عندما نسمع في البداية عن فيلم ألماني عن النازية وهتلر، نعتقد للوهلة الأولى أننا قد سمعنا كل ما يمكن أن يقال. أفلام كثيرة جداً تحدثت عن النازية وعن الهولوكوست وعن هتلر نفسه وعن قادة الحرب وعن الألمان الذين كانوا في تلك الفترة وظلموا في أنحاء أوروبا الأخرى لمجرد أنهم ألمان.. ومع ذلك ما يحكيه فيلم لور Lore يبدو مختلفاً وجذاباً وجديراً بالتأمل. قصة الفيلم مقتبسة من رواية (الغرفة المظلمة-The Dark room) للكاتبة البريطانية ريتشل سيفرت والتي تحكي ثلاث حكايات عن ثلاثة شخصيات ألمانية وعلاقتها بالحرب وإحدى هذه الحكايات هي لور، وقد كتب سيناريو الفيلم مخرجة الفيلم الاسترالية كيت شورتلاند وروبين موخيرجي وهو يحكي قصة مراهقة في الرابعة عشرة من عمرها تُترك مع أختها وأخويها التوأم ورضيع لتواجه ويلات الحرب بعد أن هزمت ألمانيا وأصبحت أمها وأبوها الضابط في الجيش النازي مطلوبين لقوات التحالف. لور التي عاشت على تمجيد الفورهر "هتلر" وعلى أن النصر حليف ألمانيا تكتشف في رحلة الجوع والألم التي تعيش فيها لحظات مروعة مع إخوتها في رحلتها إلى بيت جدتها أنها كانت تعيش كذبة كبرى وأن هناك كما هائلا من الكره عليها أن تواجهه في داخلها تجاه آخرين تربت على مقتهم وعلى كره الآخرين لها بسبب أمها وأبيها. ويلات الحرب التي عاشها الألمان وخاصة هؤلاء الضحايا الذين لم يكونوا يوماً شركاء في صناعة النازي لكنهم كانوا قريبين منه هو ما يكشفه الفيلم بأسلوب بصري أخاذ هو أسلوب كيت شورتلاند الذي تؤكد فيه بصمتها الخاصة بعد فيلمها الأول ٍSomersault. إنه أسلوب شعري تصبح فيه الكاميرا مرآة للحالة الداخلية للشخصيات وخاصة لور التي أدت دورها ببراعة الممثلة الألمانية الشابة ساسكيا روزيندال. ورغم اختلاف مدير التصوير وفريق العمل عن فيلمها الأول، نرى تكامل عناصر الفيلم واضحاً هنا أيضاً ليعطي نفس الشكل الشعري الممتد من تصوير ومونتاج وأداء وموسيقى تصويرية. إيقاع الفيلم بطيء لأنه يريد أن يسجل حالة التدهور والإذلال التي عاشتها الشخصيات وألمانيا ذاتها في فترة قصيرة زمنياً ولكنها مؤلمة وصعبة نفسياً. والنهاية ترينا تحديداً أثر الرحلة على لور وماذا تغير داخلها بعد كل ما مرت به. حاز فيلم "لور" على العديد من الجوائز ومنها جائزة نقابة المخرجين الأستراليين كأفضل فيلم وجائزة الفيلم الألماني كثاني أفضل فيلم كما رشح للعديد من الجوائز الأخرى في معظم الفئات كالموسيقى التصويرية وأفضل ممثلة وأفضل مونتاج وأفضل صوت وأفضل سيناريو. المخرجة شورتلاند مقلة في أفلامها فقبل لور ليس لديها سوى فيلمين: Somersault 2004 وفيلم تلفزيوني The Silence 2006، لكنها تؤكد لمن يشاهد "لور" أن أعمالها تستحق الانتظار.