منذ عقود طويلة والأندية السعودية لا تعاني من ضعف أو قلة مدافعين، وكانت تغذي المنتخب بالكثير من المدافعين المميزين، والذين يمتلكون بنية قوية كالمدافعين الذين نراهم في الملاعب الأوروبية والعالمية، ومنهم قائد المنتخب ونادي الهلال السابق صالح النعيمة وحسين البيشي وتوفيق المقرن وابراهيم تحسين وأحمد جميل ومحمد الخليوي وعبدالله الشريدة وعبدالله سليمان. في السنوات الماضية بدا الضعف الدفاعي واضحاً في كل الفرق السعودية، وأصبحت الأندية تصبر وتتغاضى عن مدافعين يتسببون بالكثير من الأهداف وركلات الجزاء والبطاقات الملونة بحجة عدم وجود بديل لهذا المدافع، وبعض الفرق تجرب ستة أو سبعة مدافعين في الموسم، ويردفون بعضهم في الفشل و"النكبات" المتوالية، ولا يزيدون فرقهم إلا خسارا. 53 ٪ نسبة عطاء أفضل مدافعي اليوم في آخر 3 مواسم أسامة هوساوي الذي طالما تغنت باسمه الجماهير الزرقاء عندما كان يقود دفة الهلال الدفاعية، إضافةً لكونه المدافع الأول في المنتخب السعودي، وكان محبيه يلقبونه ب"أبو كلبشة"، التي يبدو أنها تنفرج تحت أقدام الكثير من المهاجمين، وأقرب مثال لذلك خطؤه التاريخي الذي أخرج الهلال من البطولة الأهم في القارة بعد ما كان المرشح الأقوى في البطولة وكان قاب قوسين أو أدنى من اللعب في النهائي واقتلاع اللقب لولا انهيار هوساوي أمام البرازيلي كاسترو مهاجم ذوب أهن الإيراني في ذاك الوقت، إضافةً إلى الارتباك الذي ينتابه في كل المواجهات القوية، رفض التجديد مع فريقه الذي قاتل من أجل التعاقد معه وقدم له الغالي والنفيس، إلا أنه فضل الاحتراف في أندرلخت البلجيكي، ليكشف لنا ضعف مستوى الدفاع السعودي الذي يبدو لي أنه انكشف منذ أول التمارين مع الفريق، واتضح أن تجربته في الملاعب الأوروبية لم تتجاوز سوى بضعة أشواط. بعدها عاد للسعودية بخفي حنين مثبتاً فشلنا الذريع في صناعة مدافع سعودي يحمي المناطق الخلفية لفرقنا ومنتخبنا، ورغم كل هذه العيوب انهالت عليه العروض السعودية والخليجية، ووقع للأهلي مقابل أكثر من ثمانية ملايين ريال في الموسم، مقتدين إدارة النادي بالقدماء حين قالوا "مالك إلا خشمك لوّه أعوج". جميع الأندية تعاني من ضعف عمق الظهر.. المدافع السعودي الآخر الذي بنيت عليه كل الآمال لحفظ ماء الوجه بعد أن أخفقت الأندية السعودية صناعة المدافعين أسامة المولد، غالى السماسرة في مبلغ قيمة عقده ومبلغ انتقاله، فضلاً عن مغالاة ناديه بمبالغ كبيرة للتنازل عن عقده لصالح من يرغب في التعاقد معه، بعد تورطهم برواتبه المتأخرة وعجزهم عن تسديدها، تقول التقارير الصحفية أن المبلغ المطلوب هو سبعة أو ثمانية ملايين عن كل عام للاعب، غير الحصة التي سيتقاضاها ناديه من في حال انتقاله. أسامة المولد أسامة المولد أحدث ضجة إعلامية في الآونة الأخيرة بسبب عدم رغبته في الجلوس مع الاتحاد ورغبته في الانتقال إلى نادٍ آخر يضمن له حقوقه، والحديث عن اقتراب الهلال من التعاقد معه. الاحصائيات تقول إن أسامة المولد في الثلاثة أعوام الأخيرة بالكاد استطاع تجاوز لعب نصف مباريات الدوري بواقع 53% من العدد الكلي، إذ لعب في الموسم المنصرم (2012/2013) 12 مواجهة في الدوري من أصلا 26 وفي الموسم ما قبل الماضي (2011/2012) استطاع اللعب في 17 مواجهة من أصلا 26 وفي الموسم الذي سبقه (2010/2011) لم يتجاوز نصف المباريات بواقع 13 مباراة من أصلا 26، بالإضافة إلى حصوله على 18 بكاقة صفراء وبطاقة حمراء واحدة. ضعف المدافعين في السعودية جعل الأندية تحاول توفير مبالغ كبيرة لمدافعين "معطوبين" حتى يغطون العجز. بعض المدافعين يتميزون مع الفرق الصغيرة، ثم تغريهم الفرق الكبيرة بالمال والأضواء، فيوقع معهم وكأنه يوقع وثيقة قتله كروياً، إذ إن هذا الفريق سيقتل موهبته ويجعله حبيساً لدكة البدلاء طوال مدة عقده، أو ربما يوقع له مخالصة بعد دفن موهبته، والخيار الأخير أن يجعله يوقع مع إحدى الأندية الصغيرة ليمارس ما تبقى من حياته في الملاعب بعد تراكم الإحباطات عليه، وخير مثال تعاقد الهلال مع يحيى المسلم الذي أصبح تربطه بمقاعد البدلاء علاقة قوية، رغم معاناة الهلاليين من الخط الدفاعي وتخبطات المرشدي المتكررة وإصابة البرازيلي أوزيا، إلا أن الأجهزة الفنية في الهلال أصرت على تجربة عبداللطيف الغنام تارة وعبدالله الزوري تارةً أخرى، ولم تعط المدافع المسلم فرصة ليثبت فيها نفسه عندما تراكمت الإصابات وبان الوهن على دفاع الهلال، وهذه السياسة ربما تكون أسوأ سياسة تتبعها الأندية، لأنها تقتل المواهب الوطنية الشابة وحسن العتيبي ربما يكون أبرز ضحايا هذه السياسة. غالبية الفرق السعودية تعاقدت مع مدافعين أجانب لإيمانها بعدم وجود مدافعين سعوديين يُتَّكل عليهم، ومن أبرزهم الهلال والشباب والنصر والفتح، رغم هذا لا نرى اهتماماً في الفئات السنية في الأندية، بل أصبحت الأندية التي كانت غنية بالمواهب في الفئات السنية يقل اهتمامها في بنيتها التحتية بشكل واضح، ولعل أبرز هذه الفرق هو الشباب. في جميع البطولات القوية في العالم، الدفاع هم أقل اللاعبين قيمة في صفقات الانتقالات، وخصوصاً في أوروبا التي نتغنى ونتغزل بهم ونتمنى بأن نلحق ركبهم، بينما في السعودية يستحوذ المدافعين على مبالغ خرافية، وليتهم يستحقونها.