إن العمل هو أساس النجاح وتقويمه بمعنى أن يعطي قيمته الحقيقية فلا يعتمد بالدرجة الأولى على ثناء المعجبين أو ذم الناقمين وإنما يقوم على مراجعة الإنجاز ومعاينته بمنظور النقد العلمي الذي يضع في نصب عينيه الشروط الأساسية والهدف المرجو والمستوى المنشود والغاية التي يؤمل تحقيقها في النهاية مع مراعاة المدة الزمنية التي استغرقتها والظروف الموضوعية والنفسية التي تكتنف العمل والعاملين .. والتقويم عملية عقلية بحتة لا دخل فيها للعواطف أو لحالات الرضا والسخط التي تعتري الإنسان بين فترة وأخرى وربما من ساعات لأخرى حسب المزاج المتقلب الذي يطلق الأحكام المتناقضة والآراء المتعارضة على طريقة (كلام الليل يمحوه النهار) ثم أن التقويم غير السوي لا يمكنه الرقي بالعمل لأنه يعطي معلومات خاطئة ويسهم في تكريس الخلل .. لأنه أولاً لم يستطع تحديد الخلل بدقة .. ثانياً لأنه يعالج معالجة خاطئة حيث إن التشخيص لم يكن صحيحاً في البداية كالطبيب الذي يخونه التقدير فيصف علاجاً لا يصلح للحالة التي أمامه وإنما للحالة التي توهمها حسب تقديره، أما أن يكون التقويم صدى لمدح الآخرين أو هجائهم فهذا عقم في التفكير مبعثه الغرور في المرة الأولى والإحباط في الأخيرة وهاتان صفتان تعطلان عملية التقويم وتفقدانها جدواها والنتيجة المنتظرة منها ويسهمان في خداع النفس واستغفالها ذلك أن نقد الآخرين يدخل فيه عامل الصداقة والعداوة أو الإعجاب الساذج والكيد الهادف .. كما يدخل فيه اختلاف الموازين والتوجهات وهذه منزلقات مضللة ينبغي أن يحذرها التقويم الصحيح.