بقدر ما يمثل رحيل العاهل السعودي الملك فهد بن عبدالعزيز خسارة للمملكة العربية السعودية وشعبها الشقيق، فإنه يمثل خسارة كبيرة للعالمين العربي والإسلامي اللذين يفقدان بغيابه قامة عربية كبرى من رعيل القادة الذين راهنت عليهم الأمة العربية في نضالها لأجل التحرير والتحرر والتنمية. غير أن هذا الرحيل خسارة لبنانية بامتياز لبلد طالما شعر ابناؤه في قرارة أنفسهم وفي أوقاتهم الصعبة بوجود دولة شقيقة وداعمة دون حساب لوطنهم حيث مثل الملك الراحل سنداً أساسياً للاستقرار اللبناني وحاضناً وراعياً لمشروع المصالحة والنهوض الاقتصادي والسياسي بعد سنوات من الحرب الأليمة. يتذكر اللبنانيون الملك الراحل كثيراً لكنهم أكثر ما يتذكرون وقوفه إلى جانبهم وجانب عاصمتهم الصامدة بيروت في الاجتياح الاسرائيلي في العام 1982 عندما حوصرت أجمل العواصم العربية وصمد أبناؤها والمقاومون الفلسطينيون صموداً أسطورياً فكانت المملكة وكان الملك الراحل يشاطر المقاومين في بيروت صمودهم ومعاناتهم ساعة بساعة ولحظة بلحظة. ويتذكر اللبنانيون الملك الراحل في رعايته لاتفاق الطائف واحتضانه واحتوائه للتناقضات اللبنانية، تلك الرعاية والدعم الذي أثمر توقيع وثيقة الوفاق الوطني التي أوقفت الحرب الأهلية وحقنت الدماء وأطلقت مرحلة السلم الأهلي وأقرت إصلاحات جوهرية في النظام السياسي وثبتت عروبة البلد وخياراته النابعة من هذه العروبة ودشنت مرحلة المصلحة الداخلية والنهوض السياسي والاقتصادي الذي كان فيه للمملكة العربية السعودية الدور الرائد والكبير عبر مساهمات معطاء لا ينكرها عاقل ويشعر بالعرفان لها كل أبناء الشعب اللبناني. الرحمة للملك الراحل وكل العزاء للشعب السعودي وللمملكة العربية السعودية التي بقدر ما أعطت ودعمت شعب لبنان دون حساب فإنها زهدت وتقشفت في طلب أي مقابل سياسي أو اقتصادي سوى الشعور بالعرفان والتقدير وهو ما يجمع عليه الشعب اللبناني الذي طالما راهن ويراهن على دعم المملكة وقيادتها وشعبها للبنان في معركته لاستعادة أرضه وأسراه من قيد الاحتلال الإسرائيلي وفي نضاله الداخلي لأجل تثبيت المصالحة وحماية الاستقرار وتكريس النظام الديمقراطي واستكمال عملية البناء والتطوير. ٭ نائب لبناني