تعد المدرسة الروسية السينمائية من المدارس التي أثرت الفن السابع بالكثير من الروائع واستخدام تقنيات أفادت فيما بعد في السرد البصري كما في فيلم سيرجي اينشتاين الشهير (المدرعة بوتيمكن- The Battleship Potemkin)عام (1925) وفيلم "رجل مع كاميرا أفلام - Man with a Movie Camera) لفيرتوف. ثم توالت أسماء من مثل المخرج أندريه تاركوفسكي. ثم مؤخراً هناك إندريه زفياجينتسيف وأليكساندر سوخروف وتيمور بيكمامبيتوف. من ضمن الأسماء التي برزت مؤخراً لمخرجين روس هو اسم المخرج سيرجي لوزنيستا. وكان قد عرف في بدايته كمخرج بإخراج الأفلام الوثائقية. في عام 2010 دخل فيلمه MY Joy "سعادتي" إلى المسابقة الرئيسية في مهرجان كان وفي عام 2012 نافس فيلمه In the Fog "في الضباب" على سعفة كان وحاز في نفس المهرجان على جائزة الاتحاد الفيدرالي الدولي للنقاد السينمائيين (FIPRESCI Award). تدور أحداث فيلم "في الضباب" في بلدة بيلاروس على الحدود الواقعة بين ألمانيا وروسيا عام 1942 أي أثناء الحرب العالمية الثانية حيث كان النازيون يحكمون السيطرة على البلدة. الفيلم وكما يوحي اسمه يتناول حالة ضبابية وتساؤلا أخلاقيا في زمن الحرب.. حيث سوشنيا (فلاديمير سفيرسكي) يفاجأ في بداية الفيلم بدخول أحد أصدقائه القدامى والذي يعمل في حزب يقاوم الاحتلال يتهمه بالخيانة وأنه حسب رؤية الحزب لا بد من أن يقتل لأنه وكما نعلم بالتدريج يعمل في محطة قطار وقد تم تفجير القطار من قبل زملائه وبعد اعتقاله معهم اطلق سراحه بينما أعدموا شنقاً. سوشنيا رغم اصراره على أنه لم يكن مخبراً وأنه رفض التعاون معهم لكنهم أطلقوا سراحه ليفقد احترامه بين جميع من هم حوله حتى زوجته. ولذلك ومنذ احساسه بأنه فقد احترام الآخرين كان مستسلماً للموت وجاهزاً لأن يقتل لأن الحياة لم تعد له ذات قيمه. الغريب أن من يطالب بإعدامه نراه في حالات أخرى يضعف ويفكر بأنانية حتى لو ضحى بحياة الآخرين بينما سوشنيا الصادق مطلوب منه الموت. ايقاع الفيلم بطيء جداً وذلك لا يقلل من حالة الترقب في متابعة ما يؤول إليه مصير سوشنيا. ويبدو أن المخرج يتعمد أكثر هذا البطء الذي لم يحاول حتى أن يخفف عنه باستخدام أي موسيقى تصويرية، لكنه نجح من خلال الصورة السينمائية الجميلة التي صورها أوليج موتو وأجواء الغابة والثلج المتساقط أن يبقي مشاهده متابعاً لا يراوده احساس بالملل. كما تجب الإشادة بأداء الممثلين الذي كان مقنعاً جداً. بهذا العمل يصعد المخرج سيجي لوزينيتسا إلى مرتبة جديدة بعد أن لفت الأنظار بفيلمه السابق MY Joy وهو بذلك يثبت أن السينما الروسية دائماً قادرة على إثراء المشهد السينمائي العالمي بما هو جديد ومختلف.