يتطلع منسوبو الجامعات الخليجية إلى إنشاء "رابطة خليجية" للتعاون الأكاديمي والإداري، تتظافر فيها الجهود التعليمية والإدارية، مما يُتيح الفرصة إلى خلط التجارب الناضجة، في مجتمعات يتشابه بها الإرث الثقافي. ولكي تتحقق الفائدة على مستوى التعليم الأكاديمي والجامعي لطلاب جامعات دول الخليج لابد من إنشاء "رابطة للجامعات الخليجية"، تعنى بربط جامعات مجلس التعاون الخليجي بمنظومة من العلاقات، تستطيع من خلالها أن توجد تفاعلاً حقيقياً، ويقع على عاتقها عملية التنظيم والإشراف على مد جسور التواصل بين الجامعات، على أن تتولى الأمانة العامة لمجلس التعاون مسؤولية التنسيق والتنظيم، كما أنه من المُهم أن يكون هناك تبادل بين الأساتذة في الجامعات، تحت مظلة إتفاقيات تصدر من السلطة العليا في مجلس التعاون الخليجي، تحث أو تُلزم الجامعات بإتاحة الفرص للأساتذة في الخليج، للإسهام في التدريس بالجامعات الخليجية، وأن يكون التعامل كما لو كان مواطناً من حيث الامتيازات، ولا مانع من الالتقاء كل عامين في إحدى دول التعاون الخليجي وبشكل دوري، وهي فرصة للتعارف وطرح القضايا المشتركة بين الجامعات، وتبني قرارات مشتركة تضمن إتاحة الفرصة للتعاون الفكري والثقافي، مما ينعكس بشكل إيجابي على دول المنطقة. هدفها تنسيق مجالات البحث العلمي وتبادل الخبرات البشرية والتقنية وتفعيل الاتفاقيات الثنائية قوة المعرفة وقال "د.علي بن عبدالهادي المري" - أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة قطر-: إن الاستثمار في البشر هو ثروة حقيقية، فهم بُنية اقتصادية تعتمد على الاستدامة، التي تنقل هذه الدول إلى مراحل متطورة من الرقي الإنساني، مشيراً إلى أننا لن نستطيع الوصول الى هذه المرحلة الحضارية إلاّ بقوة المعرفة التي تعتمد على مؤسسات التعليم ومراكز البحث العلمي، مضيفاً أن هناك تعاوناً بين الجامعات الخليجية على صيغة اتفاقيات في مراكز البحوث أو بعض الكليات، لكن لم يتحقق التعاون المنشود، مرجعاً السبب إلى أن بعض الجامعات الخليجية مازال معظم كادرها من جنسيات مختلفة غير خليجية أو غير عربية، تأتي بعقود وقتية، وليس لديها مبادرة أو رغبة في التعاون مع الجامعات الخليجية، بل وليس لديها القرار في اتخاذ مثل هذه الخطوات. التعاون البحثي بين الجامعات الخليجية يقدم حلولاً لمشكلات المجتمع الواحد أرضاً وثقافة تبادل الخبرات وأكد "د.المري" على أنه من الأسباب أيضاً هو تركيز بعض الجامعات على التعاون مع الجامعات الأجنبية، في محاولة للوصول الى الاعتماد الأكاديمي لها ولبعض كلياتها، كما أن البعض القائمين على الجامعات يعتقدون أنه لا جدوى من التعاون على المستوى الخليجي؛ لاعتقادهم أنها في مستويات أقل من الجامعات الأخرى، مبيناً أنه تمت العديد من اللقاءات بين بعض المسؤولين في الجامعات الخليجية وعُقدت بعض الاتفاقيات التي لا يجري العمل بها، أو تتعرض لبعض المعوقات، ذاكراً أن بعض اللقاءات على المستوى الرياضي والطلابي يؤدي الى زيادة التضامن بين الشباب الخليجي، ويساعد على تبادل الخبرات فيما بينهم في المجالات العلمية، لافتاً إلى أنه على المستوى الأساتذة فيقتصر التعاون على بعض الجمعيات العلمية المتخصصة مثل جمعية علماء الاجتماع في الخليج. د.علي المري مجهود فردي وشدّد "د.المري" على أهمية التبادل بين الأساتذة في الجامعات تحت مظلة اتفاقيات تصدر من السلطة العليا في مجلس التعاون الخليجي مثلاً، تحث أو تُلزم الجامعات بإتاحة الفرص للأساتذة في الخليج للاسهام في التدريس بالجامعات الخليجية الأخرى، وأن يكون التعامل كما لو كان مواطن من حيث الامتيازات، مضيفاً أن هناك بعض جامعات الخليج بحاجة إلى كوادر مؤهلة، ودولها تعاني من ندرة سكانية، لذلك عليها أن تتيح المجال للشباب الخليجي المؤهل والمناسب للتدريس الجامعي، مبيناً أنه من المهم أن يكون التعاون على مستوى برامج الدراسة العليا على الكليات في الجامعات الخليجية، مع إتاحة الفرصة لطالب الدراسة العليا أن يختار "مشرف خارجي" من بعض الجامعات الخليجية، حيث سيثري ذلك البحث العلمي ويزيد من التعاون بين الأكاديمين. وعن التجارب الجامعية، قال: إن برنامج دراسات الخليج لدرجة "الماجستير" في جامعة قطر استقطب أساتذة من البحرين والإمارات وعمان، وهو خطوة جيدة تتطلع الجامعة لتوسعها مستقبلاً، موضحاً أن تجاربه أقتصرت على جهود شخصية في تخصصات مختلفة من كافة الدول الخليجية، حيث يحرص بمجهود فردي على التواصل معهم لتبادل الخبرات العلمية. أنشطة طلابية وقال "د.سيف المحروقي" - قسم اللغة العربية في جامعة الإمارات العربية المتحدة -: إن التعاون بين جامعات الخليج يكاد يكون محصوراً بشكل ضيق، مضيفاً أنه لا يحضره شاهد قوي على هذا النوع من التعاون، وكأن جامعاتنا في الخليج تعمل منفردة عن بعضها البعض، مبيناً أنه على الرغم من توافر العناصر الخليجية المؤهلة والمتميزة، إلاّ أن الأنظار تتجه نحو عناصر أخرى من خارج دول مجلس التعاون الخليجي، وإن كنت أحاول أن أجد تفسيراً لهذا فإنني أصل إلى قناعة مفادها ألا سبب مقنع وراء هذا العزوف، متسائلاً: هل نلقي باللوم على وزارات التعليم العالي؟، أو على وزارات التربية والتعليم؟، مشيراً إلى أن لهم دوراً أساسياً في ربط جامعات الخليج العربي بشبكة من التكامل تستهدف الأكاديمي والطالب والإداري، ذاكراً أن المشاركة الخليجية بين الجامعات مقتصرة وبشكل ضئيل على بعض الأنشطة الطلابية، وتحديداً في المسابقات الطلابية في الشِّعر والخطابة والقصة والرسم، وأمور أخرى هي دون طموح الطالب وكذلك الجامعات. تحقيق التقارب وأكد "د.المحروقي" على أن بعض الطلاب أبدوا ارتياحا كبيراً لمشاركتهم وخوضهم في مثل هذه التجارب، مما ينم عن رغبة جامحة في التعرف على أقرانهم في الجامعات الخليجية، مضيفاً أنه على مستوى التعاون الأكاديمي والإداري قد يكون معدوماً، متأسفاً على أن الأنظار تشخص إلى خارج الخليج العربي، على الرغم مما يجمعنا من عادات وتقاليد ووحدة مصير، لا أقول هذا انتقاصاً من الكوادر الأخرى، وإنما من باب أن الأقربين أولى بالمعروف، لافتاً إلى أن التجارب أثبتت أننا كلّما اقتربنا من بعضنا ازددنا تلاحماً وقوة، وتمكنا من تحقيق التقارب على المستوى الذاتي والثقافي، ومما لاشك فيه أن الوسط الجامعي أقدر من غيره على التمازج مع أشباهه، وكذلك التمازج مع كافة العناصر المختلفة. وأضاف: كانت المشاركة في الملتقى التنسيقي للجامعات والمؤسسات المعنية باللغة العربية الذي نظمه مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز لخدمة اللغة العربية في الرياض في الفترة من 27-29 جمادي الآخرة، الموافق 7-9/5/2013م، نوعية وناجحة بامتياز، حيث استطعنا من خلال هذا الملتقى أن نتعرف على إنجازات جامعات الخليج العربي في خدمة اللغة العربية، وكذلك الالتقاء بأساتذة خليجيين وإداريين على قدر عال من التميز والخبرة والكفاءة. رابطة جامعات وشدّد "د.المحروقي" على أن الوقت حان لنراجع أوراقنا، ونلتفت إلى كوادرنا الخليجية، ونسعى إلى تعزيز شبكات التواصل بين الجامعات، وكذلك تبادل الكوادر وتفعيل الأنشطة والمسابقات بشكل يتيح لنا التعرف على بعضنا البعض، ويليق بوحدتنا الخليجية، مضيفاً أن أولى هذه الخطوات إنشاء رابطة للجامعات الخليجية، تعنى بربط جامعات مجلس التعاون الخليجي بمنظومة من العلاقات، تستطيع من خلالها أن توجد تفاعلاً حقيقياً، ويقع على عاتقها عملية التنظيم والإشراف على مد جسور التواصل بين الجامعات الخليجية، داعياً الجامعات إلى أن تبادر كل واحدة منها إلى مد جسور التواصل مع بعضها البعض، والتعرف على ما عند الآخر من برامج وأنشطة، وكذلك ترسيخ الرغبة في تبادل الخبرات والكفاءات، لنرسم واقعاً حقيقياً لأشكال التعاون المثمر بين جامعاتنا الخليجية، متمنياً أن نلتقي ولو لمرة واحدة كل سنتين في دولة من دول التعاون الخليجي وبشكل دوري، وهي فرصة للتعارف وطرح القضايا المشتركة بين الجامعات، وتبني قرارات مشتركة تضمن إتاحة الفرصة للتعاون الفكري والثقافي، مما ينعكس بشكل إيجابي على دول المنطقة. أبحاث مشتركة وقالت "د.نجوى صابر" - أستاذ نقد الأدب في جامعة طيبة بالمدينة المنورة -: في السنوات الأخيرة ضاقت دائرة التميز الطلابي والإبداع والبحث العلمي، حيث أقترحت خيارات عدة لتحفيز الطلاب منها؛ تبادل الزيارات الجامعية الدولية للوفود الطلابية والأبحاث المشتركة والمسابقات الأكاديمية، على اعتبار أنها تُفعّل التنافسية وتستثير الهمم، مُشيدةً بإلزام جامعة طيبة منسوبيها في السلك التعليمي بالابتعاث لإكمال الدراسات العليا، حيث تُعد تجربة علمية وثقافية لا يمكن استبدالها بالأبحاث العلمية، وتسهم في صقل الشخصيات وتثرى الفكر البحثي. وأوضحت "د.ليلي السبعان" - قسم اللغة العربية في جامعة الكويت - أن أي مؤسسة تعليمية يفترض أنها تحوي خطة سنوية أو خمسية، تهدف إلى التطوير الإداري، تحت تقييم دوري سابق ولاحق، يرسخ مبدأ الجودة التعليمية والإدارية، مضيفةً أن التعليم رؤية عامة تحقق الأهداف العامة لدول مجلس التعاون، وهذا ينطبق على الإفادة من حيث انتهى الآخرون، ومزجه بالتعليم عن بُعد أو الالكتروني، وكذلك الإفادة من تجربة دول الخليج إختصاراً للوقت. رصيد علمي وعن تجربتها مع الطلاب السعوديين في جامعة الكويت، قالت "د.ليلي السبعان": أضافوا رونقاً وحراكاً تعليمياً، وكذلك بهجة للعمل الجماعي، مضيفةً أن سور التقارب الثقافي الخليجي يخلق متعة التعاون المشترك والتبادل في عدة جوانب فنية وإدارية، موضحةً أنه عند وجود لجان تسهم في مشاركة دورية للجامعات الخليجية يكون العمل أكثر متعة ونضجاً. وأكدت "د.ضياء عبدالله الكعبي" - نقد أدبي من جامعة البحرين - على أن التلاقح الفكري للكفاءات الأكاديمية والإدارية في جامعات الخليج، يزيد من الرصيد العلمي ويرفع جودة التعليم، وهي فرصة حقيقة لتنمية الأستاذ الجامعي، خاصةً في الشراكة البحثية، مضيفةً أن جامعات الخليج تضم كفاءات علمية وبحثية يمكن الإفادة منها، وتكوين رؤى مختلفة، مستشهدةً بنماذج ناجحة للاتفاقات التعاونية مع الجامعات الأوروبية. محفز للإبداع وأشارت "د.ضياء الكعبي" إلى أن البيئة الخليجية محفزة للإبداع لعدة امتيازات منها؛ الشعور بالأمان، وتشابه الثقافات والعادات والتقاليد، وهي وحدة ثرية بالتجديد حتى لا يقضي الأستاذ الجامعي التدريس بعيداً عن الإنتاج البحثي وأساليب التطوير، مضيفةً أن الجمال الفكري في الاختلاف والتنوع، مقترحةً أن يكون شرط التعاون الأكاديمي في جامعات الخليج اختيارياً للترقية، لافتةً إلى أن هناك نسبة لا يستهان بها من الطلاب السعوديين يدرسون في جامعة البحرين الحكومية أو الجامعات الخاصة، نجحوا في وضع بسمة مميزة وحضور جيد، موضحةً أنهم ينتقون التخصصات التنموية النادرة أو الأكثر عمقاً، وهذا ينم عن نضج ثقافي فكري وثقافة معينة.