في متابعةٍ للتغطيات الصحافية لفوز المرشح الإصلاحي حسن روحاني وجدتُ أكثر من صحيفة وصفتْه ب»المعتدل» وهذا صحيح إذا ما قورن بالرئيس الذي يحزم أمتعته الآن أحمدي نجاد. ومن ثم تذكرتُ الوعود التي أطلقها روحاني إبان حملته الانتخابية، وأذكر منها على سبيل المثال أقواله: يمكن أن تلعب إيران والمملكة العربية السعودية دورا إيجابيا في التعامل مع القضايا الإقليمية الرئيسة مثل الأمن في الخليج. روحاني قال أيضاً إن إيران تشترك مع خمسة عشر بلدا في حدودها البرية والبحرية، وكل هذه البلدان مهمة بالنسبة لنا، أما فيما يتعلق بالمملكة العربية السعودية، فأعتزم تحويل الخصومة التي تفاقمت للأسف في الفترة الأخيرة بين البلدين إلى احترام متبادل وتدابير تصب في مصلحة الطرفين والتعاون بين البلدين لتعزيز الأمن واستعادة الاستقرار في المنطقة! الوعد الأهم لروحاني تجلى في اعتزامه عدم التدخل مطلقاً بالشؤون الداخلية لأي بلد، وهذا يهمنا نحن الخليجيين، لقد عاث النظام الإيراني خلال الفترة التي نشطت فيها الاضطرابات فساداً في البحرين خصوصاً، وفي الخليج عموماً، خلايا تجسس اكتشفناها في الخليج وممارسات عنفية واتصالات خارجية كلها بدعمٍ من حزب الله وإيران، هذه الوعود «الروحانية» يمكنها أن تكون نافذةً جديدة لصياغة علاقة أكثر تعاوناً وأقل صداماً بين الخليج وإيران، وهذا لا تحتاجه دول الخليج فقط بل تحتاج إيران أيضاً إلى التعاون مع دول الخليج فهي لن تستغني عنها مهما كانت قوتها. لكن بنفس الوقت وبقدر المشاعر الإيجابية التي يلوّح بها روحاني بعد قدومه إلى الرئاسة لا يمكننا أن ننسى أن إيران جسم واحد والاختلافات بين المناهج لا تعني أن علاقتنا بإيران ستكون مثل علاقتنا بأي دولةٍ شقيقة، ولو أخذنا الكثير من البرامج التي اعتمدها الخميني بعد الثورة لوجدنا أساسها قبل الثورة منذ عهد الشاه وبعضها أسس قبل عقود طويلة من الثورة، مثلاً التوسع إرث فارسي طويل وكذلك الموقف من البحرين كان منذ عهد الشاه إذ طمع بها طويلاً وكذلك البرنامج النووي الإيراني كان قبل الثورة مجهزاً على مستوى التخطيط وبدء التنفيذ. بآخر السطر، التفاؤل الزائد ليس جيداً لكن هناك وعود من روحاني تذكرنا بمرحلة محمد خاتمي التي كانت هادئة وشهدت فيها العلاقات السعودية- الإيرانية تطوراً، لكن هل تصدق وعود روحاني؟ وهل تنفذ؟ هذا ما سنتابعه في السنين القادمة التي يتسنم فيها سدة الحكم..