يعتقد أن حوالي 30٪ من الحرائق التي تشتعل في البيوت ليس لها سبب واضح. وهذا النوع من الحرائق يصنف غالباً تحت خانة «مجهولة المصدر» أو «غير معروفة السبب».. وهذه النسبة يمكن إثباتها من خلال اشتعال الحرائق في أماكن لا تحتوي أصلاً على مصادر النار - أو لم يحدث فيها عطل كهربائي أو تسرب للغاز مثلاً!! ومن أغرب التفاسير التي سمعتها (بالإضافة إلى أعمال الجن والشياطين) قدرة بعض الأطفال على ترجمة «طاقتهم الكبيرة» إلى بؤر حرارية تشعل النيران في المواد المحيطة. وهذا الادعاء ظهر بعد ملاحظة استمرار الحرائق في المناطق التي يتواجد فيها أطفال يتميزون بحركتهم الدائمة ومزاجهم النزق (رغم عدم استبعادي قيامها بإشعالها عمداً)!! .. على أي حال هناك برفيسور مشهور يدعى فنسنت جيدايز درس حالات كهذه في دول متفرقة (وألف بهذا الشأن كتاباً جميلاً بعنوان «الأضواء والحرائق الغامضة» - Mysterious Lights and Fires). وفي هذا الكتاب استعرض حوادث احتراق غامضة انتقلت مع بعض الأطفال إلى حيث ينتقل أهاليهم - رغم مراقبتهم بشكل دائم. فمن الولاياتالمتحدة مثلاً درس واقعة شهيرة حدثت لعائلة المزارع ويلي جاك من ولاية الينوى عام 1948. فقد بدأ الرجل وعائلته يلاحظون بقعاً بنية غامقة تظهر على ورق الحائط. وبمرور الأيام أخذت تزداد سخونة وانتشاراً حتى بدأ بعضها بالاشتعال. وقد عجزت دائرة الإطفاء - والعلماء من جامعة شيكاغو - عن ايجاد تفسير لها. ومع مرور الأيام أصبح اندلاع النيران متكرراً ومتقارباً الأمر الذي جعل الجيران يتطوعون للمبيت في المنزل وبقرب كل منهم دلو ماء.. ورغم أن أحد المهندسين وجه أصابع الاتهام إلى موجات الراديو الصادرة من القاعدة الجوية القريبة، ولكن اتضح في النهاية أن اشتعال النيران له علاقة بابنة المزارع الصغرى وينيت (التي - حسب قوله - تملك طاقة نفسية عالية تترجم بطريقة ما إلى طاقة حرارية عالية)!! .. هذا التفسير العجيب أوحى لاحقاً للمخرج ستيفن كنج بتصوير فيلم شيق يدعى «مشعل النيران» تدور قصته حول فتاة صغيرة تملك قوة خارقة تتيح لها إشعال النار في أي شيء تركز بصرها عليه.. ورغم المبالغة الكبيرة في أحداث الفيلم إلا أنه قدم تفسيراً مقبولاً لبعض العائلات التي عانت من تكرار الحرائق دون سبب واضح!! ٭ ومهما اختلفنا حول السبب تظل حوادث الاحتراق الغامضة معروفة في مناطق كثيرة حول العالم. ففي مايو 2001 عانت من هذه المشكلة البيوت الكائنة في حي بيتالوا في العاصمة التشيلية (افترضت الكنيسة حينها أنها من أفعال الشيطان).. وكانت النيران تبدأ كبؤر سوداء صغيرة سرعان ما تشتعل وتسبب حريقاً كبيراً. ورغم استمرار المشكلة لعدة أسابيع إلا أن السلطات عجزت عن حلها حتى انتهت - كما بدأت - بدون تفسير مقنع!! .. وفي نفس العام تقريباً تحدثت صحيفة التايمز الهندية عن اندلاع حرائق مشابهة (في قرية ناريندار) يصعب إطفاؤها مهما سُكب عليها من ماء. وقد أثارت الظاهرة الرعب بين القرويين مما اضطرهم للنوم لعدة أيام خارج بيوتهم.. العجيب فعلاً أن النيران كانت تشتعل بترتيب طولي ونمط متوقع حتى التهمت معظم منازل القرية (حسب موقع الصحيفة في 18/4/2001)!! .. ولعل بعضكم يتذكر أنني خصصت مقالاً كاملاً لحادثة محلية وقعت لمواطن من الحناكية (قرب المدينةالمنورة) ابتلي بحرائق مجهولة المصدر. فقد كانت النيران تندلع في بيته بلا مقدمات أو سبب واضح. وبسبب عجز الجميع عن تفسير ما يحدث - أو معرفة مصدر النيران - بقي رجال الدفاع المدني مرابطين أمام منزل الرجل لإطفاء أي حريق محتمل.. ولم تنته هذه المحنة إلا بعد أن تصدى لها أحد المشايخ - من الجامعة الإسلامية - الذي افترض أنها من أفعال الجن.. وكافحها على هذا الأساس! [email protected]