نجزم - إن شاء الله - أن مصر سوف تكون منطلق الأمن سياسياً واجتماعياً للدول العربية التي تورطت في الصراعات.. حتى أصبح الخلاف في تعدّد ممارسته كما لو كان مسلكية وطنية.. والسيئ فيما حدث هناك أنه كان قد تواجدت محاولات إقرار الصراعات وتعدّد القتل، إلا أن شمولية القدرة العسكرية كانت أكبر كادح لبشاعة هذه السلوكية.. ومع الأسف ربما أن تاريخ مصر الوطني وبسالة مواقفها ضد التسلط الإسرائيلي لم يحدث فيه أن ارتفعت أعداد القتلى عسكرياً بمثل ما حدث أمام اندفاعات خشنة وقاسية النتائج في طريق الوصول إلى الحكم.. الملك عبدالله.. رجل بعيد النظر، فبالإضافة إلى تقديره لمصر وقناعته العميقة بأن الشعب المصري في تكوينه النفسي والأخلاقي لم تكن تتعدد فيه وسائل الإجرام مثلما هو الحال في بعض الدول العربية، فكان لموقفه - حفظه الله - تجاوبات تقدير، ليس داخل العالم العربي فقط، ولكن أيضاً فيما استوعبته بعض الدول الأوروبية.. فرنسا مثلاً.. وقد كان من أبشع نماذج المغالطات ما قيل محلياً ودولياً بأن الشعب المصري يرفض السيطرة العسكرية.. أين هي أولاً السيطرة العسكرية؟.. نعم هناك حضور عسكري، وهو حضور دائم التواجد ويكون هناك بروز عندما تنشأ أي مخاطر.. لكن واقع الحال في القاهرة هو وجود حكومة غير عسكرية مؤقتة الاستمرار حتى يتم الوصول انتخابياً إلى اختيار رجال الحكم القادم.. الواضح هنا لا وجود لحكم عسكري قائم أو قادم.. لكن هناك حماية.. ومن الطريف الإشارة إلى نوعية التواجد العسكري في مصر الآن هو تواجد أخلاقي اختلف عن أي تواجد عسكري في أي دولة عربية تعددت فيها الصراعات، ثم يأتي الحكم العسكري ملغياً أي وسيلة حكم.. في مصر لم يحدث ذلك.. بل حتى إن مواجهة التمرد في محاولات الاستئثار بالحكم لم تتعرض لقسوة مواجهة إلا في حالات ضرورات الردع إنقاذاً لآخرين.. نطمئن بشكل جيد بأن توالي الأحداث لم يتجه إلى تزايد القسوة، ولكن موضوعية المواجهة أدت إلى تهدئة الأمور ووضوح الجزم بالوصول نحو استقرار حكم ديموقراطي ومقبول من الجميع..