من المفاهيم التخطيطية التي يجرى تطبيقها في الكثير من مدن العالم، لا سيما في أمريكا الشمالية وأوروبا وجنوب شرق آسيا ما أصطلح على تسميته بالتنمية الموجهة نحو دعم النقل الجماعي ( Transit – Oriented Development ) أو ما تعرف اختصاراً ب ( TOD )، وتقوم بصورة مبسطة على إيجاد مركز تنمية متعدد الاستخدامات (سكني مكتبي تجاري خدمي ترفيهي...) حول محور نقل عام جماعي، من أجل رفع نسبة الأشخاص المقيمين حول هذا المركز المستخدمين لوسيلة أو وسائل النقل ضمن هذا المحور في الرحلات التي يقومون بها يومياً، بما يؤدي إلى التقليل من استخدام السيارة، والتخفيف من حدة الازدحام المروري، وانبعاث الملوثات من عوادم السيارات، وإيجاد بيئة صحية تقوم على المشي والحركة إضافة إلى تحقيق عائد أفضل لوسائل النقل العام، وتوفير مناخ لمزيد من الانشطة الاقتصادية، واتاحة فرص عمل سهل الوصول إليها، ومنح قيمة مضافة للمناطق المحيطة بتلك المراكز، وتوسيع دائرة الخيارات في التنقل، بدلاً من الاعتماد على وسيلة واحدة فقط. هذا النوع من التنمية الذي يهدف إلى الرفع من كفاءة أنظمة النقل العام الجماعي وزيادة عدد مستخدميها لاقى نجاحاً كبيراً في مدن عديدة، مثل هونغ كونغ الذي جعل نظام المترو لديها من أكثر أنظمة العالم كفاءة في تلك المدينة، وأحد الأنظمة القليلة للنقل العام التي تحقق أرباحاً على مستوى العالم، وفي مدينة بورتلاند الأمريكية أدى تبني هذا النمط من التنمية إلى استخدام 30 % من سكان المناطق المحيطة بمحطات المترو لهذه الشبكة من وسائل النقل العام، كما أن هيئة الطرق والمواصلات في مدينة دبي تعتزم تنفيذ مشروع يأخذ بهذا التوجه من خلال إعادة تخطيط المناطق المحيطة بمحطات المترو وتطويرها حسب مبادىء التنمية الموجهة نحو تشجيع النقل الجماعي، وجعلها أشبه بمدن صغيرة خالياً تقريباً من المركبات. في مدن المملكة يأخذ تطوير طريق الملك عبدالله في مدينة الرياض بهذا التوجه اعتماداً على التنفيذ المتوقع لشبكة المترو على امتداد هذا المحور المتعدد الاستخدامات والمخطط لأن ترفع الكثافة لتلك الاستخدامات على طول امتداده، وكذلك تبني ذات المفهوم في تطوير المراكز الحضرية التي يبلغ عددها ستة مراكز مرادفة لمركز المدينة، التي تم اعتبار مركز الملك عبدالله المالي يمثل واحداً منها. ما نتمنى أن يؤخذ بهذا المفهوم التخطيطي خلاف ما تم تبنيه في مدينة الرياض هو في تنمية مشاريع الاسكان الحكومية التي نأمل ألا تكون فقط مقر سكن تأوي إليه الأسر العاملة في نهاية كل يوم، وإنما تنشأ لتصبح مناطق تنمية جديدة تتوفر بها فرص العمل والإنتاج والحركة التجارية والخدمات وأماكن الترفيه إضافة إلى الوحدات السكنية المتنوعة التي يمكن استقطابها حول محور حركة نقل عام جماعي يربطها ببقية مناطق التنمية الأخرى في المدينة.