هل ترون كيف تتظاهر مشاعر الناس والوطن والعالم في الحزن الكبير على الإنسان الكبير؟ ألا يغمرنا ذلك الأسى وهيبة الفقيد - يرحمه الله - الحاضر في القلوب والمواقف والتاريخ يعبر مرحلته بتوقد مآثره وقياداته لصور التنمية والتحديات والأحلام في آن واحد؟ كيف لا تتظاهر المشاعر.. حتى وإن كانت ساكنة بفعل هيبة الموقف.. بدءاً من أجيال نمت طفولتها معه وأخرى كبرت مع إنجازاته وهي كلها تدرك كيف نهض بالتعليم حلماً وتبنى نشره.. كيف توحدت الأهداف في وجدان هذا الملك الذي أصر لدرجة الكفاح من أجل تحقيقها.. توازن التنمية مع الارتقاء بالإنسان.. تبنى قضاياه الحياتية ورسم خطط الإنماء والتوحد مع قضية نشر الإسلام المتفرد في قيمه النبيلة وتركيزه المشهود على توسعة الحرمين الشريفين لروعة معمارية وأمنية واضحة وصوت يحفز على ذكر الله من فرط هذا الاهتمام الروحاني. كثيرة جداً هي بصمات الملك فهد في ذاكرة الوطن ووجدانه.. وكثيرة جداً هي مآثره على مستوى العالم وشعوبها التي جاءت ممثلة برموزها في تقديم واجب العزاء للوطن وللأسرة المالكة. وفي تاريخنا القريب يذكره العالم والأشقاء أكثر لمواقفه الناصعة أثناء أزمة احتلال الكويت.. يذكرون شجاعته النادرة وإيمانه الراسخ بالله ويذكرون بطولته القيادية وإصراره على تبني الحق والدفاع عنه مهما كان الثمن.. أجيال تلي أجيال تعرف قدر هذا القائد.. مجتمع هائل المتطلبات وعلى كافة الأصعد وجد من يروض الصعاب من أجل تحقيقها وفرص تعليمية وعملية للمرأة السعودية رأت النور والتشجيع في مراحل قيادته للوطن رحمه الله. وأطفال الأمس.. واليوم.. مراهقونا وشبابنا كلهم يقدمون لهذا المليك وقفة حب وولاء وانتماء تشاهد صوره على شاشات حاسبهم الآلي باختيار ذلك الحب الذي تحول إلى انتماء شعبي وإنساني غامر للملك فهد بن عبدالعزيز وهو يعبّر عن تظاهرة مشاعر لم يغيّبها موته. تغمد الله فقيد الأمة بواسع رحمته وأعان خير خلف خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز على مواصلة المسيرة فليبارك الله خطواتهما دوماً إن شاء الله في سبيل عزة هذا الوطن وازدهاره.