تغمرني سعادة غامرة وامتنان دافق لخدمتي كسفير كوري لدى المملكة العربية السعودية للثلاثة أعوام الماضية. وأود أن أشكر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وكافة شعب المملكة على حسن الاستقبال والضيافة والود الذي أبدوه لي خلال فترة عملي. إن فترة عملي هنا أصبحت فصلا من أفضل فصول خبرتي على الإطلاق. وإذ أختتم عملي في المملكة، أود أن أستعرض بعض الإنجازات والخبرات. وفوق كل شيء، هناك سلسلة فعاليات هامة أقيمت بنجاح عام 2012 لإحياء الذكرى ال 50 للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين. فقد استضيفت كوريا لدى مهرجان الجنادرية بالرياض كما دعيت المملكة لمعرض سيئول الدولي للكتاب 2012 كضيفي شرف على التوالي. وحققت نتائج الفعاليتين نجاحا عظيما. فقد زار فخامة الرئيس لي ميونغ – باك المملكة لحضور حفل افتتاح مهرجان الجنادرية إلى جانب الملك عبدالله كما ساهم معرض سيئول الدولي للكتاب بشدة في توسيع وتعميق أفق تفاهم الشعب الكوري حول ليس فقط المملكة بل أيضا الثقافة العربية والاسلامية. وخلال فترة عملي، بذلت أيضا جهدا مكثفا لتوسيع علاقاتنا الثنائية في العديد من المجالات. فالبلدان كوريا والمملكة تبحثان الآن في سبل إبداعية نحو مزيد من العلاقات المتطورة في مجالات الدفاع والرعاية الصحية والطاقة والعلوم والثقافة والسياحة والتعليم وتقاسم المعرفة وكان هناك مغزى كبير لزيارة معالي وزير الدفاع الكوري كيم كوان – جين إلى الرياض في فبراير الماضي وتوقيعه اتفاقية تعاون دفاعي مع صاحب السمو الملكي ولي العهد وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز. فقد وقعت الحكومتان البرنامج التنفيذي للتعاون حول الصحة والخدمات الطبية العام الماضي. وكان الوفد السعودي برئاسة د. عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة، وزير الصحة، قد زار سيئول في أبريل من هذا العام. وشكل إبرام اتفاقية التعاون حول الاستخدام السلمي للطاقة النووية بين البلدين في نوفمبر 2011 نقطة تحول هامة لتعزيز وتشجيع البحوث المشتركة في مجال الطاقة النووية والمتجددة. كما زار الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، رئيس الهيئة العامة السعودية للسياحة والآثار، كوريا الشهر الماضي ووقع برنامجا تنفيذيا لدفع التعاون في مجالات السياحة والحرف اليدوية الذي سيساهم في تشجيع توظيف النساء. وأخيرا، في مجال التعليم، يدرس أكثر من 500 طالب في جامعات كوريا بموجب برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي. والجدير بالذكر أن الحكومة الكورية نفذت بنجاح برنامج اقتسام المعرفة مع المملكة منذ عام 2010، كي يتم توطين المعرفة والخبرة التي اكتسبتها كوريا من خلال التنمية وتحويل اقتصاد المملكة إلى اقتصاد مبني على المعرفة. وفي ضوء تلك الجهود، طبعت السفارة الكورية في بداية هذا الشهر كتاب "من اليأس إلى الأمل " باللغة العربية الذي يلقي الأضواء على سياسات واستراتيجيات المراحل الأولى للتنمية الإقتصادية في جمهورية كوريا. ولكي نجعل تلك التبادلات الفعالة أكثر قبولا، أود أن أشيد بتشغيل خط مباشر للخطوط الجوية الكورية بين سيئول والرياض و(جدة) الذي استؤنف في نوفمبر 2012. فقد ساهمت تلك الفعاليات والتبادلات في تقوية الصداقة وتعزيز التفاهم المتبادل لمزيد من التعاون بين البلدين مما ساهم في إرساء قواعد شراكة رابحة ومتساوية الفائدة للطرفين للخمسين عاما القادمة كما فعلنا في الخمسين عاما الماضية. وفي الوقت الذي أشعر فيه بحزن عارم لمغادرتي هذا البلد العظيم وشعبه، فإنني سعيد بأن عودتي إلى كوريا جاءت في وقت تتأهب فيه علاقاتنا للانطلاق إلى عهد جديد من التعاون. إنني واثق من أن الأجيال القادمة في البلدين سوف تعمل سويا يدا بيد من أجل تحقيق ازدهار مشترك على المستوى الثنائي في المستقبل القريب جدا وتوطيد السلام والرخاء الدوليين. إنني سوف أستعيد دائما ذكريات عملي الجميلة في المملكة. ومرة أخرى أود أن أبعث امتناني الخالص لقيادة وحكومة وشعب المملكة العربية السعودية متمنيا للمملكة والمنطقة أفضل الأمنيات في كافة مساعيهم النبيلة. * السفير الكوري لدى المملكة