بعد الحملات الأمنية والكشف عن الكمية المأهولة للحوم الفاسدة المنتهية الصلاحية، أصبح الهاجس الصحي يورق مضجع كل مواطن ومقيم، فكم من حالة تسمم سُجلت بسبب شاورما ملوثة وكم من المرضى أمراضهم مستعصية من هذه اللحوم وكم الذين ماتوا بسبب هذه اللحوم حمراء كانت أو بيضاء، مؤلم أن يتاجر بأرواحنا وإلى هذه الدرجة، أما ما يؤلم أكثر فهو عدم وجود الرادع لهؤلاء الخالين من الإنسانية. المضحك المبكي حين توجه إلى أحد أصحاب المطاعم المشترين لهذا الدجاج أو اللحوم المنتهية للصلاحية بغرض المتاجرة والتلاعب بصحة الإنسان باحتجاج يجيبك بدم بارد فيقول إن التجارة شطارة وأن من له حيلة فليحتل، ثم ماذا يعني أن يُصادر القسم الصحي بإحدى البلديات الفرعية مني الدجاج أو اللحوم غير الصالحة للاستهلاك الآدمي مرة كل خمس سنوات أو أن ادفع غرامة 2000 ريال تطبيقاً للمادة 1/7/4/3 من لائحة الغرامات والجزاءات ما دمت أربح أضعافها يومياً. بعض أصحاب المطاعم من الذكاء والدهاء بحيث يحرصون على الديكور والنظافة لكن ما يقدمون من مأكولات فغالباً منتهي الصلاحية فينطبق عليهم المثل الشعبي القائل (من برا الله الله ومن جوا يعلم الله) المؤكد أن لتلك اللحوم المنتهية الصلاحية أسواقاً تُباع فيها وتُشترى والمفترض أن يُقضى على تلك اللحوم من مصادرها وقبل وصولها لتلك المطاعم، على سبيل المثال تُباع الدجاجة المبردة الخالية من المواد الحافظة المنتهية الصلاحية بريال واحد وتُحجز حجزاً، لا أصدق أن المسؤولين بالبلديات آخر من يعلم إلا إن كان (الشق أكبر من الرقعة). أحد المسؤولين الكبار طلب أن نكون حذرين حين التعامل مع المطاعم المنتشرة نتيجة حرارة الصيف وخطر التسمم، أتمنى أن يقرأ الأخ المسؤول حال لسان صاحب المطعم حين يصف دجاجته المنتهية الصلاحية وهي على الشواية حتى يعلم أنه لا سبيل لنا لمقاومة إغراءات المتلاعبين وأنه لا بد من تكاثف الجهود حتى يوقف المتلاعب عند حده. أما حال لسان صاحب المطعم فيقول واصفاً دجاجته مغرياً زبائنه إن هذه الدجاجة التي تقولون عنها ظلماً وعدوناً أنها منتهية الصلاحية بعد أن يُوضع عليها البهارات والتتبيلة سيتغير حالها ولونها ومذاقها وسوف يُشم شذى عبيرها من أُصيب بالتهابات الجيوب الأنفية المزمنة بل حتى من تهشم أنفه نتيجة حادث سير في أسبوع المرور كما أن منظرها الذي لا يقاوم سوف يسيل لعاب من لا لعاب له ويحن لها من قلبه من حجر كيف لا وهي أرق من النسيم وانعم من الزبدة وأزهى من طاووس، كالقمر في ليلة كماله ألا تعلم أن أزيز النار وهو يداعب جلد تلك الدجاجة ويدغدغ مشاعرها كمثير ومحرك لتلك الروائح الزكية التي تزيل أي تفكير أو شك بصلاحيتها فتحثنا هذه الرائحة على توثيق أواصر القربى بالتعارف والتواصل والعمل على تثبيت هذه العلاقة حتى تكون أثبت من الوشم ونكون لهذه الدجاجة احن من الأم على أولادها، كيف لا وأزيز النار وهو يداعبها يفوق صوت فيروز عذوبة وأم كلثوم أصالة ونتيجة لتلك العوامل مجتمعة يبدأ العقل الباطني بإرسال ذبذبات مفادها تنفيذ الأوامر فوراً وإلا حدث ما لا تُحمد عقباه، فيصبح من كان مروره مرور الكرام زبوناً معتمداً نتيجة دخوله مرحلة اللاوعي فيتصبب عرقاً وشفتاه تضرب إحدهما الأخرى ولسانه يواجه خطر قضم من الأسنان نتيجة التحرك اللاشعوري للسان وريقه يخترق بلعومه كالسيل الجارف محدثاً رشات لعابية خارجة من فاه متقطعة ولكنها قوية لا قدرة لها على السيطرة عليها، أما قوة دفعها فتشابه قوة دفع خراطيم المياه المستخدمة من قبل مكافحة الشغب على المتظاهرين المطالبين برغيف عيش يسد رمقهم، فينتج عن ذلك الرش صوتاً مدوياً بمجرى الأثني عشر يشابه صوت طائرة حربية اخترقت حاجز الصوت متجه لقصف أبرياء ذنبهم انهم يدافعون عن أرضهم فيحدث هذا الصوت المدوي تجاوباً منقطع النظير من قاع وجدران المعدة فيحدث حين إذ ارتداد صوتي عكسي ينتج عنه أن يكون هذا الزبون فاغراً فاه فيقول لو لو سمحت معلم معلم أعط أعط اعطططني 4 شاورما وكثر البقدونس والشطة. أما ما سيحدث بعد ذلك فهذا يرجع لقلة الأيام وكثرتها التي أعقبت انتهاء الصلاحية وكذلك الحسب والنسب والتربية التي تربت ونشأت عليها والأكل الذي أكلته والثقافة التي نهلت وترعرعت منها تلك الدجاجة وقبل هذا كله يحدد مدى تأثير الإصابة قوة وضعف المناعة لدى الزبون المسكين آكل هذه الشورما. بعد كل هذا التضليل والخداع ألا يُفترض أن يُعاد النظر في لائحة الغرامات والجزاءات وتُضاف إليها عقوبة السجن والتشهير بالذات المادة الغامضة 1/8/7 والتي تحت مسمى نصاً (مخالفات أنظمة صحة البيئة التي لم تحدد لها عقوبة معينة - بحد أدنى 100 ريال وحد أعلى 600 ريال) ألا تستحق حياة الإنسان إعادة النظر في هذه الغرامات والجزاءات، هل يُعقل أن يُعاقب صاحب سيارة محملة بالمواد الغذائية منتهية الصلاحية بغرامة قدرها مائة ريال وذلك تطبيقاً للمادة المذكورة، هل هذا رادع أم دافع ومشجع أم نلتزم الصمت ونقول من لم يمت بحادث سيارة مات بدجاجة منتهية الصلاحية؟ صورة أخرى تتحدث عن المعاناة التي يجدها المواطن والمقيم عند الإبلاغ عن المخالفات وحتى أكون منصفاً هناك من البلديات من يفرض نظاماً صحياً صارماً وتعاوناً ملحوظاً وهناك العكس تماماً وكأنهم لا يتبعون لأمانة واحدة، هذه الصورة السلبية والمعاناة سوف أتحدث عنها بطريقة هليلية كاريكاتيرية عسى أن تصل سريعاً إلى من يهمهم الأمر. حين تقديم شكوى بوجود مخالفة محتواها القبض على صرصور داخل شطيرة، عندئذ لا بد من تكوين لجنة ينبثق منها لجان حتى تتأكد من مصداقية الشكوى ويكون من مهامها التأكد من القبض على الصرصور متلبساً بالجريمة مذكوراً به الهيئة التي كان عليها داخل الشطيرة وهل هو بوضعية مستلق أو منبطح أو منجذع أو متكئ لأن هذا يعني للأطباء الشرعيين الكثير لمعرفة هل الوفاة كانت طبيعية أم انتحاراً أو جنائية؟ وهل أصيب بحروق ومن أي درجة تصنف وهل دخل متسللاً أثناء الظلام بغفلة من الشطيرة أم كانت تلك الفطيرة مفرطة ولم تحكم إغلاق الأبواب فكان من السهل اختراقها، وكذلك وزن الصرصور وهل هو من الوزن الثقيل أم من الصراصير الألمانية الشقراء الرشيقة؟ بعد عشرين سنة وبعد إلحاح شعبي أعلنت اللجنة المكلفة أن الصرصور مات منتحراً بشهادة الأطباء الشرعيين وثلة من الباحثين والدارسين أما سبب الانتحار حسب التقارير فهو احتجاجاً على البيئة السيئة التي كان يعيش بها والتي لم يحتملها كصرصور فما بالك بالإنسان حينها فقط من الممكن أن يبرر المسؤولون أن ما حدث لا يعدو كونها حالة فردية ومن الظلم تعميمها أو جعلها ظاهرة ومع ذلك فقد اتخذ اللازم تجاهها وهو إعطاء خروج وعودة 6 شهور لأحد العمال المفترض أصلاً سفره حتى يكون رادعاً للعاملين بالمطعم، وتم التنبيه على الجمهور الكريم أن وجد شكاوى مستقبلية بعدم عرضها على وسائل الإعلام بل توجه فقط إلى الأقسام الصحية في أقرب بلدية فرعية وذلك لضمان السرية وعدم عرقلة مسار المسيرة التجارية للمطعم. حقيقة لا أعلم كيف يكون المكان متسخاً وملابس العامل أيضاً رثة ويعمل بدون قفازات بل يديه مليئتان بالجراثيم نتيجة أنه المحاسب ويداه تلامسان ملايين الأيادي نتيجة تبادل العملة باستلام نقود وإرجاع باق وكذلك يقدم الوجبات ويطبخ والمسؤول الأول والأخير عن النظافة الكذابة، ولا يستبعد أن يكون يعمل بدون شهادة صحية، هل بعد كل هذا لا بد أن يُقبض على الصرصور متلبساً حتى نحدد هل هذا المطعم نظيف أم لا ألم يُقَل أن الجواب واضح من عنوانه؟