ما عادت هناك عشرة للجزارين، وعشرة للقماشين وعشرة للخياطين.. الأقمشة تباع كل يوم أشكال وألوان.. والناس يفصّلون ويخيطون طوال العام.. واللحوم معروضة بسخاء معلّقة في كل مراكز التموينات.. ما عاد الأكل والشرب والطبخ والنفخ واللبس الجديد مختصًا برمضان ولا بالعيد.. هي وقفات عادات، أصبحت من التراث.. ومقولات وأمثال بقيت في وجدان الناس، من يوم أن كانت لأيامهم مواسم.. ولفصول السنة معالم.! أين بهجة انتظار اليوم الجديد والحدث السعيد؟! لقد توارت وخفت بريقها في العيون.. * * * يحب الناس أن تحدثهم عن أيامهم التي أحبوها حتى لو تغيّرت الاحوال واختلفت الالوان والأشكال.. حتى الشوربة والسمبوسة والخشاف وقمر الدين ومدفع الإفطار وغير ذلك مما اعتادوا عليه وألفوه يحبون أن تحدثهم عنه كل يوم وتحاكيهم عنه ألف ليلة وليلة .! * * * هذه الأحداث المتلاحقة التي تهز أطراف الارض من حولنا ألفها الإنسان.. ركضٌ في كل الاتجاهات.. وحشود في كل الساحات.. ودم يسيل فلا يحرّك ساكنًا، وكأن الدماء قد أصبحت ماءً له لون التوت و(الشربيت).! حينما تنحدر إنسانية الإنسان إلى مستويات ينعدم معها إحساس بعض الناس بما يرونه ويسمعونه كل يوم ، لا يستحق أي شيء أن تبكي أو تضحك عليه.!!