في عام 1960 كانت رواية "الطبل الصفيح" للكاتب الألماني غونتر غراس مرشحة للفوز بجائزة ولاية بريمن الحرة لكن عدداً من أعضاء مجلس الولاية عارضوا هذا الترشيح وسحبوه بسبب ما أسموه التجاوزات الأخلاقية فيها. ولم يكن هذا الحدث سوى بداية لسلسلة من النزاعات الأدبية التي ستواجه أعمال غونتر غراس على مدى سنوات الستينات الميلادية. وكان الناقد كورت تسيزل رئيس تحرير مجلة ألمانيا اليمينية المتطرفة خصماً شرساً بمقالاته النقدية التي وصف فيها كتابات غونتر غراس بأنها مجرد "قذارات لن يجرؤ إنسان عادي على كتابتها", رافعاً من حدة انتقاداته في العام 1967 عندما خاض غونتر المجال السياسي لتتجاوز إساءاته حدود النقد الأدبي إلى الجانب الشخصي مطلقاً على الروائي الكبير نعوتاً جارحة, وهو ما حدا بغونتر غراس لرفع قضية ضد تسيزل يطلب فيها من المحكمة إصدار حكم بمنع نشر الألفاظ المسيئة في مجلة ألمانيا, وقد حُكم لصالحه في بداية الأمر, إلا أن المحكمة خففت الحكم بعد الاستئناف وسمحت للناقد باستخدام هذه العبارات في حدود النزاعات الفكرية -سياسية كانت أم أدبية-. لم تحد هذه الممانعة التي وجدتها الأعمال الأولى لغونتر غراس من انتشارها ونجاحها على المستوى العالمي, فروايته الأشهر "الطبل الصفيح" وصل عدد نسخها المبيعة باللغة الألمانية وحدها أكثر من 170 الف نسخة حتى أكتوبر 1962, بحسب ما جاء في كتاب "أدباء أمام المحاكم.. الأدب الممنوع عبر أربعة قرون" للكاتب يورغ - ديتر كوغل. وتحكي الرواية سيرة طفل مصاب بتلف في الدماغ ويمتلك قدرة صوتية مذهلة قادرة على تحطيم الزجاج بطرق مثيرة للاستغراب، ثم تنتقل به الحياة التي يرتكب فيها الكثير من التنازلات الأخلاقية، التي يبررها له المجتمع بسبب مشاكله الذهنية والجسدية، ثم يصبح قارع طبول شهيرا في إحدى فرق الجاز.