبدالعزيز تبنى مشروع التوطين عبر أربعة محاور وهذه المحاور الأربعة هي :توطين البادية، وتوطين الوظيفة ورفع مستوى التعليم من خلال تجربة الحرس الوطني .. والتحديث التكنولوجي.. هو ما يحتاجه جيل بلادنا في المرحلة القادمة: السكن، والوظيفة، والتعليم، والتقنية.. وهذا لا يعني أننا نفتقد إلى العناصر الأربعة لكن زيادة السكان تطلبت التسريع في جعل السكن والوظيفة والتعليم والتقنية هي الأولويات لجيل جاء وأمامه تحديات دولية وتطور تقني وتكنولوجيا متحركة ومعارف متعددة.. فهذا الجيل يحتاج إلى مشروع ضخم يبدأ بالمسكن وينتهي بتطوير أجهزته والملك عبدالله بن عبدالعزيز هو من قاد التطورات المذهلة في جهاز الحرس الوطني حيث حوّل بإذن الله البادية وسكان الهجر والقرى حوَّلهم إلى مجتمعات حديثة وحضارية ومدنية وباعتراف كثير من الراصدين الدوليين والمؤرخين والرحالة الذين كتبوا عن مجتمع المملكة قبل (40) عاماً وما كتبوه عنه في حاضرنا.. فإنه بحول الله وإرادته سيقود بلادنا بصورة أكثر تحضراً وإشراقاً للتوطين والمسكن والوظيفة والتعليم والتقنية وهذا ما ينتظره أبناؤنا من قيادنتا وهذا الذي تسعى إليه قيادتنا لاستقرارنا واستقرار بلادنا. وحتى نحقق توطين التنمية وهي المرحلة الثالثة بعد الطفرة الاقتصادية التي عاشتها بلادنا عام 1975م - 1395ه والمرحلة الثانية صيانة التنمية عام 1985م تأتي المرحلة الثالثة عام 2005 م وهي توطين التنمية.وحتى نحقق هذا التوطين الذي يقوم على عاملين هما الإنسان والمال علينا أن نعيد صياغة مفاهيم التعليم العام والجماعي ونقله من الفكر النظري الى الفكر العملي التقني ونفتح أبواب الاقتصاد للموال السعودية المهاجرة إلى أن نعيدها إلى الداخل وهذان العاملان متلازمان الإنسان والمال فإذا كنا نملك الأموال والقدرة الاستثمارية لا تبقى لنا سوى إعادة تأهيل الإنسان ليكون المحرك لتوطين التنمية الذاتية ومن أهمها هي الوظيفية التي تتطلب عقولاً بشرية قادرة على التعامل مع التكنولوجيا. بلادنا تعيش حراكا اقتصاديا وجيلا من الشباب يبحث عن فرص استثمارية وفرص وظيفية لكنه يبقى معطلاً في ظل التأهيل الأكاديمي غير الفاعل الذي يرى كثيراً من أصحاب الأعمال ورؤوس الأموال أن هذا الجيل سيبقى منقوصاً إذا استمر في التأهيل التقليدي الذي يركز فيه التعليم الجامعي على الدراسات النظرية .ما لم يتزحزح التعليم باتجاه التأهيل التقني ليشكل النواة الفعلية للشركات العالمية التي من المتوقع أن تبدأ أعمالها بالمملكة قريباً ضمن الاتفاقات الدولية في إطار اتفاقيات منظمة التجارة العالمية.. يتشكل في الظل البعيد عدد من المستثمرين الجدد وجيل من الشباب في سوق الأسهم يعملون في حدود المهارة الشخصية وبعض المعلومات الشحيحة .وحتى نطور هذا الجيل الجديد لابد من احتضانه في الجامعات وتدعيمه في الدورات والبعثات الخارجية للأسواق العالمية التي سبقتنا في مجال الأسهم بدلاً من أن نجعلهم يعملون بسياسة «كل فطير وطير» أو نظام (الغزوات) التي تجني المغانم بشكل خاطف دون خطط مستقبلية. التوطين أصبح أحد مرتكزات خططنا القادمة .والملك عبدالله بن عبدالعزيز له تجربة غنية يطول عمرها لأكثر من (40) سنة عندما وطن البادية وأهل الريف والبحر في مشروع الحرس الوطني الذي جنت بلادنا نتائجه الإيجابية وإفرازاته تشاهد الآن حيث تحوّل جيل الأجداد والآباء من جيل البادية الرحل إلى قيادات تملكت زمام مبادرة التنمية الاقتصادية والحضارية.