مفرح جداً أن تنجح هيئة أعضاء الشرف في نادي الاتحاد في رسم خريطة طريق لحل الأزمة المالية الخانقة بل القاتلة التي يمر بها النادي جراء الديون المتراكمة التي ظلت تكبل النادي وتضغط عليه، والفرح ليس للاتحاديين وحدهم بل لكل الرياضيين السعوديين الذين ينظرون ل»العميد» كقيمة وطنية. ليس مهماً من هو الرّسام الذي أشرف على رسم تلك الخريطة، سواء أكان منصور البلوي أو غيره، بقدر ما إن المهم أن تؤدي الخريطة في نهاية المطاف لحل الأزمة، لا أن نكتشف بأنها تحولت إلى شبكة معقدة من خطوط الطول ودوائر العرض تؤدي في النهاية إلى تعقيد المشكلة بدلاً عن حلحلتها. أقول ليس مهماً الوقوف كثيراً عند معرفة من رسم خريطة الحل، ليس لأجل القفز على دور هذه الشخصية الاتحادية أو تلك، بقدر ما إنني أتمنى على الاتحاديين بكل فئاتهم ألا ينشغلوا في التفاصيل، فالشيطان –كما يقال- يكمن في التفاصيل؛ خصوصاً وأن الواقع الاتحادي يكشف عن أن المشكلة الرئيسة في الاتحاد في العقد الأخير أن كثيراً من الاتحاديين أصبحوا ميّالين في ولائهم للشخوص أكثر من ولائهم للكيان على عكس ما عرف عن «العميد» طوال تاريخه. المهم - بالفعل- في هذه الأزمة هو الوقوف على الحراك الشرفي الجاد لإعادة جدولة الديون في الطريق لمعاجلتها تماماً، والمهم أيضاً هو تقدير أن ثمة شرفيين قد أبدوا التزامهم بالتبرع لمعالجة جزء من هذه الديون بالإضافة إلى حلها من خلال إيرادات النادي؛ لكن الأهم من كل ذلك هو الاطمئنان قبل ذلك من إيقاف نزيف الديون الذي جعل الاتحاد في وضع لا يحسد عليه ما انعكس على قوته وهيبته. معالجة نزيف الديون لن تتم بالتنسيق فقط بين هيئة الشرف وإدارة النادي من خلال اجتماع شرفي ضيق أو موسع ولا عبر تصريحات مخدرة للجماهير الاتحادية من هذا المسؤول الإداري أو تلك الشخصية الشرفية، وإنما عبر خريطة الطريق نفسها، بحيث لا تتسع فقط لحل أزمة الديون، بل لحل أزمة النادي الرئيسة، وأعني بها أزمة عدم الاستقرار الإداري في النادي. المتابع الدقيق للواقع الاتحادي يدرك أن هذه الديون ترتبت جرّاء أخطاء ارتكبتها إدارات سابقة؛ خصوصاً إدارة اللواء محمد بن داخل التي أغرقت النادي في التزامات مالية قبل أن تترك الجمل بما حمل، وهو ما انعكس على إدارة محمد الفايز التي وجدت نفسها غارقة في بحر من المديونيات لا شاطئ له، لتضطر لمعالجة الأزمة بإجراءات إدارية ومالية زادت من غرقها أكثر حيث تمت على طريقة مكره أخاك لا بطل، فإذ بها تجد نفسها في نهاية المطاف كالمستجير من الرمضاء بالنار. هذا الواقع يستوجب على كبار «البيت الاتحادي» أن يغلبوا مصالحهم الخاصة والفئوية بأن لا يكتفوا بمعالجة الديون وإنما بإعلان تجديد الثقة في إدارة الفايز، لإكمال فترتها القانونية بهدوء وطمأنينة ليقطعوا بذلك الطريق على عرابي الفوضى في النادي الذين لا يهدأ لهم بال ولا يقر لهم قرار إلا مع استمرار سقوط إدارة وقيام أخرى ليمضي الاتحاد في سياسة «تيتي تيتي»!