الحديث أو الكلام الصادر عن إنسان ما.. يمكن أن يعبر عن جوهر ذلك الإنسان، وعن مكنون أفكاره. وعندما وقف رجل وسيم وأنيق أمام الفيلسوف اليوناني (سقراط)، وأخذ يتباهى بملابسه، ويتبختر في مشيته. قال له سقراط: تكلم حتى أراك!! لقد كانت قيمة الإنسان عند سقراط ليست فيما يملكه أو ما يلبسه، بل فيما يحسنه من قول يعبر عما لديه من قيم وأفكار. ولو فكر الإنسان في مغزى ذلك، لأدرك ان الصمت ربما يكون أفضل من الكلام، لمن يلقي الكلام بدون تفكير أو قدرة على إيصال رسالته للآخرين. والكلام أو الحديث إلى الناس يحتاج إلى الثقة بالنفس، فالثقة بالنفس مفتاح مهم للنجاح في جميع العلاقات الإنسانية والاجتماعية.. الخ. ثم يأتي بعد ذلك الهدف من الحديث وعدم التهيب من الموقف والتدريب على مقابلة الناس. ومن أجل أن يكون حديثك جيداً - عزيزي الشاب، عزيزتي الشابة - ينبغي أن تتحدث بثقة، وأن تنظر إلى الناس مباشرة، فليس أثقل على الناس من أن تتحدث اليهم، وأنت منكس الرأس، كأنك خائف من شيء ما، أو كأنك تحمل في داخلك ذنباً أو شيئاً لا تود الحديث عنه!! وعندما تتحدث، فإن من أهم مبادئ الحديث الجيد هو أن يكون واضحاً. وإذا كنت تتحدث إلى شخص واحد أو أكثر، وخاصة في المقابلات الشخصية، فاذكر اسمك والهدف من حديثك. أما إذا كنت في مجموعة من الناس، فمن المهم ألا تستأثر بالحديث، وإذا طلب منك الحديث فحاول أن تكون مقتصداً في حديثك، وأن تنظر إلى الموجودين معك نظرة ود وتقدير، وان تشركهم في الحديث أو النقاش وتبادل الأفكار. إن الحديث إلى الناس يحتاج إلى مهارة وتدريب، فحاول أن تحسن من مستوى إلقائك، فالناس ينصتون لمن يحسن الإلقاء، ويهتم بمخارج الألفاظ، وتحدث بصوت مسموع، مبتعداً عن الهمس أو الصوت الذي لا يسمعه الناس. والحديث الرائع يعتمد على التفكير الواضح، فليكن تفكيرك واضحاً، منظماً ودقيقاً. وإذا كنت تتحدث عن نفسك، فلا تزد في حديثك على ثلاث أو خمس دقائق، إلا إذا استزادك الناس، واعلم أن الناس أكثر اهتماماً بأنفسهم وإنجازاتهم من الحديث الذي تركز فيه على نفسك وإنجازاتك!! إنك لا تنجح بمجرد أن تتحدث عن نفسك، وعن إنجازاتك.. لكنك غالباً ما تنجح إذا فكرت في نجاح الناس ومساعدتهم في أي مجال يجعلهم أكثر سعادة.. وذلك بالحديث عنهم، وعن تحقيق آمالهم وأحلامهم وطموحاتهم وأفكارهم.