لاشك أن المملكة فقدت ابناً باراً وقائداً محنكاً عزيزاً عليها، وإذا كان لي أن أتحدث وأسترجع الإنجازات الكبيرة التي تحققت في عهده رحمه الله منذ تولى الحكم في عام 1402ه الموافق 1982 ميلادية والتي وضعت المملكة في مصاف الدول المتحضرة لما شملته من نهضة شاملة امتدت إلى مختلف نواحي الحياة. فالحديث عن هذه الإنجازات الكثيرة والمتعددة والتي ألقت بظلالها على جميع أبناء الوطن اقتصادياً واجتماعياً، حديث عميق وذو شجون، غير أن ما أود التركيز عليه في هذه المناسبة هو موضوعان فقط أرى أنهما على درجة كبيرة من الأهمية وأحدثا نقلة نوعية عظيمة في تطور ونهضة المملكة من الناحية التنظيمية والناحية الأمنية. أولهما .. إصدار النظام الأساسي للحكم .. ونظام مجلس الشورى .. ونظام المناطق في عام 1412ه. وقد أحدثت تلك الأنظمة نقلة كبيرة نحو ممارسة العمل على أسس من العدل والمساواة والشورى وفق الشريعة الإسلامية. أما الموضوع الثاني، فهو الجانب الأمني.. حيث تولى المغفور له بإذن الله خادم الحرمين الشريفين مسؤولية وزارة الداخلية في جمادى الآخرة عام 2391م فصنع وزارة ذات كفاءة عالية وأعطاها مرونة إدارة وكفاءات في التنفيذ وتابع تطويرها حيث وحد الأسماء والتشكيلات الإدارية بجميع مناطق المملكة وأكسبها زخماً من التقنيات الحديثة في سبيل حفظ الأمن في جميع مدن وقي المملكة وطور كلية قوى الأمن الداخلي كما أنشأ عدداً من المعاهد المتخصصة لتخريج الكوادر الوطنية المؤهلة في قطاعات الأمنية المختلفة فصارت هذه المعاهد خطوة تطويرية مهمة في تاريخ وزارة الداخلية وقد أتبع ذلك الإنجاز إنجازاً آخر تبنى مجموعة من الشباب السعودي لتولي العمل في الأجهزة الأمنية بعد تزويدهم بأساليب العلوم الأمنية بجميع مجالاتها. فكان رحمه الله أول من قرر إيفاد بعثة تضم عدداً من حملة الشهادات الثانوية العامة للحصول على درجة البكالوريوس في العلوم الأمنية إلى الجامعات المتخصصة في هذه المجالات بالولايات المتحدةالأمريكية، وكانت تلك البعثات في عام 1393ه ثم تبعها العديد من البعثات على المستويين الأكاديمي والتدريبي للعاملين في تلكم المجالات. ومن هنا نرى أن النظرة البعيدة لقراءته رحمه الله للمستقبل بعد أن نجح في استثمار طاقة هؤلاء الشباب المبتعثين بعد عودتهم أفراداً وضباطاً حتى وضعوا المملكة في مصاف الدول المتقدمة تقنياً وأمنياً. رحم الله فقيدنا العزيز وأسكنه فسيح جناته وألهم الأمة العربية والإسلامية الصبر والسلوان. * عضو مجلس الشورى