التفاؤل هو وقود السعادة. لا يمكن لأحدٍ أن يتشاءم ومن ثم يكون سعيداً. الإيجابية شرط لولادة التفاؤل. نحن أمام مراتبٍ ثلاث للوصول إلى السعادة، الأولى أن نكون إيجابيين، بمعنى أن نتجاوز كل إمكانيات السلبية المفزعة أو الإضراب عن رؤية نصف الكأس المملوء، ومن الإيجابية تبدأ حالة التفاؤل، وتورد ورود التوق إلى السعادة، وعبر الإيجابية والتفاؤل تولد السعادة وتترعرع. الإيجابية هي التربة التي يغرس فيها التفاؤل، وحين تولد شجرة التفاؤل تبدأ هذه الشجرة تفوح بعطر السعادة كأزكى العطور التي نعرفها أو نسعد بها. والسعادة ليست مرتبطة بأشياء أو ماديات، بل هي شجرة تنبت بالإيجابية وتصنع من بعد ذلك عمراً من التصالح والبهجة. يقول "تولستوي": "إننا نبحث عن السعادة غالباً وهي قريبة منّا، كما نبحث في كثيرٍ من الأحيان عن النظارة وهي فوق عيوننا". أما جورج سواريز فيقول:"السعادة تختلف باختلاف الأعمار، ففي العشرينات هي الحب، وفي الأربعينات هي الطموح، وفي الستينات هي المجد، وبعد ذلك الراحة، فالحياة منتظمة لدرجة أنك لا تجد شخصاً يسعى دائماً وراء نوعٍ واحدٍ من السعادة حتى مماته". السعادة أشمل من الأشياء والثانويات. ولو رجعنا إلى معدلاتِ الانتحار لوجدنا أن المنتحرين أكثرهم من الأغنياء الذين يملكون كل شيء ويستطيعون التمتع بأي شيء، لكن القناعة هي مفتاح السعادة، بل والبساطة كذلك. إذا رجعنا إلى سير العظماء سنكتشف أن القادة الذين نجحوا في حياتهم وكانوا سعداء فيها لم يتخلوا عن شرط البساطة، مثلاً الزعيم الهندي غاندي الذي كان يشاطر الشعب يومياته وهمومه وآلامه، وكان منهم وليس خارجاً عنهم أو غريباً عن عاداتهم، ونجد الشيخ زايد بن سلطان مؤسس الإمارات العربية المتحدة كيف كان يشارك شعبه الطعام ولا يتميز عنهم بلباسٍ ولا بنمط العيش، كان بسيطاً يأكل مما يأكل منه الناس ويتعاطى همومهم ولم يتكبر عليهم، بل كان زعيماً ملهماً وقائداً محنكاً عاش البساطة فسعد في ذاته وأسعد شعبه. السعادة بين أيدينا ولكن لابد للسعادة من مقدماتٍ حتى تنتج وتتبلور وتولد وأول المقدمات الإيجابية ثم التفاؤل ومن دون هذين الشرطين لن نجد السعادة، وحين نعثر على السعادة ستدلنا مباشرةً إلى البساطة التي تغرقنا بالبهجة والتصالح مع النفس، فهل من مدكر؟!