نحن في شهر رمضان المبارك التقوى، تبدو ظواهر سلبية تتنافى وما في هذا الشهر الكريم من خصوصية، ومن بين هذه الظواهر السلبية، ظاهرة الاسراف في الأطعمة وما يحدث في سائر المنازل من طهي وطبخ للعديد من المأكولات وإعداد للمشروبات، ثم تناول اليسير منها واتلاف ما تبقى. لقد جاء الذم القطعي الصريح للترف والاسراف في الطعام والشراب في قوله تعالى (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) والاسراف في شهر رمضان المبارك وغيره من أيام السنة منهي عنه، فانفاق الأموال على هذه النعم، ومن ثم اهدارها وإلقائها في النفايات، مخالفة لتعاليم ديننا، وأمر ينكره الشرع ويحرمه ويزيد في تحريمه الاسراف المنهي عنه، وانفاق للأموال في غير محلها، وختمها في إلقاء الأطعمة في مرمى النفايات، وحاوياتها مع الأوساخ والنجاسات فهي مخالفة شرعية كما أنها مخالفة عقلية فالعقل لا يقبل ان نرمي الطعام السليم على الفاسد في النفايات كما أنها مخالفة اجتماعية وخلقية لأنها تزيد من النفايات وأكياس القمامة، فهو منظر سيئ وروائح كريهة. وظاهرة الاسراف في الأطعمة والمشروبات في شهر رمضان المبارك لا تقتصر - مع الأسف - على الموسرين بل تشمل جميع الأسر غنيها وفقيرها وأصبحت هذه العادة السيئة صفة ملازمة لجميع الأسر وامتدت هذه الظاهرة أيضاً إلى الافطار في بعض المساجد، وذلك حينما لا يتم التنسيق مع إمام المسجد أو القائم على برنامج الافطار، فيحضر كل شخص ما يراه من الأطعمة والتمر مما يفيض عن حاجة الذين يفطرون في المسجد، وقد يكون بعضه مما لا يسهل حمله أو نقله فيرمى ويتلف. إننا مسؤولون أمام الله عن هذه النعم التي أنعم الله بها علينا، مؤولون عن شكرها وحسن التصرف فيها، وقد أمرنا - سبحانه وتعالى - بالسعي في الكسب الحلال، وفي المقابل أمرنا ان نصرفها وننفق هذا الكسب في حلال، ودونما اسراف أو تبذير، وكما نهى الله - سبحانه وتعالى - عن الشح والبخل والتقتير وحرمه، نهى أيضاً وحذر من البذخ والاسراف والتبذير. ونحن في شهر رمضان، شهر البر والاحسان، شهر المغفرة والرضوان، شهر التقوى.. يجب ان نحرص على الالتزام بهدى المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بأن يظهر علينا أثر نعمة الله - سبحانه وتعالى - ولكن دون سرف، يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري: (كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا من غير مخيلة ولا سرف، فإن الله يحب ان يرى أثر نعمته على عبده)، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما قال: (كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطاك خصلتان: سرف وخيلة) وما أحوجنا في هذا الشهر إلى ان نلتفت إلى ما نحن عليه من أمور سلبية وخاطئة في حياتنا، فنتقي الله، وليكن شهر رمضان منطلقاً لتصحيح هذه الأخطاء وان نحرص على عدم الاسراف والتبذير، وان نبدل هذه العادة السيئة إلى عادة حسنة، فنبقى على ما كان يطهى ويطبخ، ثم نقوم بتوزيعه على المستحقين من الفقراء والمساكين، أو اهداء الجيران أو المشاركة في اطعام وافطار الصائمين في المساجد والجمعيات. * الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة