خرج ذلك المريض المسن من العيادة الطبية حاملا معه أوراق الأشعة وتحليل الدم مع الوصفة الطبية متوجها إلى حيث المختبر ومكان الأشعة الصوتية.. بعد ذلك أخرج أوراق الصيدلية وأعطاها مراسله الخاص طالبا منه ان يجلب له الدواء من الصيدلية فقد أنهكه التعب وطال عليه الانتظار هنا وهناك.. ولكن! ما الذي حدث؟! جاءه المراسل إلى المنزل يحمل معه كيسا كبيرا يحتوي أنواعا من الأدوية.. أصابته الدهشة وارتسمت على وجهه علامات من الاستفهام: ما كل هذا الدواء؟ حبوب كثيرة، بخاخات، حقن، مراهم؛ لماذا كل هذا؟.. ماذا سأفعل به؟.. كيف سأتناوله.. أين سأضعه؟ آه!! عزيزي المريض إنه مشهد يتكرر أمامنا يوميا، ولكني سأقف اليوم معك اطلب منك بأن تأتي للصيدلية بنفسك أو من يقوم بمتابعة حالتك الصحية لتستلم علاجك ومن ثم لتحصل على الاستفادة المرجوة من الصيدلاني الذي سيقوم بتقديم الاستشارة الدوائية اللازمة لك ولكل مريض. إن الاستشارة الدوائية للمريض من قبل الصيدلاني هي مرحلة مهمة من مراحل صرف الدواء، فهي تعمل على تخفيف الحمل وإزالة الوهم لدى المريض عند استلامه للدواء، ومن حق المريض هنا ان يعلم من الصيدلاني أمورا عدة تسهل عليه كيفية تعامله مع الدواء، وهذا يتضمن اسم الدواء، الغرض من استخدامه، مدة العلاج المطلوبة، كيفية حفظ الدواء، بعض الآثار الجانبية، التداخلات الدوائية مع الأدوية الأخرى أو حتى مع بعض أنواع الأطعمة إلى ما شابه ذلك من معلومات سيحصل عليها المريض عند استلامه للدواء... وهنا قد يستوقفني البعض ليقول ان المعلومات الدوائية قد تكون مكتوبة على علبة الدواء وهي كافية فلا داعي لحضور المريض أو من يتابعه صحيا إلى الصيدلية.. ولكن ما أثبتته التجارب العملية بأن الحوار القائم بين المريض والصيدلاني هو أعمق وابلغ تأثيرا في ترسيخ المعلومات من عبارات كتبت لتثبت هذه المعلومات، ليس هذا فحسب بل أن إنشاء حوار بين الصيدلاني والمريض عن الدواء المصروف يعزز الثقة لدى المريض بالدواء مما يؤدي إلى زيادة تقبل المريض للدواء وهذا يؤدي إلى استمرارية تناول الدواء وهو ما يسعى اليه الفريق الطبي، حيث ان تشخيص الحالة المرضية لا يثمر ما لم يتم علاجها وأحد طرق العلاج هو تناول الدواء بالطريقة المرجوة منه. عزيزي المريض.. ان أحد مهام الصيدلاني هو إبعاد المريض عن الكثير من الأخطاء الدوائية الناجمة عن تناول الدواء بطريقة خاطئة وهذا إنما يتأتى بتقديم الاستشارة الدوائية الطبية اللازمة من قبل الصيدلاني للمريض. ونتيجة للدراسات فإنه قد تبين ان هناك الكثير من الأدوية الخطأ التي كانت ستعطى للمريض سواء عن طريق الوصف أو الصرف الخاطئ للدواء قد تم اكتشافها قبل تسليمها للمريض وذلك بإنشاء الحوار الناجح بين الصيدلاني والمريض.. واذكر هنا ان من واجب الصيدلاني الحد من الاشكالات التي قد يقع فيها المريض نتيجة للتشابه الشكلي للأدوية، ذلك ان هناك بعض الأدوية التي تستخدم لأغراض مختلفة قد وضعت في مغلفات وعلب متشابهة مما يؤدي بالخطأ إلى تناول دواء عوضا عن دواء آخر.. وهنا يأتي دور الصيدلاني عند الاستشارة الدوائية بالتأكيد على المريض بأن يفصل كل دواء على حدة ويتأكد من الدواء الذي يأخذه حتى لا يقع بهذا الخطأ. وفي الاستشارة الدوائية يؤكد الصيدلاني على المريض بأن يتم مدة العلاج ولا يقوم بتقليص المدة اللازم اكمالها للعلاج خاصة عند الشعور بالتحسن وغياب اعراض المرض.. وقد يقوم المريض احيانا بأخذ الجرعات اليومية مع بعضها البعض.. هنا ينبغي على الصيدلاني التأكيد على المريض بأن يلتزم باوقات الجرعات المقررة وعدم تقليص أو زيادة الوقت فيما بينها. واثناء الاستشارة الدوائية يقوم الصيدلاني بتعريف المريض ببعض الاثار الجانبية التي قد يعاني منها المريض اثناء تناوله للدواء المصروف له وكيفية التعامل معها أو حتى كيفية السيطرة عليها ان كان ممكنا، فمثلا ان كان الدواء يزيد من حموضة المعدة عندها يرشد الصيدلاني مريضه بان ياخذ الدواء بعد الطعام مباشرة وان كان يسبب النعاس هنا يحذر الصيدلاني المريض من اخذ الدواء اثناء النهار أو اثناء اوقات العمل ويطلب منه بان ياخذه عند النوم ليلا. ومن خلال الاستشارة الدوائية يتعرف المريض على كيفية حفظ الدواء وطريقة تخزينه خاصة اثناء السفر والتنقل حيث يبادر المريض بسؤال الصيدلاني عن بعض طرق حفظ الدواء في حالات طارئة ليجيب عليه الصيدلاني فهو الاقدر على تقديم مثل هذه المعلومات. ان المبادرة بتقديم الاستشارة الدوائية من قبل الصيدلاني للمريض تتضمن ايضا اعلام المريض أن هناك أدوية تحمل اسما علميا واحدا باشكال دوائية مختلفة وهذا بدوره يؤدي إلى أخذ الدواء نفسه بجرعات مضاعفة لذا يقوم الصيدلاني بالتنويه إلى هذا الامر أثناء حواره مع المريض عند مجالسته في الاستشارة الدوائية. مما سبق نخلص إلى مدى أهمية الاستشارة الدوائية والى مدى أهمية إنشاء حوار فعال بين المريض والصيدلاني.. ولا بد من القول هنا بان الحوار لن يكون ناجحا إلا إذا طبق الصيدلاني مع مريضه مرحلة استرجاع المعلومة المعطاة له وذلك بأن يطلب الصيدلاني من المريض إعادة ما ألقاه عليه من المعلومات الهامة خاصة عند التعامل مع الادوية عالية الخطورة وادوية الاطفال أو الادوية التي تستخدم بجرعات غير منتظمة خلال ايام الاسبوع. بعد كل ذلك، اطلب منك عزيزي المريض بأن لا تتردد بسؤال الصيدلاني عما يجول في خاطرك من سؤال حول دوائك، فسؤالك هو حق لك واستجابة الصيدلاني واجب عليه. * قطاع الرعاية الصيدلية