كل عيد وقد سعدنا بانتشار الأمن والأمان في وطننا، وفيه ندعو لأشقائنا المتخاصمين المتنازعين في هذا العيد أن تستقر أحوالهم، ويعود الأمن والرخاء إلى بلادهم كنت أتمنى مثل غيري أن يكون هذا العيد عيداً سعيداً على كل العرب والمسلمين - كما تعودناه دائماً - بعيداً عن كل شر وفتنة وخصام، ونرى الحب فيه بصدق وإخلاص قد شمل كل العرب والمسلمين. هو عيد جاء اسمه من العود والتكرار، عود لمشاعرنا الفياضة لما أكرمنا الله به من نعْمة الصيام والقيام، وفرحة مقرونة بأمل أن يتقبل الله ذلك الذي عشناه في أطيب الأيام. إن مشاعر المسلم الغيور المهتم بحال أهل دينه في هذا اليوم غيرها في كل عيد مضى.. كيف لا!! والفتنة مشتعلة على أوجها في عدد من بلاد العرب والمسلمين، حتى أن تبادل التهاني بالعيد في هذه الأيام غير ما كان قبل ذلك من ارتياح للمشاعر والفرحة المتبادلة في أعياد سبقت. ومع هذا الغم السادر فقد أضاعت وسائل الإعلام الحقيقة عنا، مما يحتم علينا ألاّ يكون لأحدنا موقف تجاه فرقة من هذه الفرق المتناحرة.. والتي أضاعت على أهل الغيرة والنخوة من المسلمين فرحة الصيام، وزهوة العيد، وسعادة هذه الأيام. إن المأمول دائماً في الأعياد أن تصاحبها بهجة كبرى حين النظر إلى ساحات الصلاة المملوءة بالمسلمين السعداء، إذ يجيء المسلم لصلاة العيد داعياً الله أن يجعل حياة الأهل والوطن والمسلمين جميعاً أعياد خير وسعادة وأمان.. وفي هذا العيد علينا أن نكثر من الدعاء لله أن يزيح هذه الغمة التي عليها بعض المسلمين اليوم. لعلنا في هذا العيد نغمض عيوننا موقتاً عما يجري من المآسي في بعض أنحاء الوطن العربي حولنا، ونركز على شأننا المحلي والأسري، ندعو بالسلامة لوطننا، والأمن والأمان لأهلينا.. ونأخذ العبرة والعظة مما يجري حولنا حتى نتجنب أسباب ما يحدث هناك. ليعد كل منا إلى بيته مضيفاً البهجة على أولاده وأحفاده وأهل بيته، وليلتف كل مجتمعنا حول بعضه، ولتكن مشاعرنا مشاعر روحية مخلصة عميقة - دافقة في كل قلب، شاعرين بهذا اللقاء الإيماني المبارك. ما أحلى ذكريات العيد في عهد الطفولة والصبا، إنها ذكريات حلوة جميلة - ياليتها تبقى بصورتها التلقائية البريئة؛ فالكل كان يفرح بالعيد: قبله استعدادات لتجهيز ما يلزم من إكرام ضيوف التهنئة بالعيد، أو شراء الثياب الجديدة فرحة بهذا اليوم الجميل.. وزيارات كثيرة متعددة طوال أيام العيد.. لكن الحال قد تغير كثيراً اليوم؛ فالهاتف الجوال، ووسائل الاتصالات الأخرى أغنت بعض الناس عن الزيارات الحقيقية، لكنها ليست كمثل جمالها وإسعادها لنا، فأنت عبر هذه التقنيات قد ترى وتخاطب أهلك وأولادك وأصحابك حتى لو كانوا في أبعد الأوطان؛ ولكن ليست كما لو كانوا بجوارك يضمونك بالقبلات والأحضان. أعيادنا الإسلامية ذات تميز شخصي، وعائلي، ووطني وإنساني، فأنت في ذات شخصك حريص على بقاء هذه المواظبة الإيمانية ما استطعت، وكأن الصيام الممتد طوال الشهر العظيم قد رسخ في نفوسنا عمق الإيمان أكثر، وأعطانا تمسكاً بالعبادات أوثق. ولعل المتخاصم يتصافى مع من قطعه، ويتنازل عن فُرقة من ابتعد عنه، وها هو زحام السفريات البرية، والجوية قبل العيد وبعده تشهد بهذه الحياة الاجتماعية القوية الاتصال، والتي تحقق الصفاء والتقارب الذي يعجز عنه كثير من الناس في المناسبات الأخرى، والحمد لله أن وطننا الغالي هو أكرم الأوطان وأسعدها بهذه النعمة الإيمانية التي خصه الله وخصنا بها. كل عيد وأنت أيها الأخ القارىء بخير وسعادة.. كل عيد وأهلونا وأحبابنا جميعا بنعمة وراحة غامرة.. وصوم مقبول ومكافأة إلهية شاملة. كل عيد ووطني الغالي بخير، وهناء، وأمن، وأمان. كل عيد.. وقد غابت الشرور والفتن، وانتهت المنازعات والغوغاء من كل البلاد العربية والإسلامية. كل عيد وقد سعدنا بانتشار الأمن والأمان في وطننا، وفيه ندعو لأشقائنا المتخاصمين المتنازعين في هذا العيد أن تستقر أحوالهم، ويعود الأمن والرخاء إلى بلادهم. عيد سعيد، وأمن مديد لوطننا، وسلام شامل قادم لكل العرب والمسلمين وللبشرية كلها. مرة أخرى.. كل عام أنتم بخير.. وفقنا الله جميعًا إلى الخير والصواب والأخذ بأسباب القوة مهما غلا ثمنها، اللهم اجعل صدورنا سليمة معافاة، وأمدنا يا ربنا بتأييد من عندك وتسديد.